دعوات لحل المشكلة

مكب نفايات يهدد صحة 15 ألف نسمة في كلجبرين

يؤثر مكب النفايات سلبًا على حياة نحو 15 ألف نسمة في قرية كلجبرين بريف حلب - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

camera iconيؤثر مكب النفايات سلبًا على حياة نحو 15 ألف نسمة في قرية كلجبرين بريف حلب - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

tag icon ع ع ع

اعزاز – ديان جنباز

يعاني سكان قرية كلجبرين بريف مدينة اعزاز شمالي حلب من وجود مكب للنفايات على أطراف القرية، مع ما يحمله من آثار صحية وبيئية، وعجز الجهات المحلية عن معالجة المشكلة.

لا يقتصر ضرر المكب على الروائح الكريهة فقط، بل بات يشكّل تهديدًا حقيقيًا على صحة الأهالي، إذ يتسبب في انتشار الأمراض المزمنة، وتتسرب منه السوائل إلى المياه الجوفية.

يتسبب المكب بانتشار الحشرات بكثرة، ما دفع بعض السكان للتصدي لها من خلال بخ المنازل بأدوية ومبيدات حشرية، ودفع مبالغ إضافية.

عشر سنوات مضت على وضع مكب النفايات، حيث كان في البداية مخصصًا للتخلص من نفايات القرية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 15 ألف نسمة.

لكن مع مرور الوقت، توسع المكب ليشمل نفايات من القرى المجاورة والمخيمات المحيطة، ما زاد من حجم التلوث، وأثر بشكل كبير على البيئة والصحة العامة في المنطقة.

أزمات صحية.. تكاليف مرتفعة

وفق أهالٍ قابلتهم عنب بلدي، فإن المكب ليس للمخلفات المنزلية فقط، إنما تُرمى فيه مخلفات طبية ما أدى إلى تسرب سوائل النفايات ومواد طبية إلى المياه الجوفية.

يحتاج عبد الحي العيسى، القاطن في قرية كلجبرين، إلى جلسات رذاذ وأدوية التهاب بشكل أسبوعي، إثر تعرضه لالتهاب حاد في القصبات الهوائية، وربو، وحساسية، متأثرًا بمكب القمامة.

وقال لعنب بلدي، إنه يدفع ثمن الأدوية بتكلفة تصل إلى 500 ليرة تركية أسبوعيًا، ويواجه صعوبة في تأمين بعض الأدوية الدورية، بسبب عدم توفرها في النقاط الطبية.

وأضاف أن التعب الجسدي يقترن مع غياب القدرة المالية على تحمل تكاليف العلاج، خاصة أنه يعتمد على دخل بسيط بعمله بالزراعة ولا يتناسب مع التكاليف المتزايدة، حسب قوله.

ولا تتجاوز الأجرة اليومية للعامل في أحسن الأحوال 100 ليرة تركية (ثلاثة دولارات أمريكية)، دون استمرارية في العمل.

حلول غير آمنة

يشتري يحيى العائد من سكان كلجبرين أدوية ومبيدات حشرية لمكافحة الحشرات في منزله، بتكلفة تصل إلى 30 دولارًا أمريكيًا شهريًا (1000 ليرة تركية).

يعلم يحيى أن المبيدات حل خطير، لكنه يحاول قدر الإمكان تجنب أضرارها، إذ يرشها داخل وخارج المنزل، لكنه متخوف دائمًا من أي أثر سلبي على صحة أطفاله.

وقال إن أولاده يعانون من الحساسية بشكل دائم، وأن أحد أطفاله أصيب بحبة “الليشمانيا”، ما استدعى زيارات الطبيب عدة مرات لتلقي العلاج المناسب، وتفادي أضرار وتداعيات أكبر.

ورغم استخدامه المنتظم لهذه المبيدات والأدوية، لا يتمكن يحيى من التخلص الكامل من الحشرات ولا حتى الأمراض الناتجة عن المكب.

ناشد يحيى وعدة أشخاص قابلتهم عنب بلدي، الجهات المعنية والمنظمات المحلية باتخاذ إجراءات عاجلة لإزالة مكب النفايات الذي يفاقم انتشار الأمراض في القرية.

ودعا إلى تنفيذ حملات رش بالمبيدات الحشرية بشكل منتظم للتصدي لانتشار الحشرات الناقلة للأمراض، حفاظًا على صحة السكان وسلامة البيئة.

يؤثر مكب النفايات سلبًا على حياة نحو 15 ألف نسمة في قرية كلجبرين بريف حلب - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

يؤثر مكب النفايات سلبًا على حياة نحو 15 ألف نسمة في قرية كلجبرين بريف حلب – أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

خطر على الصحة العامة

الطبيب أحمد علي، من كلجبرين، قال لعنب بلدي، إن أكثر الأمراض شيوعًا في القرية هي التهابات الجهاز التنفسي، خاصة في فصل الشتاء، والأمراض المعوية الناتجة عن تلوث المياه والطعام، مثل الإسهال، والزحار، والتسمم الغذائي، والتهاب الكبد.

وأوضح أن الأمراض الجلدية منتشرة وبارزة كالجرب والفطريات، إلى جانب الأمراض الطفيلية.

وأضاف الطبيب أن الأطفال هم الأكثر عرضة للمخاطر الصحية الناجمة عن الحشرات والذباب المنبعث من مكب النفايات، وتشمل هذه الأمراض المعدية، خاصة الهضمية مثل الزحار، والتيفوئيد، والكوليرا، إضافة إلى الإسهال والتجفاف.

كما يمكن أن تنتشر أمراض جلدية مثل الحساسية والفطريات، بالإضافة إلى أمراض مثل الملاريا و”الليشمانيا” المعروفة أيضًا بـ”حبة السنة”، وهو مرض طفيلي تنقله ذبابة الرمل ويزداد انتشارًا في المناطق التي تعاني من مشكلات في النظافة أو قرب مكبات النفايات.

وحذر الطبيب من تسرب مخلفات المستشفيات إلى المياه الجوفية، إذ إنها تشكل خطرًا على الصحة العامة، وتؤدي إلى تسرب مواد سامة مثل الزئبق والرصاص والديوكسينات، بالإضافة إلى المواد الكيماوية الصناعية، ما يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض خطيرة بين سكان القرية.

مشكلة تفوق قدرة المجلس المحلي

تقع القرية في مناطق سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة”، وتدار خدميًا من قبل المجلس المحلي، لكن إمكانياته قاصرة على حل مشكلة النفايات.

رئيس المجلس المحلي في قرية كلجبرين، عبد الحميد العلي، قال لعنب بلدي، إن المكب الذي يمتد على مساحة ثلاثة دونمات بعمق عشرة أمتار، بات غير قادر على استيعاب النفايات بسبب تزايد كمياتها.

وأضاف العلي أن المجلس يواجه عجزًا في حل المشكلة، حيث يتطلب الأمر مبالغ “ضخمة” لبناء سور مرتفع حول المكب أو إنشاء معمل لتدوير النفايات.

وذكر أن المجلس حاول مرارًا التواصل مع الجهات المسؤولة والمنظمات لحل المشكلة، لكنه لم يتلقَ أي رد أو حلول فعّالة حتى الآن.

بؤر للأوبئة

تنتشر أكوام النفايات والقمامة في المدن والأرياف، على الجغرافيا السورية، وبتعدد مناطق السيطرة، مشكّلة مواقع تكاثر للآفات والحشرات من بعوض وذباب والحيوانات من فئران وقطط وكلاب شاردة، وباتت منبعًا وبؤرة للأوبئة والأمراض والروائح الكريهة، وطالت أضرارها البشر والبيئة.

وفي تصريح سابق لعنب بلدي، قال “الدفاع المدني السوري”، إن انتشار مكبات القمامة يشكّل خطرًا على صحة المدنيين وخاصة في جهاز التنفس الذي يمكن أن يتأثر بشكل تدريجي وعلى المدى الطويل بسبب حرق النفايات بشكل أساسي.

واعتبر أن وجود مكبات القمامة بالقرب من المخيمات هو حالة غير صحية أبدًا، وهناك حالة مشابهة لها هي جريان أو وجود مستنقعات للصرف الصحي بالقرب من المخيمات والقرى والبلدات،

وأحيانًا تكون هناك عمليات حرق للنفايات بهدف التخلص منها، وهذا بالتالي يؤدي إلى انبعاث أدخنة ضارة من عملية الحرق، كما تؤدي المكبات إلى انتشار الحشرات والقوارض وخاصة في المكبات غير المجهزة.

يسكن شمال غربي سوريا 5.1 مليون شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.4 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 3.4 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة