التنور الطيني.. موروث ومصدر دخل في دير الزور

تجهيز الطين لصناعة تنور في ريف دير الزور - 23 من تموز 2024 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)

camera iconتجهيز الطين لصناعة تنور في ريف دير الزور - 23 من تموز 2024 (عنب بلدي/ عبادة الشيخ)

tag icon ع ع ع

دير الزور – عبادة الشيخ

تعد صناعة التنانير الطينية من الصناعات اليدوية التراثية الشعبية الموروثة في ريف دير الزور، ومصدر رزق لكثير من العائلات، ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

لا يقتصر استخدام التنور الطيني على الخبز فقط، بل هناك عدة أنواع منه تستخدم لصناعة “المندي”، وهناك نوع صغير يسمى “الواوي”، ويستخدم لطبخ وتسخين المياه في الشتاء.

بالإضافة إلى صناعة خبز التنور في المنزل، توجد محال لبيعه، لكن أغلب قاصديها هم أصحاب المطاعم.

مهنة ومصدر دخل

يعمل الخمسيني محمد الحسن وعائلته من بلدة أبو حردوب شرقي دير الزور في صناعة التنانير الطينية، ويعتمدها منذ سنوات كمصدر دخل، ومهنة موروثة من أجداده يحافظ عليها منذ أكثر من 35 عامًا.

يجلب الرجل تربة حمراء لإنتاج التنانير ويقوم بخلطها مع التبن، ثم يخمّر الطين لمدة تصل إلى يومين، ليتم بعدها العمل على صناعة التنور على عدة مراحل.

ينتظر محمد حتى يتماسك الطين فوق بعضه، ويعمل على تصنيعه ليصبح بشكل دائري ويتشكل التنور، ثم يتركه لمدة يومين حتى يصبح جاهزًا للبيع.

ينقل محمد التنور إلى القرى والبلدات المجاورة لبيعه، وتتراوح أسعاره بين 30 ألف ليرة سورية و50 ألفًا (ثلاثة دولارات أمريكية).

ويرى محمد أن السعر منخفض وغير مناسب مقارنة بالتعب الذي يستهلكه صنع التنور، لكن الأوضاع الاقتصادية “السيئة” للأهالي تجعله يبيعه بهذا السعر.

تراث شعبي

هناك علاقة قديمة تربط أبناء الريف وحتى المدينة في دير الزور مع التنور، فقد كان قطعة أساسية في كل منزل، ويعد تراثًا شعبيًا، ولا يزال موجودًا في معظم المنازل، ولا تقتصر صناعته على الرجال.

ورثت الستينية مريم الشطي من قرية الهري بريف البوكمال صناعة التنور من والدتها، ولا تزال عائلتها تعمل في هذه المهنة، بقياسات متعددة للتنور تتراوح بين 40 و90 سنتمترًا، حسب الطلب.

وقالت السيدة لعنب بلدي، إن صناعة التنور مصدر رزق جيد لها، خاصة أنها لا تحتاج إلى رأس مال كبير، ولا تتطلب سوى تبن وماء وتراب أحمر.

وفق السيدة، تبدأ العملية بجلب كمية من التراب الأحمر من أطراف البلدة، وهناك تربة مخصصة لصناعة التنور الطيني، ثم تبدأ عملية غربلة التربة وتنظيفها من الحجر، ومن ثم البدء بخلطها بالتبن والماء لتخميرها.

وفي حال كان الطين جاهزًا، فإن السيدة تستطيع إنتاج تنور يوميًا، وفي بعض الأحيان تنهي اثنين، وتبيع التنور في مكانه داخل منزلها بـ75 ألف ليرة سورية.

ويشكّل العمل بصناعة التنور مصدر رزق لعائلة السيدة مريم التي قالت لعنب بلدي، إنها ورثتها عن عائلتها، لافتة إلى أن الأهالي يقصدون منزلها لشراء التنانير لجودتها.

وتعتبر مريم أن مهنة صناعة التنور من الأعمال الشاقة التي تحتاج إلى وقت وتركيز، لافتة إلى أنها من الأعمال الصعبة، لكن تضطر لمتابعتها لكونها مصدر رزق لعائلتها.

وتنتشر العديد من المهن التراثية في دير الزور، والتي لا تزال متداولة حتى يومنا هذا، وأبرزها صناعة حصر “القصب”، ولا يزال هناك من يعمل بها، ويحافظ عليها وتعتبر من أبرز الأعمال الصيفية لدى الكثيرين.

وتشكّل هذه المهن مصدر دخل للعائلات، إذ يتقاضى العامل 25 ألف ليرة سورية يوميًا، رغم ساعات العمل الطويلة، كما تعاني المنطقة من تدهور اقتصادي وتراجع القدرة الشرائية لدى الأهالي، في ظل تدهور الليرة السورية أمام الدولار الامريكي (كل دولار يعادل 15000 ليرة سورية).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة