سكان الحسكة في رحلة يومية للبحث عن المياه
لم تعد تنقلات علي الوهب اليومية على سيارة الأجرة التي يعمل بها لنقل الركاب فحسب، إذ اضطره شح المياه في الحسكة لتخصيص جزء من جولاته اليومية بسيارة الأجرة للبحث عن المياه.
منذ دخول الصيف ازداد الوضع سوءًا مع استمرار شح المياه وانقطاعها عن أحياء الحسكة، وسط غياب حلول مجدية من قبل الجهات المعنية لحل أزمة المياه.
خسارة العمل مقابل كسب المياه
يحاول علي الوهب (46 عامًا)، جاهدًا التوفيق بين وقت عمله على سيارة الأجرة وملاحقة صهاريج المياه من حي إلى آخر في مدينة الحسكة، وقال لعنب بلدي، إن “رحلة العذاب” تبدأ كل يوم للبحث عن لقمة العيش وقطرة الماء الضرورية لحياة عائلته المكونة من أربعة أشخاص.
يعمل الوهب طوال النهار على سيارة للأجرة، ويتقاضى مقابل ذلك نسبة معينة من مالك السيارة، لكن شح المياه جعله يخصص معظم الدخل الذي يتقاضاه من عمله لتعبئة خزان المياه لديه (ألف ليتر)، والذي يكفي عائلته لثلاثة أو أربعة أيام فقط، مع التوفير في استخدامها.
يزاد الأمر صعوبة عندما يتضارب بحث علي عن المياه مع عمله على سيارة الأجرة، وكثيرًا ما دخل في جدال مع مالك السيارة حول أولوية العمل على سيارة الأجرة بدل بحثه عن المياه.
إلى جانب علي الوهب، هناك مئات العوائل ممن رصدت عنب بلدي حالهم في مختلف أحياء الحسكة، لا يزالوا يعانون من شح المياه وارتفاع أسعارها، حيث يصطف السكان عند الخزانات المنتشرة ضمن أحياء مدينة الحسكة وشوارعها الرئيسية، للحصول على فرصة لتعبئة المياه.
خزان المياه بمئة ألف
يشتكي سكان الحسكة من ارتفاع أسعار صهاريج المياه، إذ وصل سعر تعبئة الخزان إلى 30 ألف ليرة سورية (دولاران)، وفي أوقات الذروة والمناسبات تصل تكلفة الخزان إلى 100 ألف ليرة (سبعة دولارات).
أصحاب الصهاريج في الحسكة برروا ارتفاع أسعار تعبئة المياه بسبب غلاء المحروقات، إذ قال محمد الراوي (35 عامًا) صاحب صهريج لبيع المياه، لعنب بلدي، إنه لا يوجد دعم حقيقي لأصحاب الصهاريج بمادة المازوت.
وأضاف الراوي أن أصحاب الصهاريج يضطرون لرفع أسعار تعبئة الخزان، لأنهم يشترون المحروقات على حسابهم الخاص بسعر خمسة آلاف ليرة سورية لليتر المازوت الواحد.
قيام أصحاب الصهاريج برفع أسعار المياه، ليس بسبب غلاء المحروقات فحسب، بل كونهم يستغرقون وقتًا طويلًا لتعبئة الصهاريج بسبب الضغط المتزايد على المناهل.
وقال الراوي، إنه يمكن تعبئة الصهريج ثلاث أو أربع مرات في اليوم، في حال عدم وجود عدد كبير من الصهاريج على المنهل، لكن في أغلب الأوقات لا يمكن تعبئة الخزان سوى مرتين أو حتى مرة واحدة فقط يوميًا، بسبب قلة المناهل وتعطل بعضها، واصطفاف طوابير من الصهاريج عليها.
حلول غائبة
رغم مناشدات سكان الحسكة المتكررة لحل مشكلة المياه، فإن نداءاتهم لم تلقَ استجابة، وقال طارق الجوير (41 عامًا) من حي تل حجر في الحسكة، إنه رغم كل الحلول المطروحة التي “نقرأ عنها فقط في صفحات التواصل”، فإن مشكلة شح المياه لم تحل بعد ولا يزال الأهالي يعانون منها.
وأضاف الجوير، لعنب بلدي، أن أصحاب الصهاريج لا يجيبون على اتصالاتهم المتكررة لتعبئة خزاناتهم، وعندما يردون فإنهم يستغلون الوضع ويطلبون أسعارًا مرتفعة.
ووسط شح المياه، يخشى الأهالي من مصادر المياه غير المعروفة، التي يعبئ منها أصحاب الصهاريج، ومع ذلك هم مجبرون على استعمالها لعدم توفر البديل، وفق الجوير.
“الإدارة الذاتية” كانت أعلنت عن عدة مشاريع لتأمين المياه اللازمة لمدينة الحسكة، والتي قدرتها بأكثر من 130 مليون متر مكعب يوميًا، مثل حفر آبار في منطقة الحمة لكنها جفت لاحقًا، والبدء بمشروع حفر 20 بئرًا في ريف عامودا، ومشروع جر المياه إلى الحسكة بمسافة 62 كيلومترًا، بتكلفة 18 مليون دولار، لكن هذه المشاريع لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
النظام من جهته اكتفى بتوزيع خزانات من المياه ونشر محطات تحلية يشرف عليها “الهلال الأحمر السوري”، ضمن مناطق سيطرته في الحسكة، تجري تعبئتها بواسطة الصهاريج، لكنها حسبما رصدت عنب بلدي فليست كافية.
ووردت تعليقات عبر مجموعة “نسائم الحسكة” في “فيس بوك”، عن التوجه إلى محطات التحلية التي نشرها “الهلال الأحمر”، في حديقة الثورة وحديقة الواحة، والمرديان وبين الجسرين في الحسكة، لكنها جميعها كانت معطلة أو فارغة، وعاد إلى معظم الناس إلى بيوتهم بلا مياه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :