الفستق بدل الجوز.. “المكدوس” بالحيلة في اللاذقية

خفّضت عائلات من كميات "المكدوس" هذا العام وبعضها لم تستطع تحضيره - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconخفّضت عائلات من كميات "المكدوس" هذا العام وبعضها لم تستطع تحضيره - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

نجحت باسمة (45 عامًا) من ريف جبلة بإعداد 20 كيلوغرامًا من “المكدوس” كمؤونة للشتاء، مستبدلة الجوز البلدي بـالفول السوداني (الفستق)، لتستطيع تحمل تكاليف الكمية كلها.

باسمة التي تعمل بالأعمال الزراعية، قالت إنها هذا العام لم تستطع زراعة مستلزمات “المكدوس” من باذنجان وفليفلة، نتيجة قلة المياه، وبالكاد نجحت بزراعة عدة أنواع خضراوات بسيطة للاكتفاء المنزلي، لذا فقد اضطرت لشراء كل المستلزمات بسعر مرتفع.

اشترت السيدة 20 كيلو باذنجان من سوق “الهال” بسعر 2700 ليرة سورية للكيلو الواحد، و20 كيلو فليفلة بسعر 9000 ليرة للكيلو، لتحضر مؤونتها من الدبس و”المكدوس”، مختصرة الكثير، فالعام الماضي أعدت 40 كيلو، إلا أن ما ساعدها أنها لم تشترِ لا الباذنجان ولا الفليفلة.

أما الجوز فقد عجزت عن شرائه بعد المبالغ الكبيرة التي دفعتها ثمن باقي المستلزمات، فقررت استبداله بالفستق، بسعر 60 ألف ليرة للكيلو، كما قالت، مضيفة أنها قللت كمية الثوم ولم تشترِ سوى أقل من ربع كيلو لكل الكمية، لأن ثمن الكيلو الواحد 80 ألف ليرة، بينما لم تضطر لشراء الزيت، فلديها ما يكفي منه من موسم عام 2023.

على الرغم من ارتفاع أسعار مستلزماته بشكل كبير، فإن باسمة لا ترى بدلًا من إعداد “المكدوس”، ففي الشتاء يعتبر طعام الفطور الرئيس مع الزيتون بالنسبة لهم كعائلة، إذ إن سعر كل الأنواع الأخرى مرتفع، كما أنه “زوادة” جيدة لهم حين يذهبون للعمل في الأرض.

كي لا أحرم أطفالي

نسرين (35 عامًا) موظفة حكومية، قالت إنها لم تستطع حرمان أطفالها من “المكدوس”، الذي ترى فيه أكثر من مجرد نوع طعام، فهو بالنسبة لها تقليد يجب ألا يندثر، لكن ارتفاع الأسعار يفرض واقعًا جديدًا.

ولأن السيدة لا تريد المخاطرة باستهلاك ما لديها من غاز لسلق الباذنجان، فرسائل تبديل الأسطوانات التي ترسلها مؤسسة المحروقات بالكاد تأتي مرة كل شهرين، كما أن مدة وصل الكهرباء لا تتجاوز ساعة واحدة، وهي لا تكفي للسلق على “الطباخ الليزري”، لذا اشترت كمية قليلة من الباذنجان المسلوق والجاهز للحشو من سيدة أخرى تعمل بإعداد المؤونة، بسعر 35 ألف ليرة.

ثم جهزت دبس الفليفلة، واشترت نحو 350 غرامًا من الجوز ورأسي ثوم، واستخدمت ليتر زيت نباتي بسعر 23 ألف ليرة، وهو أرخص نوع متوفر في السوق.

وهكذا نجحت نسرين بصنع مؤونة بسيطة من “المكدوس”، وقالت إنها بالتأكيد لا تكفي، لكنها أفضل من عدم وجوده إطلاقًا على المائدة.

بلا “مكدوس” للعام الثاني

فشلت رشا (38 عامًا) بتحضير “المكدوس” للعام الثاني على التوالي، فسعر كل مستلزماته مرتفع جدًا، يضاف إليها تكلفة الغاز الذي ستستخدمه لسلق الباذنجان، فهي تعيش في المدينة ولا يمكنها استخدام طريقة السلق على الحطب.

بحساب أجرته السيدة الثلاثينية مع زوجها لإعداد 10 كيلو باذنجان، تبيّن أنها ستحتاج إلى نحو 300 ألف ليرة بين باذنجان وفليفلة وثوم وزيت نباتي وجوز، لذا قررت إلغاء الفكرة تمامًا، فشراء أوقية لبنة بسعر 6000 ليرة يوميًا يكون أكثر سهولة، كونها لا تضطر لدفع مبالغ كبيرة دفعة واحدة بخلاف “المكدوس”.

أما بالنسبة لدبس الفليفلة الذي لا غنى عنه ولو بكميات قليلة جدًا، فقد اكتفت رشا بصنع كيلوغرامين منه بطريقة الحيلة، حيث كانت كلما وجدت فليفلة حمراء ذابلة تقوم بشرائها بسعر مخفض، ثم تعدها في المنزل، وفي النهاية نجحت بالحصول على كيلوغرامين بالحد الأدنى من السعر، وتذكر أنها في إحدى المرات اشترت 3 كيلوغرامات بسعر 3000 ليرة للكيلو الواحد، أي بسعر كيلو واحد فقط.

وفي جولة على سوق “الهال” بمدينة جبلة، فإن سعر كيلو الباذنجان يتراوح بين 2500 و3200 ليرة، ويأتي النوع المفروز بسعر أغلى، إذ تكون حباته صغيرة ومناسبة لإعداد “المكدوس”.

أما الفليفلة الحمراء فيتراوح سعرها بين 6000 و12000 ليرة، بحسب نوعها ونظافتها، فالنوع البالغ سعر الكيلو منه 6000 ليرة مثلًا، يكون جيدًا من الخارج، لكن في الداخل تكون الحبات مهترئة ورائحتها نفاذة جدًا.

وفي محال الخضراوات ترتفع الأسعار الأكثر، فالباذنجان يصل إلى ما بين 4000 و4500 ليرة، والفليفلة بين 13000 و14500 ليرة.

وتتجه معظم العائلات في اللاذقية إلى إلغاء فكرة المؤونة، فالأسعار غالية سواء في مواسم الخضراوات أو خارجها شتاء، ولا يوجد فرق كبير، باستثناء بعض سكان الأرياف الذين يمتلكون أراضي زراعية يزرعونها ببعض المحاصيل للتموين منها دون الاضطرار للشراء.

وكان كثيرون خسروا مؤونتهم عامي 2020 و2021، نتيجة التقنين الكهربائي، قبل أن يتوقفوا عن “التفريز” (تجميد المؤونة) ويبحثوا عن بدائل جديدة، لا تزال قاصرة ومحدودة.

ويعمق تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي معاناة السوريين، إذ سجل سعر مبيع الدولار أمام الليرة 15000 ليرة وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات، بينما يبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام السوري 279 ألف ليرة سورية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة