تتواصل تحركات النظام في الإطار الإعلامي على أكثر من مستوى عبر مجموعة من القرارات المتتابعة التي لم تُترجم بتغييرات على أرض الواقع.
أكد وزير الإعلام في حكومة النظام، بطرس حلاق، أن مشروع إحداث “المنطقة الحرة الإعلامية” يأتي ضمن المشاريع الهادفة إلى تطوير القطاع الإعلامي ليصبح قادرًا على تقديم قيم مضافة في المجالين، المعرفي والإعلامي.
حلاق بيّن أن حكومة النظام وافقت بجلستها الأسبوعية، في 10 من أيلول الحالي، على مشروع الصك التشريعي الخاص بإحداث “المنطقة الحرة الإعلامية”، مشيرًا إلى أن إحداثها يأتي كأحد المشاريع العديدة التي تسعى عبرها وزارة الإعلام إلى “تطوير القطاع الإعلامي”.
كما اعتبر حلاق أن “المنطقة الحرة الإعلامية” تسهم في دعم الاقتصاد المحلي عبر جذب رؤوس الأموال المحلية أو غير المحلية، وتعطي قيمة مضافة إلى سوق العمل عبر تأمين فرص عمل كثيرة، ونوعية فنية، ومساهمة فعالة في الحد من هجرة تلك الكفاءات إلى الخارج.
وذكرت رئاسة حكومة النظام في اليوم نفسه، أن رئيس الحكومة، حسين عرنوس، ناقش الصك التشريعي الخاص بإحداث “المنطقة الحرة الإعلامية” للدور المهم الذي تلعبه في مجال صناعة المحتوى المعرفي والإعلامي، ومساهمتها في التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل نوعية ورفع مستوى المهارات الفنية والإدارية وخلق بيئة عمل محفزة للمشاريع الإعلامية الناشئة بمختلف أشكالها وأحجامها.
وسبق هذه الخطوة، في نيسان الماضي، إصدار رئيس النظام، بشار الأسد، المرسوم “19” الذي ينص على إحداث وزارة إعلام بديلة، تحل محل المحدثة بموجب المرسوم التشريعي رقم “186” لعام 1961.
ومن مهام الوزارة الجديدة، التعاون والمشاركة في القطاعين العام والخاص، للاستثمار في قطاع الإعلام والإنتاج الدرامي، والأفلام الوثائقية، وفق القوانين والأنظمة النافذة، بالإضافة إلى التواصل مع وسائل الإعلام العربية والأجنبية لإيصال سياسة سوريا إلى الرأي العام العالمي، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تعاون في المجالات الإعلامية، وتدريب كوادر الوزارة.
كما يفترض أن تتولى الوزارة إجراء البحوث والدراسات واستطلاعات الرأي الإعلامية، والعمل على تطوير صناعة الإعلانات والخدمات الطباعية وتوزيع المطبوعات، وإنتاج إعلام إلكتروني متنوع وتفاعلي، وتعزيز المحتوى الرقمي الوطني على الإنترنت.
ومن مهامها أيضًا، تنظيم عمل وسائل الإعلام العربية والأجنبية، واعتماد المراسلين وزيارات الوفود الإعلامية العربية والأجنبية، ومتابعة المحتوى الإعلامي للمطبوعات الدورية وغير الدورية الداخلة إلى سوريا، وتوزيعها بعد التحقق من التزامها بالقوانين والأنظمة النافذة.
كما يقع على عاتق الوزارة ترخيص واعتماد وسائل الإعلام، وتنظيم عمل دور النشر ومراكز التدريب الإعلامية وشركات الخدمات الإعلامية ومنحها التراخيص اللازمة.
وفي 4 من آذار الماضي، أقر “مجلس الشعب” قانون إحداث وزارة الإعلام لتحل محل القديمة، وجاء ذلك، بعدما أقرت حكومة النظام، في تشرين الثاني 2022، مشروع مرسوم إحداث الوزارة التي تعزز الرقابة على المحتوى وتهيمن على مختلف جوانب وقطاعات العمل الإعلامي في سوريا، وتحمل في بنود مهامها وأهدافها ملامح تضييق أكبر على حرية التعبير.
وحينها، لم ينسف مشروع المرسوم الجديد ما ورد كليًا في قانون الإعلام الصادر بموجب المرسوم “108” لعام 2011، لكنه أضاف بنودًا أخرى إلى بعض مواد المبادئ الأساسية الواردة في الفصل الثاني من قانون الإعلام، ومنها رسم السياسة الإعلامية، ووضع استراتيجيات وخطط متوافقة معها، والإشراف على تنفيذها وفق “السياسة العامة للدولة”.
وبالتزامن مع مشروع الوزارة الجديدة، وبعد طرحه للنقاش منذ 2017، أقرت حكومة النظام أيضًا الصك التشريعي الذي يتضمّن قانون الإعلام الجديد، وبررت هذه الخطوة بـ”إيجاد قانون عصري يتماشى مع التطورات الحاصلة في مجال الإعلام والاتصال”، خاصة في الأمور المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي، واعتماد مكاتب إعلامية لوسائل الإعلام غير السورية، ومراكز البحوث الإعلامية واستقصاء الرأي ومراكز التدريب.
هذه التحركات “على مستوى التصريحات” ومشاريع القوانين والصكوك التشريعية، لم تغير من واقع سوريا في الإعلام والصحافة، فوفق تحديث للمؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2024، الذي صدر في أيار الماضي، وحمل عنوان “الصحافة تحت الضغط السياسي”، جاءت سوريا في المرتبة 179 من أصل 180 دولة تذيلتها أرتيريا، على سلم حرية الصحافة حول العالم، بناء على التقييم السنوي لمنظمة “مراسلون بلا حدود” القائم على السياقات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والسلامة، والإطار القانوني.