بوجه أسمر وملامح لإنسان من صعيد مصر، يحتل وجه الشاعر المصري أمل دنقل غلاف مجموعته الشعرية الكاملة الصادرة عن دار “الشروق” بطبعتين (الأولى في 2010 والثانية في 2012).
تلخص المجموعة التي تضم جميع قصائد دنقل المنشورة، رؤية شاعر مرهف وغاضب للحياة والمجتمع والظروف السياسية، بلغة عذبة وصور شعرية تكسر النمطية، وتتواءم مع المدارس الشعرية الجديدة التي تأثرت بدورها بالواقع السياسي والمعيشي في البلاد العربية، ويتنقل خلالها بين التاريخ والحب والسياسة.
يكتب دنقل قصائده كمن يحكي حكاية لشخص ما التقاه مصادفة في مقهى شعبي بشوارع القاهرة أو الاسكندرية في أقصى شمالي البلاد، أو أسوان أقصى جنوبها، كرجل متعب وحزين التقى شخصًا أبدى استعداده لسماع حكاياته وكيف يرى التاريخ والحاضر والمستقبل.
كما يقترب في قصائده من نبض الشارع العربي، عبر شخصيات من التاريخ، ويذهب بعيدًا عندما يتناول شخصيات أسطورية.
في لحظة يحكي أمل عن ماريا ساقية المشرب، ثم ينتقل ليروي سيرة الزير سالم وكليب وثأر العرب، ويعكسها على الظروف السياسية حينها والمفاوضات السياسية بين الدول العربية وإسرائيل، وبلغة حزينة ومليئة بالكبرياء، يحكي كيف هزم سبارتاكوس أمام إمبراطور روما، وكيف لم تنجده خيول وجنود هنيبال بطل قرطاجة.
في شعره يرسم دنقل صورة عن البؤس والحزن، وعن وجوه متعددة للحب والانكسار، وبلغة مختلفة عن تلك التي رسمها شعراء آخرون عاصروه ونالوا من الشهرة الكثير، كنزار قباني ومحمود درويش وفاروق جويدة وغيرهم من الشعراء.
في أبهى صور العذاب الشعري، كتب دنقل قصائده المستقاة ربما من حكاياته الشخصية، على الأقل في ديوانه الأخير، “أوراق الغرفة 8″، الذي كتبه خلال علاجه من السرطان وقبل وفاته عام 1983.
43 عامًا عاشها دنقل كانت كافية ليترك هذا النتاج الكبير مقتربًا من لغة الشارع والبسطاء دون تكلف ولا تعقيد في المعنى.
يحضر التاريخ كثيرًا في شعر دنقل، وبالإضافة إلى ست قصائد حول كليب والزير سالم، يحضر صلاح الدين الأيوبي وسام بن نوح (كشخصية تاريخية لا دينية) وكذلك صقر قريش، كذلك المرأة والناس والشارع، لذا يمكن القول إن هذه الدواوين تلخيص لمرحلة تاريخية كاملة في المنطقة.