رغم مرور أكثر من 40 يومًا على انتهاء موسم حصاد القمح في محافظة درعا جنوبي سوريا، لم تنهِ المصارف الزراعية بعد تسليم أثمان القمح للمزارعين.
المزارع أحمد، سلم إنتاجه من القمح للمؤسسة العامة للحبوب منذ نحو شهر، ولم يستلم مستحقاته المالية حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، وعند مراجعة المصرف الزراعي في مدينة إزرع، في 26 من آب، منحه موعدًا في 1 من أيلول لاستلام مخصصاته.
وسلم أحمد (42 عامًا) ستة أطنان من القمح وهي نتاج محصوله البالغ مساحته 20 دونمًا من القمح المروي.
وأضاف، لعنب بلدي، أنه راجع المصارف الزراعية مرات عديدة وكان جواب الإداريين دائمًا أنهم ملتزمون بالتسليم حسب القوائم، بناء على تاريخ صرف المستحقات من مؤسسة الحبوب.
المزارع قال إنه دفع أجور الحصاد ما يقرب من مليوني ليرة سورية (حوالي 136 دولارًا) إضافة لأجور نقل المحصول حوالي مليون ليرة (86 دولارًا) بعد أن استدان المبلغ لحين تسليمه مستحقاته من المصرف.
من جانبه قال قاسم (35 عامًا)، وهو تاجر قمح في ريف درعا الغربي، إن المصرف الزراعي تأخر في تسليمه مستحقاته المالية لأكثر من شهرين، منذ موعد تسليم آخر كمية من القمح لمؤسسة الحبوب.
وأضاف لعنب بلدي أن المزارعين أجبروه على تسديد أثمان القمح المباع له، ولم يوافقوا على الانتظار لحين تسليمه مستحقاته المالية من المصارف الزراعية ما أدخله في ضائقة مالية أثرت على تجارته.
“رأس مال التاجر سمعته وصدقه في مواعيد التسليم”، وفق التاجر، ما دفعه لتسديد مستحقات المزارعين من جيبه الخاص، علمًا أنه لم يستلم ثمن عشرة أطنان من القمح سلمها للمؤسسة.
هذا العام هو الأول من نوعه الذي تتأخر فيه المصارف في تسليم أثمان القمح، بحسب التاجر، إذ لم يسبق أن تأخرت لأكثر من ثلاثة أيام بعد موعد تسليم القمح خلال المواسم الماضية.
واشتكى مزارعون من تسليمهم مبالغ مالية من فئة 500 و1000 ليرة سورية، وهي مبالغ كبيرة من حيث الكمية، ويصعب حملها وعدها، كما لا يرغب التجار بالتعامل فيها وتداولها.
ونشرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) أن فروع المصارف الزراعية التعاونية في محافظة درعا صرفت منذ بداية عمليات التسويق، حتى 24 من تموز الماضي، 255 مليارًا و100 مليون ليرة سورية ثمن الاقماح المسلمة من المزارعين في المحافظة.
وقال مدير فرع المصرف الزراعي التعاوني في درعا، عبد الله عياش، لـ”سانا” إن المصارف تسلّم مستحقات الفلاحين المالية بناءً على قوائم الشراء الواردة من فرعي المؤسسة العامة للحبوب ومديرية إكثار البذار.
أزمة عامة في التسليم
لم تقتصر المعوقات على تأخير تسليم ثمن القمح، بل سبقها تأخير في تسليم القمح في الصوامع، إذ عانى المزارعون والتجار من الانتظار في طوابير طويلة حتى يحين دورهم لفحص العينات ومطابقتها للمواصفات واعطاءها الدرجة المستحقة.
وحددت حكومة النظام السوري سعر الكيلوغرام الواحد من الدرجة الأولى للقمح بـ5500 ليرة سورية (37 سنتًا) خلال المواسم الزراعي الماضي.
قاسم تاجر الحبوب في درعا، قال لعنب بلدي إن المؤسسة لم تعطه في تقييمها للجودة الدرجة الأولى ذات تسعيرة 5500 ليرة، إنما حددت قمحه بدرجة ثالثة بسعر 5300 ليرة سورية لكل كيلوغرام.
وأضاف أنه أُجبر على الانتظار أمام المؤسسة العامة للحبوب لأكثر من 48 ساعة مع كل كمية قمح سلمها، وترتب على ذلك زيادة في أجرة السيارة التي يتقاضى سائقها 500 ألف ليرة سورية (34 دولارًا) عن كل يوم تأخير، تضاف إلى أجرة السيارة المقطوعة التي تصل إلى مليون ونصف ليرة سورية (نحو 100 دولار).
وتسلم مديرية المحروقات للمزارع 20 ليترًا من المازوت (ديزل) عن كل طن قمح مسلم للمؤسسة بسعر 8000 ليرة لليتر الواحد، في حين يصل سعر الليتر إلى 16 ألف ليرة سورية في السوق المحلية.
ويباع كيلو القمح إلى التاجر مباشرة بسعر 5000 ليرة، ورغم ربحية بيعه مباشرة للتاجر، يفضل البعض تسليمه لمؤسسة الحبوب رغم تكلفة نقله، بهدف الحصول على المازوت والأسمدة المقدمة بالسعر المدعوم، إذ تربط مديرية الزراعة تسليم هذه المواد بكشوف تثبت تسليم الفلاح قمحه للمؤسسة.
ياسر (47 عامًا) وهو مزارع في ريف درعا الغربي إنه سلم ثلاثة أطنان من إنتاجه، من أصل ستة أطنان للمؤسسة العامة للحصول على مخصصاته من المواد المدعومة في حين باع بقية الإنتاج للتجار.
وأضاف أن كلفة نقل المحصول والانتظار حتى تسليمه وطول فترة تسليم المستحقات المالية عوامل دفعته لبيع نصف محصوله للتاجر.
وأصبحت محافظة درعا من المحافظات الرائدة في إنتاج القمح والشعير وهي محط اهتمام لدى الحكومة، لا سيما بعد خروج مناطق شمال شرقي سوريا عن سلطة النظام وخسارته لأراضي زراعية كانت تنتج القمح بكميات كبيرة.
مدير زراعة درعا، بسام الحشيش، قدّر خلال حديثه لقناة “سما” الفضائية، المساحة المزروعة بالقمح المروي بـ 11055 هكتار من أصل الخطة الزراعية البالغة 10030 هكتار.
في حين بلغت مساحة القمح المزروع بعلًا بـ87000 هكتار.
وتوقع الحشيش أن يصل إنتاج المحافظة لهذا الموسم إلى كمية تتراوح بين 130 و136 ألف طن.