لاجئ لا يعجبه لباس الألمان

  • 2024/09/15
  • 12:11 م
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

في مطلع أيلول الحالي، طلبت السلطات الألمانية من رئيس المركز الإسلامي في هامبورغ، محمد هادي مفتح، مغادرة ألمانيا، وأعطته مهلة أسبوعين، لمغادرة البلاد طواعية، وإلا سيرحل قسريًا.

هذا الترحيل، معطوف على قرار صدر في 24 من تموز الماضي، بإغلاق المركز، بعد مداهمات لـ52 مقرًا تابعة له، منتشرة في مختلف أنحاء ألمانيا، ولدى معاينة الوثائق التي صودرت، تأكد لوزارة الداخلية أن هذا المركز يوالي إيران، ويدعم “حزب الله”، ويعمل ضد الدستور الألماني.

ثمة نوعان من اللاجئين المسلمين في أوروبا، الأول، مسلمون عاديون، يريدون الاستقرار، وتأمين مستقبل أطفالهم، ولذلك يحترمون القوانين، ويعاملون الدولة التي استضافتهم بمثل ما عاملتهم، باحترام، والثاني، مسلمون مسيّسون (سنة وشيعة)، يأتون إلى البلدان الأوروبية، وفي جعبتهم مخططات تتبناها الجماعات والأحزاب التي ينتمون إليها.

مدينة هامبورغ، نفسها، شهدت، قبل بضعة أشهر، مظاهرة غريبة من نوعها، رفع المتظاهرون خلالها شعارات تطالب بإقامة دولة تطبق الشريعة الإسلامية، ما أثار غضب الشارع الألماني، والصحافة، ووزيرة الداخلية، واستدعى مناقشات مطولة في البرلمان. يتجدد غضب الألمان، على نحو شبه يومي، فقد شهدت مدينة شليزفغ، قبل أيام، مشاجرة جماعية طاحنة بين فريقين من السوريين قدّر عددهم بـ60، وقبل ذلك، شهدت مدينة إيسين اقتتالًا دمويًا، بدا محدودًا، ثم صار يتوسع من خلال مجموعات “واتساب”، إذ راح كل فريق يطالب أبناء مدينته، أو عشيرته، الموجودين في ألمانيا، بالمؤازرة، حتى اضطرت الشرطة الألمانية لاتباع إجراء لم يسبق لها أن اتبعته، إذ صارت تفتش القادمين إلى إيسين بالسيارات، أو بالقطارات، فإذا تبين أنه من أحد الفريقين المتقاتلين، منعته من دخول المدينة.

في بلادنا البائسة، وبالأخص المناطق التي سيطرت عليها جماعات الإسلام السياسي، يكاد كل مواطن أن يتحول إلى “مطوع”، يخرج إلى الشارع مصممًا على تطبيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الأمر يبدو مألوفًا في مجتمع معتاد على مثل هذه الأمور، قادر على فهمها. بيد أن إحضار بعض اللاجئين هذه العقلية معهم إلى البلاد الأوروبية، يبدو غريبًا، وقد يسبب الضحك، مثلما حصل في فيديو انتشر على “تيك توك”، وفيه سيدة ألمانية ترتدي ثيابًا صيفية تُظهر صدرها وبطنها وجزءًا من ساقيها، تمشي مسرعة، وتضحك، ووراءها شاب يرتدي الزي الباكستاني، يلاحقها، ويقول لها، بالعربية، كلمات تعني أن منظر ثيابها يفسد أخلاق شبابنا، ولستُ أدري إن كان ذلك الشاب يدري أن الرجل الألماني لا يتدخل في لباس زوجته، أو والدته، أو شقيقته، أو ابنته، وأن هذه المرأة التي كان يطاردها ليهديها ترتدي مثل غيرها من السيدات، وأن الحكومة الألمانية لم تكن سببًا في نزوح السوريين من بلدهم، بل إنهم هربوا من “الحرب”، ولم يكن بإمكانها منع حضرته من دخول أراضيها، لأن قانونها يفرض عليها ذلك، وأنه، في المحصلة، إذا كان لباس النساء الألمانيات يزعجه، يستطيع أن يغادر، وأنا أضمن له أن لا يزعل عليه أحد في ألمانيا، أو على سطح الكوكب.

مقالات متعلقة

  1. خلافة إسلامية في هامبورغ
  2. ولايات ألمانية تعتزم طرح بطاقات مالية شهرية للاجئين
  3. جدل حول حظر الحجاب في المدارس الابتدائية الألمانية
  4. ألمانيا.. دراسة تبيّن ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المسلمين

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي