النظام يعاقب السويداء خدميًا.. قرار بفصل موظفين في شركة الكهرباء

متظاهرو السويداء يرفعون علم الثورة السورية مؤكدين استمرار حراكهم السلمي- 6 من أيلول 2024 (السويداء 24)

camera iconمتظاهرو السويداء يرفعون علم الثورة السورية مؤكدين استمرار حراكهم السلمي- 6 من أيلول 2024 (السويداء 24)

tag icon ع ع ع

يواصل النظام السوري سياسة العقاب والضغط على أهالي السويداء، الذين يصرون على مواصلة حراكهم السلمي الذي دخل عامه الثاني في منتصف آب الماضي، بالتزامن مع رفضهم الانصياع لأوامر النظام أو الالتحاق بالخدمة العسكرية لديه.

وفي إطار هذه السياسة، أصدر النظام قرارًا بفصل 41 موظفًا في شركة كهرباء السويداء، بسبب التخلف عن الخدمة الاحتياطية، وسط مخاوف من تطبيق القرار، ما سيشلّ شركة الكهرباء ويوقعها في عجز كارثي، وفق ما ذكرته شبكة “السويداء 24” نقلًا عن مصادر وصفتها بـ”الخاصة”، الخميس 5 من أيلول.

وأوضحت المصادر أن القرار الحكومي بفصل هؤلاء الموظفين، جاء بحجة تخلفهم عن الخدمة الاحتياطية، رغم امتثالهم لعدة “تسويات” سابقة، مشيرة إلى أنه لا يمكن لشركة الكهرباء الاستغناء عن هذا العدد الكبير من الموظفين، نتيجة نقص الكوادر.

وقال الكاتب السوري حافظ قرقوط، لعنب بلدي، إن فصل موظفين في شركة كهرباء السويداء، هو نوع من العقاب الأمني والخدمي الذي يلجأ إليه النظام، بغية الانتقام من الأهالي الذين ثاروا ضده، وليُظهر للجميع بأنه ما زال قادر على اتخاذ قرارات تؤذي الناس، وبأن خدمات هذه المحافظة هي بيده.

قرار يهدد بأزمة كهرباء

عقب صدور القرار، حاول المسؤولون في شركة كهرباء السويداء بالتعاون مع المحافظ والعديد من الجهات المعنية، مخاطبة حكومة النظام للعدول عن قرار الفصل، واقتراح حلول بديلة مثل أن تُحسب خدمتهم في محافظة السويداء ويستمر عملهم في شركة الكهرباء.

وقال أحد الموظفين الذين صدر قرار فصلهم لـ”السويداء 24“، إن الاستغناء عن هذا العدد من العمال دفعة واحدة، سيوقع شركة الكهرباء في أزمة حقيقية، ويؤدي إلى فراغ كبير في الكوادر، وبالتالي سيكون انعكاسه على الوضع العام في المحافظة سلبيًا جدًا، لا سيما أن قطاع الكهرباء يعد الأكثر حساسية ويرتبط بمختلف القطاعات الخدمية.

وأضاف الموظف أن قرار الفصل غير منطقي في ظل هذه الظروف، “فليس لدينا القدرة على دفع البدل الداخلي للخدمة الاحتياطية، وأوضاعنا العائلية بشكل عام غير مستقرة، إذ يعيل غالبيتنا أسرًا وعائلات، ونواجه ظروفًا صعبة في العمل”.

من جهته، قال قرقوط وهو من أبناء السويداء، إن فصل موظفين في شركة الكهرباء سيخلق أزمة في التيار الكهربائي بالسويداء، ليس بالنسبة للمنازل فحسب، بل سيؤثر على عمل المنشآت ومصالح الناس وأعمالهم، ولاسيما أن أغلب العمال المفصولين يعملون في قسم الطوارئ، الذي يتولى بشكل مستمر أعمال الصيانة لشبكات الكهرباء نتيجة تهالكها.

وأشار قرقوط إلى أنه من المرجح أن النظام قرر فصل موظفين في شركة كهرباء السويداء، لإطالة فترة قطع الكهرباء عن المحافظة، حيث سيتحجج أن سبب القطع هو عدم وجود عمال لصيانة الشبكات، نتيجة فصلهم لعدم ذهابهم للخدمة العسكرية، و”هنا قد يحمّل أهالي السويداء الموظفين المفصولين سبب أزمة الكهرباء، بدلًا من النظام، ما قد يخلق فتنة داخلية وهو ما يسعى إليه الأسد”.

قرارات فصل متلاحقة

ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها النظام إلى الفصل التعسفي للموظفين في السويداء، بل سبق أن أصدر عدة قرارات بفصل موظفين عاملين في مؤسسات مختلفة، ومنها قرارات فصل طالت مدرسين وموظفين في مديريات الزراعة والصحة والخدمات الاجتماعية بالسويداء.

قرارات الفصل التعسفي، كانت بسبب عدم التحاق الموظفين في الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، أو بسبب مشاركتهم في المظاهرات حتى قبل الحراك السلمي الذي انطلق في 17 من آب 2023.

في شباط 2020 فصل النظام 21 مدرسًا بذريعة عدم التحاقهم بالخدمة الاحتياطية ، بينهم أربعة مدرسين في السويداء.

وفي آب الماضي، فصلت القيادة المركزية لحزب “البعث”، 100 عضو عامل في محافظة السويداء من صفوف الحزب، بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات التي تشهدها السويداء منذ عام.

وقال مصدر من حزب “البعث” لـ”السويداء 24″، إن قيادة فرع الحزب في السويداء طالبت مطلع العام الحالي الفرق الحزبية، بإيفادها بأسماء البعثيين المشاركين في المظاهرات، ثم رفعت تلك الأسماء إلى القيادة المركزية في شباط الماضي واقترحت طردهم.

تعليقًا على هذا القرار، قال قرقوط، إن قيام حزب البعث بفصل 100 عضو لديه دفعة واحدة من الحزب، دليل على أن النظام فشل باستدراج البعثيين إلى مهماتهم الأمنية الموكلة لهم، عدا عن أن هؤلاء الأعضاء وضعوا الحزب في موقف محرج، حيث أنهم ليس فقط لم يلتزموا بمهماتهم الأمنية، بل شاركوا بالمظاهرات وطالبوا بإسقاط النظام، لذا قام الأخير بفصلهم.

كان “الائتلاف السوري المعارض” أكد في بيان له في تشرين الثاني 2023، أن لجوء مسؤولي نظام الأسد في محافظة السويداء إلى أساليب التخويف بالاعتقال والتهديد بالفصل من الوظيفة والملاحقة، إذا استمر العاملون في مؤسسات الدولة بالمشاركة في المظاهرات، دليل على أن العقلية الأمنية وآلية التعامل لدى النظام السوري لا تزال هي ذاتها التي كانت عليها في بداية الثورة عام 2011.

وأضاف “الائتلاف” أن الحراك السلمي في السويداء لو لم يشكل تهديدًا حقيقيًا لنظام الأسد، لما بدأت أدواته ومسؤولو مؤسساته باللجوء إلى محاربة الناس في لقمة عيش أطفالهم، حتى يكفوا عن المشاركة في المظاهرات المطالبة بالتغيير السياسي وتطبيق القرارات الدولية.

حراك مستمر

رغم مساعي النظام السوري لإجهاض حراك السويداء، عبر عمليات التصفية والاعتقال والتفجيرات التي استهدفت ساحة الكرامة وسط السويداء عدة مرات، فإن الأهالي ما زالوا مصرين على مواصلة احتجاجاتهم.

وقالت شبكة “السويداء 24“، إن ساحة الكرامة جددت اليوم، الجمعة 6 من أيلول، مظاهرتها المركزية الأسبوعية، حيث توافد عشرات المحتجين من مختلف نواحي المحافظة.

ورفع المحتجون اللافتات المعبرة عن مطالبهم، والورود وأغصان الزيتون، مشددين على سلمية الحراك، ورددوا الهتافات للتأكيد على مطالبهم بإسقاط النظام وتطبيق القرار الدولي 2254.

وحاول النظام جاهدًا إخماد الحراك بشتى السبل، ففي أواخر شباط الماضي، قتل جواد الباروكي، وهو أول متظاهر يقتل في الحراك الشعبي بالمدينة على يد قوات النظام السوري.

كانت بلدة مفعلة شمال شرقي السويداء شهدت توترًا، في 7 من آب الماضي، بسبب منع متظاهرين من الدخول إلى البلدة، وإطلاق نار في السماء من قبل فصيل مسلح يتبع للنظام.

وبحسب شبكة “السويداء 24” المحلية، دعمت “المخابرات العسكرية” شخصًا يدعى سليم حميد لتشكيل فصيل مسلح جديد، كمحاولة أمنية لإجهاض الحراك.

في أيار الماضي، أرسلت قوات النظام السوري تعزيزات عسكرية “هي الأكبر” باتجاه محافظة السويداء، حيث تضم ناقلات جند ومدرعات ودبابات.

وفي الشهر ذاته أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، مرسومًا رئاسيًا، يقضي بتعيين اللواء أكرم علي محمد، محافظًا للسويداء، والذي يُتهم بارتكاب جرائم حرب، في محاولة من النظام إرسال تهديدات أمنية لأهالي السويداء للتوقف عن المظاهرات.

كان متظاهرو السويداء أكملوا، الجمعة 16 من آب الماضي، عامهم الأول من الاحتجاجات، متحدين القبضة الأمنية للمخابرات التي حاولت إخماد الحراك السلمي.

في 17 من آب 2023، انطلقت الشرارة الأولى لحراك السويداء، بإضراب عام تمثل بقطع الطرقات وإغلاق مقار حزب “البعث”، والدوائر الحكومية والبلديات، احتجاجًا على رفع النظام أسعار المشتقات النفطية، وسوء الأوضاع المعيشية والخدمية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة