تعا تفرج

الملف السوري.. رؤية أمريكية

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

قدم السفير الأمريكي الأسبق في دمشق، روبرت فورد، صورة متشائمة للوضع السوري. الحل السياسي، برأيه، بعيد المنال، والوضع الإنساني سيئ للغاية، وسوريا مقسمة إلى ثلاث دويلات، وجيوش العالم معسكرة على أرضها.

تشهد سماء سوريا حربًا إيرانية- إسرائيلية طاحنة، والنظام يتفرج، كما لو أن الحرب تجري على أرض دولة أخرى. يرى أن احتمال سحب أمريكا قواتها من سوريا، إذا فاز ترامب، وارد، ولا يستطيع التكهن بما ستفعله هاريس لو فازت. قانون “قيصر” سيمدد على الأرجح.

لم يكن فورد سفيرًا عاديًا، فقد تجاوز، كما هو معروف، الأعراف الدبلوماسية، وسافر إلى مدينة حماة، أواسط تموز 2011، دعمًا للمظاهرات ضد بشار الأسد، وفي أيلول، حضر إلى داريا، مع وفد دبلوماسي كبير، للمشاركة في عزاء غياث مطر الذي قُتل تحت التعذيب، وبعد مغادرته مع جماعته، اقتحم رجال الأمن المكان، وشرعوا بتفريق المعزين بالقوة، والخارجية السورية أصدرت، في ذلك الوقت، بيانًا اتهمته فيه بتجاوز حدوده. ويرى فورد أن الحكومة السورية في دمشق، اليوم، ضعيفة اقتصاديًا، وعسكريًا، وسياسيًا، وأن الوضع الحالي سوف يستمر لسنوات! والأهم من هذا كله، حديثه (الصريح) عن الدور الأمريكي في سوريا، ففي سنة 2014، لم تكن سياسة أوباما تركز على الوصول إلى حل سياسي في سوريا، بل على احتواء “داعش” وإزالتها من سوريا والعراق، وعليه فإن الأمريكيين لن يلعبوا دورًا كبيرًا في مستقبل سوريا، روسيا هي الدولة الحيوية للعملية السياسية السورية في المستقبل.

الشيء الجديد، في الملف السوري، إحجام الرئيس بايدن عن توقيع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد، وعودة سوريا إلى الحضن العربي، وهناك مبادرات، وإشارات للمرونة الدولية تجاهها. هذه المرونة قد تؤدي إلى تغيير “لاءات” الدول الغربية الثلاث تجاه سوريا: “لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار، لا لرفع العقوبات”، وهذه الـ”لا” الثالثة، يصعب تخطيها، لأن واشنطن مصممة على اتباع سياسة عزل سوريا عن العالم الخارجي، من خلال  العقوبات، ولا يوجد جمهوري، أو ديمقراطي، في واشنطن، ينصح البيت الأبيض بتغيير هذه السياسة، وأما الأوروبيون فلديهم مخاوف من انطلاق موجة مهاجرين جديدة، على غرار موجة 2015، لذلك، بدؤوا يفكرون بكيفية العمل في بعض المشاريع لإعادة إعمار سوريا، أو على الأقل، معالجة الظروف الاقتصادية على المدى القصير، أو المتوسط. ولا بد أن يسبب هذا الأمر مشكلات “أوروبية- أمريكية” عندما ستتجاوز بعض الشركات، أو الحكومات الأوروبية، الخط الأحمر الأمريكي بخصوص العقوبات، وهذه المشكلات ستكون أكثر حدة فيما لو فاز دونالد ترامب في الانتخابات. ولن يقتصر الأمر على الأوروبيين، ففي ظل غياب الحل الأمريكي للأزمة السورية، فإن بعض دول الخليج، وغيرها، ستحاول اتباع استراتيجية جديدة، ولكنها تخشى من أن تفرض واشنطن عقوبات تجارية على شركاتها إذا بدأت العمل في سوريا.

زبدة القول، عند فورد، أن الأمريكيين لم يضعوا استراتيجية متكاملة للقضية السورية، ولكن السوريين (وليس الأمريكيين) هم الذين بدؤوا الثورة، وفي النهاية، هم المسؤولون عن إيجاد حل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة