قد تكون مميتة في بعض الأحيان.. ضربة الشمس

قد تكون مميتة في بعض الأحيان.. ضربة الشمس
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

مع ارتفاع درجات الحرارة في مثل هذه الأيام من كل عام، تكثر حالات الإصابة بضربة الشمس، وخاصة بين العمال تحت أشعة الشمس أو في الأماكن المغلقة سيئة التهوية، لكنها تكثر أيضًا عند عموم الناس في المناطق سيئة الخدمات، من حيث توفر الكهرباء لتشغيل المراوح ومكيفات الهواء والثلاجات، لذلك لا بد من التذكير بأسباب وأعراض وطرق الوقاية من الإصابة بضربة الشمس التي قد تكون مميتة في حال لم تعالَج بشكل صحيح.

ما المقصود بضربة الشمس وكيف تحدث

ضربة الشمس (Sunstroke)، أو ما تسمى أيضًا ضربة الحر (Heatstroke)، هي حالة طبية طارئة تحدث عندما تزيد درجة حرارة الجسم الأساسية على 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت)، بسبب التعرض لفترات طويلة لدرجات حرارة عالية أو مجهود بدني في الظروف الحارة والرطبة.

ويحدث ارتفاع درجة حرارة الجسم نتيجة توقف إفراز العرق الذي يلطف حرارة سطح الجسم عند تبخره، فأحيانًا ونتيجة البقاء في الجو الحار أو تحت أشعة الشمس لفترة طويلة، قد يخسر الجسم 10 ليترات من العرق، وفي حال عدم تعويض هذا الحجم فسيصاب بالتجفاف، وهذا يؤدي إلى توقف عملية التعرق، كذلك عند البقاء لفترة طويلة أو بذل مجهود بدني في مكان حار وسيئ التهوية مع نسبة رطوبة مرتفعة، فإن آلية تنظيم الحرارة في الجسم تفشل، ويتوقف تدفق الدم إلى الجلد ما ينتج عنه توقف إفراز العرق، كل ذلك سيؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم بشكل سريع، وإذا ما وصلت حتى 39-40 درجة مئوية فإن الدماغ يقوم بإرسال إشارات إلى العضلات حتى تبطئ من حركتها، وهو ما يجعل المرء يبدأ بالشعور بالإعياء والتعب، ويترافق ذلك بالدوخة وتشوش الرؤية والشعور بالخدر في أنحاء الجسم، وتسمى هذه الحالة “الإنهاك الحراري”، وإذا استمرت حرارة الجسم بالارتفاع وتجاوزت 40–41 درجة مئوية، يبدأ تأثر التفاعلات الكيماوية في الجسم، ويحدث خلل مؤقت أو دائم في عمل الأجهزة الحيوية في الجسم كالقلب والرئتين والكبد والكليتين والعضلات والدماغ، وقد تنتهي الحالة بالوفاة.

ما الأعراض

قد تتطور الأعراض خلال ساعات، فيلاحَظ عند المصاب ارتفاع حاد بدرجة حرارة جسمه (40 درجة مئوية أو أعلى)، وعدم تعرق، ويكون الجلد حارًا وجافًا عند لمسه، ومائلًا للاحمرار (في ضربة الشمس الجهدية قد يكون الجلد رطبًا)، مع صداع ودوار، وغثيان وقيء، وزيادة سرعة التنفس، وتسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم في البداية ثم انخفاضه في المراحل المتقدمة، وعندها يحدث إعياء شديد، وهلوسة، وصعوبة الكلام وعدم فهم ما يقوله الآخرون، أخيرًا قد يحدث إغماء وتضيق حدقات العينين وتشنج العضلات، وقد تؤدي الحالات الخطيرة وغير المعالجة إلى الوفاة.

وعادة ما تتطور الحالة وفق التسلسل المذكور، إلا أن من الممكن أن تبدأ الإصابة بسقوط مفاجئ مع فقدان للوعي وسرعة وعمق في التنفس، بالإضافة إلى باقي الأعراض التي ذكرناها.

ما التوصيات لتجنب الإصابة

في الأجواء الحارة يُنصح بتجنب التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة ومتواصلة، والبقاء قدر الإمكان في الأماكن المظللة وجيدة التهوية.

كذلك تجنب العمل أو ممارسة الأنشطة الرياضية في الطقس الحار وخاصة بالظهيرة، وفي الأماكن المغلقة سيئة التهوية ومرتفعة الرطوبة.

الإكثار من شرب الماء والعصائر.

عدم ترك الأطفال يلعبون تحت أشعة الشمس لفترات طويلة، وعدم ترك أي شخص وخصوصًا الأطفال أو كبار السن في سيارة مغلقة لفترة طويلة في الطقس الحار.

في حال الإحساس بأعراض الإنهاك الحراري، يجب اتخاذ تدابير فورية، كالذهاب إلى مكان مكيف أو مظلل، ورش الجسم بالماء البارد، وشرب السوائل غير السكرية أو الحاوية على الكحول أو الكافيين، وبهذا يمكن منع تطور الحالة.

كيف يجب التعامل مع الإصابة

في حال عدم تحسن أعراض الإنهاك الحراري خلال 30 دقيقة، أو كانت الإصابة شديدة وظهرت أعراض ضربة الشمس، يجب على المرافقين طلب سيارة الإسعاف لنقل المصاب إلى المستشفى، وفي هذه الأثناء يجب البدء بالإسعاف الأولي.

ويبدأ الإسعاف الأولي بإبعاد المصاب عن أشعة الشمس والجو الحار ووضعه في مكان مظلل أو مكيف، والانتباه لإبقائه مستلقيا على ظهره، ثم يتم تبريد جسم المصاب من خلال إزالة الملابس غير الضرورية، واستخدام كمادات ماء بارد لتبريد الرأس والأطراف وتحت الإبطين وبين الفخذين، كذلك لف الجسم بقطعة قماش مبللة بالماء البارد، أو صب الماء على الجسم، ويمكن تغطيس الطفل في حوض ماء بارد بدرجة حرارة 15 مئوية مع تجنب استخدام الثلج خشية أن يسبب تقلص الأوعية الدموية مما يسيء للحالة.

ويفضل تعريض الجسم لمصدر هوائي أو مروحة حتى يتبخر الماء بسرعة مما يخفض من حرارة الجسم.

إذا كان المصاب واعيًا فيجب إعطاؤه ماء أو مشروبًا مثلجًا لشربه، مع ضرورة تجنب المشروبات الساخنة أو المنبهة.

وعند الوصول إلى المستشفى، يعطى المصاب السوائل عن طريق الوريد وتتم مراقبة العلامات الحيوية، ويجب التوقف عن تبريد الجسم في حال هبطت حرارته إلى ما دون 38 مئوية، وعادة ما يستغرق التعافي الأولي يومًا إلى يومين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة