تعديلات “هيئة التفاوض” تثير حفيظة منصتي “موسكو” و”القاهرة”

رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس وأعضاء آخرين من اللجنة رفقة رئيس الائتلاف الوطني هادي البحرة- 8 من آذار 2024 (عنب بلدي)

camera iconرئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس وأعضاء آخرين من اللجنة رفقة رئيس الائتلاف الوطني هادي البحرة- 8 من آذار 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

شهد الأسبوع الأول من أيلول الحالي أكثر من اجتماع لمؤسسات المعارضة السورية، أماطت اللثام بصورة مباشرة وغير مباشرة عن خلافات بين ممثلي بعض الكتل السياسية داخل هذه المؤسسات، إذ عقد ممثلون عن منصتي “القاهرة” و”موسكو” في “هيئة التفاوض” و”اللجنة الدستورية” اجتماعًا، في 1 من أيلول، بمشاركة رئيس منصة “موسكو”، قدري جميل، ورئيس “تيار الغد” السوري، أحمد الجربا، ومنسقي المنصتين وأعضائهما في “هيئة التفاوض” و”اللجنة الدستورية”.

الاجتماع الذي جرى بصيغة إلكترونية لم يقدّم المشاركون فيه تفاصيل كثيرة حول مجرياته، مع الإشارة إلى بحث آخر التطوريات السياسية المتعلقة بالوضع السوري، وعمل “هيئة التفاوض” وضرورة توجيهه بحيث تلعب دورها الوظيفي في عملية التفاوض المباشر بغرض التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي “2254”، مع الاتفاق على متابعة اللقاءات والتنسيق للخطوات اللاحقة، وفق تصريح صحفي مقتضب أعقب الاجتماع.

وسبق هذا الاجتماع بأيام قليلة، بيان صادر عن منصة “القاهرة”، في 28 من آب الماضي، بعد اجتماعين سابقين لـ”هيئة التفاوض” متعلقين بتعديل النظام الداخلي، ورئاسة “الهيئة”.

وفي البيان أعربت المنصة المعارضة عن تحفظها على القرارات الصادرة عن “الهيئة” في هذا السياق، وتعاطيها مع المتغيرات الداخلية والدولية مع التركيز على نقطتين أساسيتين، أولاهما أن التعديل الأخير على النظام الداخلي لـ”هيئة التفاوض” والذي جرى تمريره بناء على أغلبية عددية، يعد غير قانوني، ويتجاهل الطبيعة التعددية التي تشكلت “الهيئة” بناء عليها ووفقًا للقرار “2254”.

كما تضمن البيان إشارة إلى أن التعديل اعتمد لإبقاء بعض الأشخاص في مناصبهم لفترات غير قانونية.

وتناولت النقطة الثانية مسألة عدم إشراك بعض المكونات السياسية في الاجتماعات الأخيرة لـ”الهيئة”، وعدم دعوتهم لحضور تلك الاجتماعات يثير القلق من أن يكون هذا النهج ليس مجرد تنظيم داخلي، بل تمهيد لخطوات سياسية لا تتماشى مع تطلعات الشعب السوري الذي يعلّق آماله على “هيئة التفاوض” في الدفاع عن حقوقه وتحقيق طموحاته المشروعة.

كما دعت منصة “القاهرة” في البيان، الصادر في 28 من آب الماضي، إلى ضمان شرعية “الهيئة” وعدم الإضرار بمكتسب يخص الشعب السوري وحده، ولعدم الإضرار باستمرارية عمل “هيئة التفاوض” حتى تطبيق القرار “2254”.

تعديل النظام الداخلي

في 22 من تموز الماضي، أصدرت “هيئة التفاوض” بيانًا في ختام اجتماعات عقدت على مدار يومين، بحضور ممثلين عن مكوناتها كافة، وناقشت مستجدات العملية السياسية التفاوضية السورية، ولقاءاتها واجتماعاتها على الصعيدين، الداخلي والخارجي، خلال الفترة الماضية مع التأكيد على أهمية بناء جبهة تشاركية من المجتمعات السورية المحلية ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام و”اللوبيات” السورية في دول المهجر.

ومن ضمن الموضوعات التي كانت محل نقاش في الاجتماعات، النظام الأساسي لـ”الهيئة”، إذ بحث ممثلو المكونات ضرورة تعديل عدد من المواد، منها تطوير آليات العمل الإداري داخل “الهيئة”، وعدد من الاختصاصات والمهام لمكاتبها ومنها المكتب القانوني، وتعديل شروط العضوية، وزيادة المدة المحددة لتكليف قيادة “الهيئة” إلى سنتين بدلًا من سنة، قابلة للتمديد لمرة واحدة فقط، لمنحها فرصة زمنية كافية لتنفيذ الخطط المطروحة، ودعم مسار العملية التفاوضية، وإتاحة أوسع مجال لـ”الهيئة” في استثمار علاقتها السياسية والدبلوماسية مع الفاعلين الإقليميين والدوليين.

