عنب بلدي – حسن إبراهيم
عبر المستطيل الأخضر، يواصل السوريون خلق فرصة تواصل فيما بينهم، وعكس حبهم وشغفهم بكرة القدم، من خلال إنشاء دوريات شعبية بجهود فردية، وسط ظروف عمل في تركيا لا تتيح لبعضهم الاجتماع سوى يوم العطلة، الأحد.
“دوري المغتربين السوريين” في مدينة غازي عينتاب جنوبي تركيا إحدى هذه البطولات، ويعد فرصة للتسلية واللقاء بين سوريين يقيمون في مدينة تضم 430 ألف لاجئ سوري تحت قانون “الحماية المؤقتة“.
منذ خمس سنوات
المدرب فياض دوه جي، أحد القائمين على الدوري، قال لعنب بلدي، إن “دوري المغتربين السوريين” بدأ منذ عام 2019، وسبب تسميته يعود لكونه دوريًا جامعًا للشباب السوريين الموجودين في الغربة بعيدًا عن وطنهم.
وأضاف أن الدوري جامع من ناحيتين رياضية واجتماعية، بسبب قلة الفعاليات الاجتماعية التي تضم الشباب السوريين، وهدفه المعنوي من تواصل وترفيه وتسلية أكبر من هدفه المادي، لأن قيمة الاشتراك بالكاد تكفي لسد مصاريف الجوائز وأجور الملاعب.
وذكر دوه جي، وهو خريج كلية التاريخ من جامعة “غازي عينتاب”، وخريج قسم الإدارة الرياضية من جامعة “الأناضول”، أن النسخة الحالية من الدوري هي الـ25، لكن سُميت بالنسخة الأولى لأنها جرت على ملعب مختلف عن سابقاتها.
وأوضح المدرب أن عدد الفرق المشاركة يختلف في كل نسخة من الدوري، لكن أقل عدد مشارك هو 16 فريقًا وأكثره 24 فريقًا، لافتًا إلى أن جميعهم من السوريين، ومن جميع الأعمار.
لجنة وجوائز
إلى جانب دوري الرجال، يوجد دوري خاص للشباب ويبدأ من الـ19 عامًا وما دون، ودوري خاص بالناشئين من 17 عامًا وما دون، وتجري الدوريات بإشراف لجنة مؤلفة من عدة أشخاص، هم الكابتن فياض دوه جي، ولاعبون محترفون سابقون في سوريا هم أحمد دوه جي، ومحمد دوه دوجي، ومتطوعون مهتمون بكرة القدم.
وذكر الكابتن فياض أن الدوري يقام على ملعب سداسي خاص، بإيجار 700 ليرة تركية لكل مباراة، لافتًا إلى أن أجور الحجز تختلف حسب التوقيت صباحًا أو مساء.
وأوضح أن كل فريق يدفع 450 ليرة تركية رسوم الاشتراك في المباراة، والمبلغ المتبقي من الفريقين بعد دفع أجور الملعب هو أجور للتحكيم، وثمن جوائز تشتريها اللجنة نهاية البطولة.
في نهاية البطولة، يوزع القائمون على الدوري جوائز رمزية من أحذية رياضية أو ألبسة أو معدات، لأفضل لاعب وأفضل حارس ومدافع وخط وسط ومهاجم ومدرب، وفق الكابتن دوه جي، معتبرًا أن القيمة المعنوية للجوائز أكبر من قيمتها المادية.
عقبات في استخراج الأوراق
تواجه البطولات وحتى الأكاديميات الرياضية في تركيا بعض العقبات والتحديات سواء المالية أو القانونية، وتتجاوز بعضها في حين تتعثر بأخرى.
المدرب فياض دوه جي، قال إن بعض الشباب في الدوري يمتلكون مواهب ومهارات عالية، لكن عقبات استخراج بعض الأذون اللازمة للاحتراف سواء في الأندية المحلية التركية أو الخارجية تمنعهم.
وبحسب رصد عنب بلدي، فإن أكاديميات ولاعبين سوريين في تركيا يواجهون نفس العقبات، كما يمنع السوريون منذ عام 2016 في تركيا من مغادرة الولايات المسجلين فيها، أو الإقامة في ولايات أخرى من دون “إذن سفر” صادر عن إدارة الهجرة التركية.
وخلال السنوات الماضية، نشطت أكاديميات رياضية سورية من أجل صقل مهارة اللاعبين، وتقديم التدريبات لهم، وتأهيلهم من أجل الانضمام للأندية التركية، رغم صعوبات عدة أمام ذلك.
وبلغ عدد السوريين في تركيا المقيمين تحت “الحماية المؤقتة” ثلاثة ملايين و97 ألفًا و660 شخصًا، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن رئاسة الهجرة التركية، في 22 من آب الماضي.
لا دعم.. ألقاب حاضرة
يغيب الدعم من الاتحادين الدولي والآسيوي للجهات الرياضية السورية في تركيا، منها “هيئة الرياضة والشباب” في “الحكومة السورية المؤقتة”، إذ نفى رئيس “الهيئة”، أحمد الخطيب، في حديث سابق لعنب بلدي، تلقيها أي دعم أو مساعدة من الاتحادين.
وتساءل الخطيب عن سبب عدم دعم “فيفا” للرياضيين “الأحرار” المناهضين للنظام السوري في الداخل السوري خارج حكم النظام، وكذلك في تركيا وبلاد اللجوء.
وحقق السوريون نجاحات لافتة وإنجازات فردية وجماعية خارج سوريا منذ بداية الثورة السورية، كالفوز الذي حققته الطفلة السورية لين ياغي في البطولة الفرنسية للشطرنج للشباب، في 2021.
ودخل الشاب السوري محمد نور قرة، المقيم في السويد، موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، كأسرع شخص يقطع مسافة 100 متر إلى الوراء على عجلتين باستخدام الزلاجة المضمنة (Inline Skates)، في تشرين الثاني 2021.
وحقق الملاكم السوري حيدر وردة عدة بطولات في الملاكمة، أحدثها في 11 من أيار الماضي، حين فاز ببطولة “Lorch Fightnight” بتغلبه على الملاكم الألماني ياسين كولالي.
وفي أيار الماضي، فاز لاعبون سوريون بجوائز في بطولة كأس العالم المفتوحة لـ”الكيك بوكسينغ” (واكو) التي أقيمت في اسطنبول، منهم عبد الرحمن خشيني (12 عامًا) الذي حاز فضية بطولة العالم، وفاز شادي خشيني (15 عامًا) ومحمد خشيني (15 عامًا) ببرونزية.