تقطعت السبل بالسيدة إيمان (34 عامًا)، التي كانت تركض باتجاه كل حافلة قادمة إلى “كراج الفاروس” باللاذقية، بعد ظهر الأربعاء 4 من أيلول الحالي، علّها تصل إلى منزلها في قرية السرسكية على طريق وادي قنديل، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل.
أمضت السيدة أكثر من ساعتين ونصف وهي تقف تحت أشعة الشمس الحارقة، تحاول الاحتماء بمظلة إحدى البسطات، بانتظار سرفيس يقلها إلى وجهتها.
تضطر إيمان، وهي موظفة حكومية، للقدوم يوميًا إلى دوامها في مدينة اللاذقية، واصفة وضع النقل بـ”المأساوي”، ففي الشتاء يتعاقد أصحاب السرافيس مع رياض الأطفال وشماعات الحمضيات، وفي الصيف ينصرفون للطلبات الخاصة بالسياح والمصطافين، بينما يبقى الركاب في “الكراج” ينتظرون لساعات طويلة.
الأزمة مستمرة
لا تزال أزمة النقل في اللاذقية على حالها، رغم اتباع العديد من الآليات وآخرها جهاز التتبع “GPS”، إلا أن سائقي “السرافيس” دائمًا يجدون الحلول للتنصل والانصراف إلى طلباتهم الخاصة في الموسم السياحي.
حال الركاب في “الكراج الشرقي” ليس بأفضل، حيث تجمهر عشرات الركاب عند الساعة الرابعة ظهرًا بانتظار وصولهم إلى منازلهم، لكن وسائل النقل كانت غائبة، وبالكاد تم تسيير باصي نقل داخلي إلى بعض القرى مثل الفاخورة والقرداحة.
أما الركاب الأقل حظًا، فكانوا ركاب صلنفة، إذ يعمد السائقون إلى اتباع أساليب ملتوية، ويتفقون فيما بينهم مع وسيط، يقوم بإخبار الركاب أنه قادر على تأمين “ميكروباص” إلى صلنفة، بشرط أن أجرة الراكب 25 ألف ليرة سورية عوضًا عن 3000 ليرة وهي الأجرة الرسمية للخط.
تحت وطأة الانتظار، سرعان ما يقبل الركاب بالأمر الواقع، ليقوم الوسيط باستدعاء “السرفيس” الذي يحضر مباشرة.
ويعتبر خط “صلنفة” الأكثر ضغطًا منذ بداية هذا الصيف، فهي وجهة سياحية هامة في اللاذقية، وبسبب ارتفاع أجور الطلبات الخاصة و”التكاسي”، فإن معظم المصطافين يلجؤون لاستخدام وسائل النقل العامة، ما يزيد الضغط عليها وبالتالي يزداد جشع أصحاب “السرافيس”، الذين يعتبرونه موسمًا لا يجب تفويته، في ظل شبه غياب للرقابة.
خارج الكراج أيضًا
خارج الكراج تتم الحكاية بطريقة مختلفة، كما أخبرتنا لودي (28 عامًا) التي تمتلك على هاتفها أرقام أكثر من خمسة سائقين على خط “صلنفة”، ويكفي أن تتصل بأحدهم ليؤمن لها عدة مقاعد مع صديقاتها، بأجرة تتراوح بين 25 ألف ليرة بالأيام العادية، إلى 30 ألف ليرة أيام العطل، إذ يعمل كثير من السائقين بهذه الطريقة دون أن يضطروا لدخول “الكراج”.
لودي، التي تعمل مترجمة (عن بعد)، قالت إن ركاب القرى ليسوا وحدهم من يعانون، وذكرت أنها تضطر أحيانًا للوقوف نحو نصف ساعة من الزمن بانتظار باص الدائري الشمالي داخل المدينة، كذلك باصات خط الشاطئ، متوقعة أن يزداد الوضع سوءًا مع افتتاح المدارس،الأحد 8 من أيلول، وكذلك الجامعة بعد نحو أسبوعين.
ويعاني أهالي اللاذقية ريفًا ومدينة أزمة نقل مستمرة، سببها عدم فرض الرقابة اللازمة من قبل مسؤولي النقل في المحافظة.
ويغيب عن نظر المعنيين بقطاع النقل في اللاذقية، حاجة بعض المنشآت التعليمية والاقتصادية للحافلات (ميكروباصات)، ويحصرون بيع المازوت بالسعر المدعوم بمسألة نقل الركاب، عبر أجهزة التتبع الـ”GPS”، بينما تزداد المشكلة تعقيدًا خصوصًا بالنسبة لفئة طلاب المدارس.
نهاية آذار الماضي، شهد “كراج جبلة” إضرابًا للسائقين الذين أغلقوا الطريق أمام بقية السيارات الأخرى في “الكراج”، ومنعوا حركة النقل احتجاجًا على مخالفتهم نتيجة عملهم خارج إطار نقل الركاب عبر خطوطهم.
تدخّل حينها عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة اللاذقية، دريد مرتكوش، الذي اتهمهم عبر صحيفة “الوحدة” بإثارة الشغب ومنع زملائهم من العمل، وترك الركاب والذهاب للعمل بنقل الخضار خدمة لمصالحهم الشخصية.