“داريا الحكاية”.. قصص الموت والمنفى

"داريا الحكاية".. قصص الموت والمنفى
tag icon ع ع ع

“روح عاشقة أنا، انبثقت من جبال مهبط المساءات، ذات فجر حياة. أتجدد مع كل ربيع، مع تبرعم عناقيد العنب، أنا حكاية داريا، تعيش مع كل انتفاضة حرية، رابطة الدم مع ذاكرة الأرض”.

بهذه الكلمات بدأ الكاتب والباحث السوري، مازن عرفة، روايته “داريا الحكاية” بنفَس يحمل الحنين والحرية والذكريات، مدخلًا القارئ إلى جمال الريف السوري ودفء ترابه وعذوبة وغزارة مياهه وجمال نباتاته وأشجاره، لينتقل به لاحقًا إلى عالم مغاير لما بدأ به، إلى ذكريات الدم والنزوح والموت.

تنقسم الرواية المكوّنة من 176 صفحة إلى خمسة فصول، بدأها عرفة بـ”داريا العنب” المليء بالتوصيفات الريفية، وكان على لسان عائلة، الأب فيها حقل قمح والأم كرمة عنب، وأولادهما وأحفادهما، وسرعان ما تنتقل الرواية إلى لسان الشخصيات.

يسرد الكاتب أحداثًا مروية على لسان شخصيات عدة (حسن وخليل وحنين ووفاء وسمية ومحمد وسميرة و…) لترسم معالم لا تقف عند داريا فقط، بل تمتد إلى معظم البلدات والقرى الريفية.

ولم ينهِ الكاتب الفصل الأول دون الدخول في المظاهرات المناهضة للنظام السوري، وقصف قواته للمدينة واقتحامها والاشتباكات العسكرية، وأصوات الرصاص والجنود، مستحضرًا المجريات بطريقة توثيقية سردية.

حمل الفصل الثاني عنوان “داريا الثورة”، وذكر فيه الكاتب أحداثًا على لسان من نجا من الموت، ولجأ إلى بلدات مجاورة تسيطر عليها قوات النظام وحلفاؤها، وعلى لسان من بقي يتجرع مرارة الحصار والاعتقال والعوز والخوف.

جاء الفصل الثالث حاملًا عنوان “داريا المجزرة” ليروي قصص الموت والدم، وطرق الاستهداف الوحشية من قوات النظام السوري للمدينة، ورمي المروحيات لأحقادها، والبراميل ودوي الانفجارات، وارتجاج المنازل، ووصف أشكال “الشبيحة” وسلوكهم، الذين يبدون أشبه بـ”خنازير وحشية” يقتاتون على الدم والسلب.

وحمل الفصل الرابع “هلوسة” والخامس “كوابيس المنفى” مشاهد الصدمة لما حصل في داريا، فالناجي لا يفرق عن الميت، لأنه حمل في ذاكرته ما عايشه ورآه، فهناك “في المنفى، حيث لا حكاية لي، الجسد يعيش الأمان، لكن الجنون ذهب بالروح إلى أقصاه، غدوت ممسوسًا، متشظيًا، معطوب الذاكرة إلا من ومضات مبهمة، تزيد الآلام”.

اعتبر الكاتب مازن عرفة في حديثه لعنب بلدي، أن الرواية تمثّل حكاية كل قرية سورية، وكُتبت بسرد سريالي ولغة وألفاظ مرنة تجعلها لا محدودية الزمن وحية لعشرات السنين.

صدرت الطبعة الأولى من الرواية في تشرين الثاني 2023، عن دار “ميسلون للثقافة والترجمة والنشر”، وتعد واحدة من مؤلفات عديدة أدبية وفكرية للكاتب مازن عرفة المقيم في ألمانيا.

يحمل عرفة إجازة في الآداب من قسم اللغة الفرنسية بجامعة “دمشق” عام 1983، ودكتوراة في العلوم الإنسانية تخصص المكتبات والمعلومات من جامعة “ماري كوري سكودوفسكا” في مدينة لوبلين- بولونيا.

ومن مؤلفات عرفة المولود في قطنا بريف دمشق 1955، “وصايا الغبار” و”سحر الكتاب وفتنة الصورة” و”سرير على الجبهة” و”الغرانيق” و”الغابة السوداء”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة