ظروف معيشية متردّية

 ربّات منازل ديريات يفتقدن طقس “المونة”

عائلات تخفّض كمية المؤونة في دير الزور - 27 من آب 2024 (عنب بلدي / عبادة الشيخ)

camera iconعائلات تخفّض كمية المؤونة في دير الزور - 27 من آب 2024 (عنب بلدي / عبادة الشيخ)

tag icon ع ع ع

دير الزور – عبادة الشيخ

لأول مرة منذ 35 عامًا تغيب أطباق المؤونة عن منزل الخمسينية سمر الأحمد القاطنة في بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي، بعد أن كان شهرا آب وأيلول من كل عام حافلين بتخزين الباذنجان والملوخية والبامية و”الكشك” والكوسا والمربيات، وتحضيرها لفصل الشتاء.

السيدة النازحة من مدينة دير الزور إلى ريفها بالكاد تستطيع تأمين وجبة عائلتها اليومية والاحتياجات الأولية، فعمل أبنائها الثلاثة بالمياومة والعتالة لا يجلب مردودًا ماليًا لتحضير المؤونة، إذ يتقاضى الواحد منهم في اليوم 35 ألف ليرة سورية، في عمل غير ثابت.

وقالت السيدة لعنب بلدي، إن أبناءها يجلبون ما يحصلون عليه من خضراوات في سوق “الهال”، ما يساعدهم على تحمل المصاريف وإيجار المنزل الذي يبلغ 400 ألف ليرة سورية.

وينطبق حال السيدة على قاطنين كثر في دير الزور، سواء بغياب المؤونة أو الاقتصاد فيها وتراجع كميات التخزين منها، إثر ظروف اقتصادية ومعيشية متردية وقلة في فرص العمل.

وتنقسم دير الزور إلى قسمين، الشرقي وتسيطر عليه “الإدارة الذاتية” وذراعها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والغربي الواقع تحت سيطرة النظام السوري.

طقوس غائبة.. نصف الكمية

بحسرة، تستذكر هيام الطباش (45 عامًا) القاطنة في قرية الطيبة أجواء تحضير المؤونة خلال السنوات الماضية، حين كانت تبدأ برفقة بنات العائلة بتحضير الخضراوات والمربيات مطلع شهر آب من كل عام.

وقالت السيدة التي تعمل معلمة، إن راتبها الشهري لم يعد يكفي لمصروف يومين أو ثلاثة، الأمر الذي جعلها تعزف عن تجهيز المؤونة، وحالها حال الكثير من الأسر، بحسب قولها.

وذكرت أنها لم تستطع حتى تجفيف الباذنجان كالسابق، بالرغم من انخفاض سعره في بداية موسمه.

أما مروى الجمال (23 عامًا) العاملة في مجلس “دير الزور المدني”، فقالت إن ارتفاع تكلفة المؤونة أجبر عائلتها على تخزين نصف الكمية المعتادة.

وأضافت أن عائلتها كانت تحضّر وتجفف في الأعوام السابقة 200 كيلوغرام ملوخية، و100 كيلو باذنجان، و25 كيلو من “الكشكة”، و35 كيلو بامية، وقرابة 100 كيلو من “المكدوس”، لكن هذا العام تراجعت كلها الى النصف تقريبًا.

خضراوات غالية في موسمها

إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، أثر ارتفاع أسعار الخضراوات الصيفية في موسمها على تحضيرها كمؤونة، خاصة بعد تصعيد عسكري شهده ريف دير الزور خلال آب الماضي.

شهاب الخلف، تاجر في سوق “الهال” ببلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار الخضراوات دفع كثيرين لعدم شرائها وتخزينها، مضيفًا أن ارتفاع أسعار المواد التي تستخدم للمؤونة مثل “مكدوس الباذنجان”، دفع كثيرين إلى التخلي عن إعداده.

ووصل سعر الكيلو من الباذنجان إلى 7000 ليرة، والفليفلة الحمراء إلى 6500 ليرة، وليتر زيت الزيتون إلى 120 ألفًا، وسعر كيلو الجوز إلى 150 ألف ليرة، وجميعها يدخل في تحضير “المكدوس”.

وذكر التاجر أن تدهور مستوى الأجور أدى إلى عزوف العديد من العائلات عن المؤونة، ودفعهم فقط لشراء حاجيات ليوم أو يومين فقط، إضافة إلى غياب الفول والبازلاء منذ سنوات لكونهما يحتاجان إلى الكهرباء (متقطعة ورديئة).

ويعيش سكان المنطقة أوضاعًا معيشية متردية، أسوة بمناطق النفوذ المختلفة على الجغرافيا السورية، في حين تعتبر المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” الأغنى في سوريا، إذ تضم معظم آبار النفط، إلى جانب كونها توصف بسلة سوريا الغذائية، نظرًا إلى النشاط الزراعي الكبير فيها.

وتزيد المعاناة بتدهور العملة المحلية، ففي مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” لا يتجاوز راتب الموظف مليون ليرة سورية (65 دولارًا أمريكيًا)، بينما يصل الحد الأدنى للرواتب في مناطق سيطرة النظام إلى 279 ألف ليرة سورية (18 دولارًا).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة