إدارة “الحلال والحرام” تلاحق الألعاب البارالمبية في إدلب

  • 2024/08/29
  • 4:47 م
فعالية افتتاح الألعاب البارالمبية في الملعب "البلدي" في إدلب - 26 من آب 2024 (Syria Relief Operations)

فعالية افتتاح الألعاب البارالمبية في الملعب "البلدي" في إدلب - 26 من آب 2024 (Syria Relief Operations)

أثار تنظيم منظمة “بنفسج” لفعالية الألعاب البارالمبية جدلًا واسعًا في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، وخلقت انقسامًا بين مشجع ومنتقد ومعارض.

وتضمنت الفعالية التي جرت في 26 من آب الحالي، على الملعب “البلدي” في إدلب، مهرجانًا احتفاليًا وحمل شعلة وإضاءات اعتبرها بعض المنتقدين مخالفة للثقافة والعرف والعادات وتشبهًا بالغرب، وذلك بسبب رموز لا تناسب المجتمع ولا تمثله.

في المقابل، اعتبرها آخرون فرصة ولفتة لتسليط الأضواء إلى الشمال السوري، من خلال ربط الفعالية بحدث رياضي عالمي، وتعزيز للاندماج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة.

شرعيون يستنكرون

استنكر شرعيون ودعاة ورجال دين ومراسلون عسكريون الفعالية، من بينهم الداعية عبد الرزاق المهدي، الذي طالب “هيئة تحرير الشام” صاحبة السيطرة العسكرية على المنطقة، بتفعيل جهاز “الحسبة” فورًا.

وقال المهدي إن المهرجان اشتمل على ما وصفها بـ”منكرات كثيرة”، هي “الشعلة الأولمبية الوثنية، وركوع للآلهة، واختلاط لدرجة الالتصاق بين الرجال والنساء، وموسيقى صاخبة، وإعلامي فاسق يلتقط صورة سيلفي مع الفتيات، والأسوأ أنهن كاشفات الوجوه”، على حد قوله.

الداعية السعودي المقيم في إدلب، مصلح العلياني، استنكر وجود الموقد في الاحتفال وتمريره على الحاضرين، واعتبره تشبهًا برموز الأساطير والآلهة، ويرمز إلى الشرك والكفر، واعتبر أن الفعالية فيها “ثقافة شركية (دخيلة) إلى مناطق محررة بدماء السوريين”.

وذكر العلياني أنه في حال تُركت المنظمات على راحتها، فإنها سوف تجلب الدمار إلى البلد، وهو دمار العقيدة.

فعالية افتتاح الألعاب البارالمبية في الملعب “البلدي” في إدلب – 26 من آب 2024 (Syria Relief Operations)

“الإنقاذ” تستدعي المنظمة

في 28 من آب، أصدرت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، بيانًا قالت فيه إن ما حصل في الفعالية مخالف للثقافة والعادات والتقاليد.

وقال مدير العلاقات العامة في وزارة التنمية والشؤون الإنسانية، طارق العلي، إن منظمة “بنفسج” تقدمت بمشروع إقامة “أنشطة رياضية لذوي الإعاقة”، وأخذت الموافقة عليه أصولًا كفعالية رياضية.

وأضاف أنه خلال تنفيذ المشروع، قامت المنظمة بتنفيذ مهرجان احتفالي خارج تخصصها يتطلب إجراءات خاصة، وإحالة إلى الجهة المختصة في إدارة الشؤون السياسية، ما سبب وقوع العديد من التجاوزات في النشاط المذكور، والتي تخالف “ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا”.

جراء ما حصل من تجاوزات تم استدعاء المنظمة وإنذارها، وتوجيهها بتعليق جميع الأنشطة، وفق العلي، متوعدًا بأن الوزارة ستعمل على إعادة ضبط مثل هذه الفعاليات، بما يضمن استمرار تسهيل عمل المنظمات وعدم تكرار حصول التجاوزات.

فعالية افتتاح الألعاب البارالمبية في الملعب “البلدي” في إدلب – 26 من آب 2024 (Syria Relief Operations)

تضامن مع الفعالية

لقيت الفعالية تضامنًا وتشجيعًا من قبل عاملين في المنظمات الإنسانية، ودعمًا لتنظيم فعاليات تسلط الضوء على المنطقة، وتوصل صوت “الحياة” الذي أنهكته سنوات الحرب.

الطبيب السوري والناشط في المجال الإنساني والعامل السابق في مجال المساعدات والمناصرة محمد كتوب، انتقد عبر “فيس بوك” ما حصل من هجوم على الفعالية والمنظمة.

وقال كتوب متسائلًا، إن ما تشهده المنطقة من اعتقالات وقتل وتنكيل بالناس، ونشاط شبكات تجارة الحرب على يد قائد “تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، ليست “حرامًا” بينما وجود فعالية لدعم فئة مهمة من المجتمع وإظهار قضيتهم حرام!

وذكر أن التجييش سهل حين يتعلق الأمر بالحرام والحلال، وأن هناك استغلال بمثل هذه الفرصة (الفعالية) حتى تُفرض رقابة على كل فعالية، معتبرًا أن ما يدعو إليه أنصار “الجولاني” الآن بتفعيل “الحسبة” في إدلب أمر خطير.

مدير البرامج في فريق “ملهم التطوعي”، أحمد أبو شعر، اعتبر أن ما قامت به منظمة “بنفسج” هو محاولة ذكية من المحاولات العديدة لإعادة تسليط الأضواء نحو الشمال السوري، وذكر أن هؤلاء الرياضيين مصابو حرب تعرضوا لأبشع ظروف القصف، والقتل والتهجير.

وقال عبر “فيس بوك” إن استغلال مثل هذه الفرصة وأي فرصة عالمية أخرى لتسليط الضوء على هذه البقعة التي تكاد أن تكون منسية من ذاكرة معظم سكان العالم، ونقل قصص ساكنيها إليهم، هو أمر جيد وذو هدف نبيل جدًا.

وقد يكون أن اجتهد المنظمون في محاولة محاكاة حرفية للحدث الرياضي العالمي والذي يتضمن استخدام الشعلة، والتي تمثل اليوم رمز الألعاب الأولمبية  في كل مكان، والتي ليست من الضرورة أن تحمل نفس معاني ودلالات ما نشأت عليه في بدايات أمرها، وفق أبو شعر.

فعالية افتتاح الألعاب البارالمبية في الملعب “البلدي” في إدلب – 26 من آب 2024 (Syria Relief Operations)

إدارة “الحلال والحرام”

تسيطر “الإنقاذ” المؤلفة من 11 وزارة على مفاصل الحياة في محافظة إدلب وجزء من ريف حماة الشمالي، وجزء من ريف حلب الغربي، خدميًا وإداريًا، في حين تسيطر “تحرير الشام” على المنطقة بشكل غير مباشر اقتصاديًا وخدميًا.

وتشهد المنطقة حالات انتقاد وهجوم ودعوات لإغلاق فعاليات ومحال بدافع المخالفات الشرعية، من اختلاط ووجود أراكيل، وعدم أخذ إجراءات لمنع الاختلاط بين الجنسين.

وخلال لقاء في نيسان 2023، قال “أبو محمد الجولاني“، إن سلطة التحريم هي عند الله فقط، والسلطة على الأرض لها حق المنع ولها إدارة الحلال والحرام، ولا يمكن اعتبار المحرم إلا بقطعية الدلائل والإثبات.

وأضاف “الجولاني” أن وجود “سيّاف” على باب محكمة أو داعية في الأسواق، هو “تقزيم للشريعة”، حسب وصفه، لافتًا إلى وجود شرطة “آداب عامة” ووزارة داخلية تتعامل مع المخالفات، ولديها تعميمات على المطاعم والمقاهي تضبطها ضمن إطار معيّن.

مقالات متعلقة

منظمات مجتمع مدني

المزيد من منظمات مجتمع مدني