كما أن تعديل مدة قيادة “الهيئة” من شأنه منحها المهلة المطلوبة لتفعيل مكاتبها ولجانها المختلفة وتحسين أدائها، كون الأولوية لحشد الجهود الدولية لخدمة القضية والشعب السوري وحقه في التغيير السياسي وإنشاء دولة المواطنة والقانون والعدالة.

وجرى الاتفاق بحضور مكونات “الهيئة” وبتصويت أغلبيتهم على تعديل نظامها الأساسي أصولًا، بحسب البيان.

“هيئة التفاوض” شددت في بيانها على استقلالية قرارها وأنه لم ولن يحكمه إلا مصالح الشعب السوري وقضيته العادلة ومطالبه المشروعة.

لكن هذه التعديلات هي ما أثار فعلًا حفيظة منصة “القاهرة” التي أصدرت بيانًا حمل توقيع خمسة من كوادرها، هم: فراس الخالدي، وأحمد شبيب، ونضال الحسن، وعمار النحاس، وتليد صائب.

أعضاء متغيبون

تعقيبًا على رفض هذه التعديلات وردود الفعل عليها، أوضح مدير المكتب القانوني وعضو “هيئة التفاوض” السورية، طارق الكردي، لعنب بلدي، أن هناك نظامًا داخليًا معمولًا به يحكم ويضبط وينظم عمل “هيئة التفاوض” بكل التفاصيل وعلى المستويات كافة، وينص على وجوب موافقة ثلثي أعضاء “الهيئة” على تعديل هذا النظام في اجتماع منعقد قانونيًا، أي محقق للنصاب القانوني، موضحًا أن اجتماع “الهيئة” الذي أقر فيه تعديل النظام الداخلي كان محققًا للشروط المذكورة سابقًا.

وبالنسبة لحضور الاجتماعات، فقسم من ممثلي منصة “القاهرة” في “هيئة التفاوض” منقطعون عن حضور اجتماعات “الهيئة” منذ زمن ليس بقصير، وتتم دعوتهم للاجتماعات عبر مكتب أمانة السر في “الهيئة” كما ينص النظام الداخلي، وفق الكردي.

كما أشار عضو “هيئة التفاوض” إلى تمسك “الهيئة” بسقف مطالب الشعب السوري، وتحقيق الانتقال السياسي الديمقراطي في سوريا، والتمسك بالمحاسبة والمساءلة وتحقيق العدالة للسوريين.

مصدر مطلع على سير عملية التصويت في “الهيئة” أكد لعنب بلدي في وقت سابق أن تعديل النظام الأساسي أُقر بتصويت الأغلبية.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه للتحدث بحرية، أن أربعة أعضاء من منصة “موسكو”، وعوض العلي، وهو عضو مستقل، اعترضوا على التعديلات المطروحة فقط.

حساسية التوقيت

لطالما أثارت قرارات مشابهة في مؤسسات المعارضة السورية جدلًا في أوساط السوريين، إذ انتخب “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، في 13 من أيلول 2023، هادي البحرة، رئيسًا له، خلفًا لسالم المسلط، الذي شغل المنصب منذ تموز 2021.

وقبل الانتخابات، أثار تسريب رسالة لنائبة رئيس “الائتلاف الوطني” سابقًا، ربا حبوش، تساؤلات حول آلية الانتخابات الحالية في “الائتلاف”.

وتأتي هذه الخلافات والتوترات في وقت يسير به الحليف الأبرز للمعارضة (تركيا) نحو تطبيع العلاقات السياسية مع النظام السوري، في ظل غياب أي دور فعّال للمعارضة على مدار الأشهر الماضية.

ويرتبط مسار التقارب التركي مع النظام بقضايا عالية الحساسية داخل الجغرافيا السورية، أبرزها مصير مناطق سيطرة المعارضة المدعومة من أنقرة شمال غربي سوريا، التي شغلتها مؤخرًا قضية فتح المعابر بينها وبين مناطق سيطرة النظام السوري، بدفع روسي- تركي.

وعلى ضوء هذه المتغيرات السياسية، يجري ربط أي تحركات للمعارضة السورية بهذا المسار، إذ عقدت مجموعة من الأجسام والهيئات السورية المعارضة اجتماعًا استضافته تركيا، في 3 من أيلول، بالتزامن مع تسارع وتيرة التصريحات التركية حيال التقارب مع النظام السوري.

وجرى الاجتماع بين “الحكومة السورية المؤقتة” و”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” و”هيئة التفاوض” و”مجلس القبائل والعشائر” وقادة “الجيش الوطني السوري”.

وأنتج الاجتماع بيانًا ختاميًا حمل مبررات لفتح معبر “أبو الزندين” بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، واتفاقًا على مواصلة هيكلة “الجيش الوطني” ليتبدى لاحقًا خلاف بين رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، و”الجبهة الشامية” (أحد مكونات الجيش الوطني).

ورغم أن هذه الاجتماعات تحمل عناوين عريضة من قبيل تذليل العقبات وحل المشكلات والخلافات، تحولت مؤخرًا لمولّد خلافات ومشكلات إضافية بمعزل عن الخلافات الموجودة والمشكلات والقضايا العالقة أصلًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة