“البوابير”.. قنابل موقوتة في الحسكة

مسن يعمل على إصلاح ببور للطفي في مدينة القامشلي شمالي محافظة الحسكة في سوريا- 16 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ ربا عباس)

camera iconمسن يعمل على إصلاح ببور للطفي في مدينة القامشلي شمالي محافظة الحسكة في سوريا- 16 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ ربا عباس)

tag icon ع ع ع

في 11 من أيلول الحالي، أسفر انفجار موقد يستخدم للطهو، في أحد مراكز إيواء النازحين من مدينة رأس العين في حي الصالحية بمدينة الحسكة، عن تعرض رجل لحروق من الدرجة الثالثة وطفلة لحروق خفيفة وأربع حالات اختناق.

وانفجر الموقد بسبب استخدام البنزين بدل الكاز في آلة تسخين وطهو، تعرف محليًا باسم “الببّور”.

النيران الناجمة عن الحريق امتدت إلى خزان مازوت يستخدم في فصل الشتاء، في مركز إيواء “مدرسة مروان يوسف”، ما فاقم من آثار الحريق.

وتمكن فوج الإطفاء في الحسكة من السيطرة على الحريق وإخماده، ونقل المصابون إلى المستشفى لتلقي العلاج، إلا أنه أسفر عن خراب في مكان اندلاعه ولا سيما مع انفجار برميل المازوت جراء النيران، وفق ما قاله نازحون يقيمون في مركز الإيواء، لعنب بلدي.

استخدام رغم المخاطر

لاحجة الخليل، نازحة منذ عام 2019 تقيم بركز إيواء في الحسكة، قالت لعنب بلدي إن اسطوانات الغاز مُتوافرة لكنها تفوق استطاعتها المادية، ما يدفعها لاستعمال “الببّور” كوسيلة للطهو، لكنها تعي أن هذه الآلية تحمل في طياتها مخاطر “كبيرة”.

“الببّور يشبه القنبلة الموقوتة”، وفق تعبير لاحجة، مشيرة إلى أنها تسمع يوميًا عن انفجار ناجم عن استخدام “الببّور”، يسفر عن تشوهات وحروق أو وفاة، وقالت “منذ نحو أربعة أشهر تسبب انفجار مشابه بتشوه وجه فتاة”.

لاحجة التي كانت تعمل بالخياطة، تركت عملها وانضمت لعائلتها في منزل غير مكتمل البناء (على العظم) تقيم فيه مع أمها وأختها، ونتيجة لاستعمال “الببّور” المُتكرر أصيبت وأختها بحساسية، صارت تجبرهما على تغطية وجهيهما عند تشغيله لتجنب الضرر الناجم عن الدخان المنبعث منه.

أيضًا روز الكليب، نازحة من إحدى قرى رأس العين، قالت لعنب بلدي إن وجود الأطفال في العائلة يجعل من الصعب استخدام آلية للطهي مثل “الببّور”، إذ ترى أن حركتهم غير مضبوطة ما يزيد خطورة وقوعه واشتعال الحرائق.

وتأمل روز كغيرها أن تؤمّن الجهات المعنية ما يساعد على التخلي عن استخدام “الببّور”، لما له من خطورة على حياة الناس سواء أكانوا نازحين أو غير ذلك.

لا بدائل

وعلى صوت طرق ذراع “الببّور” اللازم لتشغيله، لإعداد فنجان قهوة، قالت لاحجة، “لو أن هناك بعض الأخشاب لنستعملها كحطب ستكون خيارًا أفضل من إيقاده. إننا نخشاه لكننا مجبرون على استعماله”.

وتتناول لاحجة في معظم الأحيان أدوية مضادة للحساسية التنفسية، تشتري الظرف منها بـ13 ألف ليرة، وقالت لعنب بلدي، إنها تشتري الحبوب مرة أو مرتين في الشهر، لكنها تعي أن الإكثار من الأدوية له مضاره أيضًا.

ويبلغ سعر اسطوانة الغاز (الرسمي) في شمال شرقي سوريا 150 ألف ليرة سورية، وتتوافر لمرة واحدة في الشهر، وتبقيها معظم العائلات النازحة فقط للاستخدامات الضرورية كغلي الشاي والطبخات الصعبة، وفقًا لنازحات قابلتهم عنب بلدي في الحسكة.

ويقابل كل دولار 14750 ليرة، وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد حركة العملات الأجنبية.

وتأمل السيدة أن يكون هناك حل كتوفير الغاز، وتخفيض سعر الأسطوانة قليلًا، خصوصًا أنها تخشى من زيادة حرارة “الببّور” في الصيف، لذا تطفئ النار قبل أن ينضج الطعام.

وحول المواقد الكهربائية، ترى لاحجة أنها غير مجدية، خصوصًا في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في المنطقة التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا.

من جانبها، فرح الأحمد، وهي نازحة من ريف رأس العين الشرقي، وتقيم بمخيم للنازحين في مدينة الحسكة، قالت لعنب بلدي، إن “ببّورًا” انفجر منذ مدة بوجه جارتها وبقيت غائبة عن الوعي لمدة ساعتين، كما أن جارة أخرى تعرضت لحروق وتشوهات نقلت إثرها لدمشق لتلقي العلاج.

فرح التي تستخدم “الببّور” منذ خمس سنوات لم تواجه أي حادثة، لكنها قالت لعنب بلدي إنها وآخرين من سكان المخيم غير قادرين على الاستغناء عن “الببّور” مع علمها بمخاطره، مشيرة إلى أن الحل الوحيد، هو سعي سلطات المنطقة لتأمين بدائل بأسعار معقولة.

بنزين ومازوت

فرح قالت أيضًا إنها مجبرة على خلط البنزين بالمازوت على الدوام، نظرًا لعدم توافر مادة الكاز التي يعمل عليها “الببّور” أساسًا، وارتفاع أسعارها في حال توفرت، فضلًا عن ارتفاع اسعار أسطوانة الغاز، وعدم مناسبتها لوضع النازحين الاقتصادي.

بدورها تخلط لاحجة البنزين بالمازوت أيضًا في “الببّور” عوضًا عن الغاز نظرًا لعدم توفره رغم خطورة ذلك، ويتسبب المازوت بدخان كثيف ويفسد الطعام المطهي وفق قولها، لكن مع إضافة البنزين له تصبح النار أقوى، ولا يخلف دخانًا كثيرًا، فلكل أربعة ليترات من المازوت نضع لترين من بانزين.

وينقسم المازوت المباع في المنطقة، إلى ثلاثة أنواع هي “مازوت السرافيس” بـ425 ليرة سورية، و”البطاقات” (ما يشبه البطاقة الذكية، وهو سعر رسمي ومدعوم) بحوالي 2000 ليرة سورية، والنوع الثالث يباع بـ4600 ليرة سورية بأسعار (مازوت حر).

وبالنسبة للبنزين فهو ثلاث أنواع إذ يباع للحافلات الصغيرة (السرافيس) بـ425 ليرة سورية، والحر عبر محطات الوقود بـ7500 ليرة لليتر، والسوبر السوري يباع بـ15 ألف ليرة سورية لليتر الواحد.

وخلال جولة لعنب بلدي على “البسطات” التي تبيع البنزين “الحر” (السوق السوداء)، رصدت بيع الأربعة ليترات بـ30 ألف ليرة سورية، في حين قال عدد من أصحاب “البسطات” إن هناك شحًا في الكاز وهو غير متوافر حاليًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة