تركز وسائل الإعلام الروسية على تواصل بين أوكرانيا و”هيئة تحرير الشام” المسيطرة على إدلب شمال غربي سوريا، لإطلاق سراح مقاتلين شيشان وجورجيين، مقابل منح “تحرير الشام” طائرات مسيرة.
ما مصدر المعلومات
وتناقلت وسائل إعلام روسية (رسمية وخاصة) منذ يوم أمس، السبت 14 من أيلول، تقريرًا جديدًا لـ”أيدنليك” نشرت فيه صورة ادعت أنها التقطت في إدلب في 18 من حزيران الماضي، للقاء أحد قياديي “هيئة تحرير الشام” يدعى هيثم عمري مع وفد أوكراني.
وهذا هو ثاني تقرير لصحيفة “أيدنليك” (aydinlik) المقربة من “حزب الوطن” اليساري التركي، عن ذات القضية.
الصورة أظهرت شخصين مجهولين يتحدثان وهما واقفان على رصيف، دون وجود أي إشارة تدل على مكان وجودهما، ودون حراسة.
“تحرير الشام”، صاحبة السيطرة في إدلب شمال غربي سوريا، معروفة باتخاذها إجراءات أمنية متعددة في اجتماعات قيادتها خاصة فيما يتعلق بمكان الاجتماع، ما يعني صعوبة الوصول إلى صور أو فيديوهات لاجتماعات على مستوى استخباراتي كهذا.
وكانت “هيئة تحرير الشام” اعتقلت خلال السنوات الماضية عددًا من المقاتلين الأجانب، منهم شيشانيون.
وترفع الصحيفة شعار “العمل، الشرف، الوطن”، وهي مقربة من حزب “الوطن”، المعروف بمواقفه القريبة من روسيا، واعتراضه على السياسات التركية القريبة من “الناتو”، وكان له دور في إصلاح العلاقات بين تركيا وروسيا عندما أسقطت تركيا طائرة روسية في سوريا عام 2015.
معلومات تصل رأس الهرم في موسكو
ذكرت الصحيفة التركية أن تقريرها السابق أحدث أثرًا في روسيا، بعد تعليق المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، ووزير الخارجية، سيرغي لافروف، حول وجود علاقة بين كييف بـ”تحرير الشام”.
وكان التقرير الأول لـ”أيدنليك”، المنشور في 10 من أيلول الحالي، وجاء فيه أن أوكرانيا تواصلت مع “هيئة تحرير الشام”، بهدف إطلاق سراح المقاتلين الشيشان والجورجيين المحتجزين لدى “الهيئة”، مقابل منح “تحرير الشام” 75 طائرة مسيرة.
الطلب الأوكراني كان مرتبطًا على وجه الخصوص بإطلاق سراح القيادي الشهير عمر الشيشاني والملقب بـ”مسلم الشيشاني” المعتقل لدى “تحرير الشام”، إلى جانب مقاتلين آخرين.
بعد ساعات من التقرير الأول، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن أوكرانيا اجتذبت منذ فترة طويلة “مسلحين” لتنفيذ هجمات ضد الروس، مشيرة إلى أنها نسّقت أيضًا مع “تحرير الشام” للغرض نفسه.
وأضافت زاخاروفا، عبر حسابها الرسمي في تطبيق “تيلجرام”، أن أوكرانيا حافظت لفترة طويلة على اتصالاتها مع “الإرهابيين” لتنسيق هجمات ضد مواطنين روس، وتبادل المعلومات والتكنولوجيا، واستخدام تكتيكات “العلم الزائف”.
وقالت، “لقد حولت بانكوفايا (مكتب زيلينسكي) نفسها إلى جماعة إرهابية دولية جديدة، تقف وراءها، وفقًا للتقاليد الراسخة، واشنطن ولندن”.
وزير الخارجية سيرغي لافروف، قال، الخميس 12 من أيلول، خلال اجتماع مع رؤساء البعثات الدبلوماسية حول القضايا الأوكرانية، إن “مبعوثي المخابرات الأوكرانية ينشطون في تجنيد مقاتلين إسلاميين في سوريا وإفريقيا لتنفيذ عمليات إرهابية”.
وأضاف لافروف، بحسب ما نقلته وكالة “تاس” الروسية، أن الخدمات الخاصة الأوكرانية “اجتذبت إسلاميين متطرفين للتحضير وتنفيذ المذبحة الدموية في قاعة مدينة كروكوس”.
اتهام سابق
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022، حاولت موسكو اتهام جارتها بالتنسيق مع فصائل عسكرية سورية لشن هجمات ضدها، لكن هذه الفرضية نفتها الأطراف في أكثر من مناسبة.
صحيفة “كييف بوست”، وهي صحيفة خاصة يملكها رجل أعمال سوري، نشرت في 31 من تموز الماضي، ما قالت إنه تسجيلات مصورة لهجوم ضد الروس قرب مطار “كويرس” العسكري في حلب، وذكرت أن الضربات أدت إلى “تدمير معدات عسكرية روسية”، ونقلت عن مصادر استخباراتية قولها، إن المجموعة الأوكرانية التي نفذت الهجوم تدعى “خيميك”.
ولم تكن المرة الأولى التي تنشر فيها الصحيفة أخبارًا حول هجوم على قوات روسية في سوريا، إذ قالت، في حزيران الماضي، إن قوات أوكرانية خاصة هاجمت دوريات روسية في المناطق المتاخمة للجولان السوري المحتل، جنوبي سوريا.
في المقابل، لم يصدر أي تعليق على الضربة من قبل وزارة الدفاع الروسية أو قيادة العمليات العسكرية الروسية في سوريا.
وكانت وكالة “سبوتنيك” الروسية نشرت، في 28 من آذار 2022، عن مغادرة دفعة جديدة من المسلحين الأجانب في تنظيمات “حراس الدين” و”أنصار التوحيد” و”تحرير الشام” من ريف إدلب، باتجاه أوكرانيا.
المكتب الإعلامي لـ”تحرير الشام” أكد، في مراسلة إلكترونية لعنب بلدي حينها، عدم صحة الأنباء المتداولة “جملة وتفصيلًا” حول إرسال “الهيئة” مسلحين أجانب نحو أوكرانيا.
وكما تعتبر روسيا مسؤولة عن جرائم حرب في أوكرانيا، وفق تقارير دولية، تعتبر مسؤولة عن عشرات أخرى مشابهة في سوريا، خلال دعمها العسكري للنظام السوري في وجه ثورة السوريين التي اندلعت عام 2011، مطالبة بإسقاطه.
وتدخلت روسيا في سوريا في أيلول 2015، وأفضى تدخلها لقلب ميزان القوى على الخارطة السورية، وإعادة مناطق واسعة من الجغرافيا السورية لسيطرة النظام.