كيف ترد أمريكا على استهداف قواعدها في سوريا والعراق

مقاتلة أمريكية تستعد للإقلاع من على حاملة طائرات أمريكية تابعة للأسطول الخامس الأمريكية- 28 من تموز 2024 (سينتكوم)

camera iconمقاتلة أمريكية تستعد للإقلاع من على حاملة طائرات أمريكية تابعة للأسطول الخامس الأمريكية- 28 من تموز 2024 (سينتكوم)

tag icon ع ع ع

عادت استهدافات القواعد الأمريكية في سوريا والعراق بوتيرة غير ثابتة، منذ تموز الماضي، إذ شهدت هذه القواعد استهدافات متفرقة، منها ما أسفر عن جرحى وفق ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية.

ورغم تكرار هذه الاستهدافات، لم تبادر الولايات المتحدة بالرد إلى الآن، على عكس ما كان الوضع عليه سابقًا، عندما كانت تميل واشنطن لاستهداف ميليشيات موالية لإيران، على اعتبارها الجهة المسؤولة.

وتعليقًا على عودة هذه الاستهدافات، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، في 26 من آب، إنها تأخذ التهديدات في العراق وسوريا على محمل الجد.

وقال السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون”، بات رايدر، إنه لا علم له حول تهديدات محددة بخلاف ما شهدته القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، لكن واشنطن تأخذ أمر التهديدات في سوريا والعراق على محمل الجد.

وفي 14 من آب الحالي، قال رايدر إن ثمانية من أفراد الخدمة الأمريكية في سوريا أصيبوا في هجوم بطائرة دون طيار نفذه مسلحون تدعمهم إيران.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي، في إجابة على سؤال طرحه صحفي في إذاعة “صوت أمريكا“، “نعتقد أن الهجوم تم تنفيذه من قبل ميليشيا مدعومة من إيران، لكننا لا نزال نبحث في التفاصيل”.

وقال رايدر للصحفيين إن أفراد الخدمة المصابين تلقوا العلاج من استنشاق الدخان وإصابات دماغية رضية، مشيرًا إلى أن ثلاثة من الجنود المصابين عادوا إلى الخدمة، ولا تشكل أي من الإصابات تهديدًا للحياة.

واشنطن لم ترد

أحدث ضربة وجهتها الولايات المتحدة للميليشيات الموالية لإيران، التي تعتبرها مسؤولة عن هذه الاستهدافات، كانت قبل نحو شهر، عندما أعلنت “هيئة الحشد الشعبي” العراقية عن مقتل عدد من عناصرها وإصابة آخرين بصواريخ أطلقت من طائرات مسيّرة شمال بابل العراقية.

و”الحشد الشعبي” هو مجموعة من الميليشيات الموالية لإيران، دُمجت منذ سنوات بقوات الجيش العراقية النظامية.

وذكرت “الهيئة” في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، في 31 من تموز الماضي، أن “اللواء 47” التابع لها تعرض لقصف خلّف قتلى وجرحى.

من جانبها، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أمريكيين أن الولايات المتحدة نفذت ضربة في العراق، دفاعًا عن النفس تزامنًا مع تصاعد التوترات الإقليمية في المنطقة بين إسرائيل من جهة، وإيران ووكلائها من جهة أخرى.

وأضاف المسؤولون أن الضربة استهدفت مسلحين اعتبرت الولايات المتحدة أنهم كانوا يسعون لإطلاق طائرات دون طيار، ويشكلون تهديدًا للقوات الأمريكية وقوات التحالف.

وخلال الأيام القليلة الماضية، عادت الميليشيات المدعومة من إيران لاستهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، بعد انقطاع استمر لنحو خمسة أشهر، دون أي أضرار تذكر.

وبعد الضربة، لم تسجل أي غارة أو استهداف أمريكي لهذه الميليشيات رغم أن الهجمات على قواعدها بسوريا والعراق تكررت عقب الضربة التي نفذتها في مدينة بابل العراقية.

وفي 10 من آب الحالي، استهدف هجوم بمسيّرات انتحارية قاعدة لقوات التحالف الدولي في قرية خراب الجير بريف رميلان شمالي شرق الحسكة، أسفر عن جرحى من القوات الأمريكية، ولم تبدِ واشنطن أي رد فعل معلن حيال القصف.

أيضًا في 8 من الشهر نفسه، قال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية إن حصيلة الجرحى إثر هجوم وقع على قاعدة “عين الأسد” الجوية في العراق ارتفعت إلى سبعة جرحى أمريكيين، بينهم خمسة عسكريين.

وأضاف المسؤول، عبر مراسلة إلكترونية إجابة على أسئلة لعنب بلدي، أن الجرحى هم خمسة عسكريين من أفراد الخدمة الأمريكية، إضافة إلى مقاولين أمريكيين اثنين، أصيبوا في أثناء الهجوم الذي وقع في 5 من الشهر نفسه.

لماذا يغيب الرد الأمريكي

مع بداية الاستهدافات للقواعد الأمريكية، لم تبدِ واشنطن رد فعل سريع حول الهجمات، لكنها بدأت تدريجيًا بالرد على كل استهداف يطال قواعدها بسوريا والعراق، في حال خلّفت هذه الاستهدافات جرحى في صفوف قواتها.

وفي كانون الثاني الماضي، شنت الولايات المتحدة حملت قصف واسعة النطاق بسوريا والعراق ضربت خلالها 82 هدفًا ردًا على مقتل جنود لها باستهداف طائرة مسيرة في “البرج 22” الواقع على الحدود الأردنية- السورية.

الباحث السويدي المتخصص بالشأن السوري في مركز “Century International” آرون لوند، قال لعنب بلدي إنه لا ينبغي افتراض فعلًا أن الولايات المتحدة لا تفعل شيئًا حيال استهداف قواعدها.

وأضاف، “نحن لا نعلم كل شيء يجري خلف الكواليس”، حتى لو لم يكن هناك ضربات عسكرية، فقد تكون هناك ضغوط سياسية وتهديدات وتحذيرات، أو إجراءات استخباراتية لا تقل أهمية، وقد تكون هناك اتفاقيات وعمليات لا نعرف عنها شيئًا.

ويرى الباحث أن الولايات المتحدة تريد تجنب التصعيد فبالنسبة لواشنطن، يعتبر الاحتكاك والعنف في العراق وسوريا “أمر سيئ، ولا توجد مزايا له”.

وأشار إلى أن الميليشيات الموالية لإيران، وإيران نفسها، ترى أن التصعيد والاحتكاك العسكري هو أداة ضغط مفيدة، ولكنها محفوفة بالمخاطر أيضًا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.

الميليشيات تستفيد من التهدئة

المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، قال لعنب بلدي إن الميليشيات الإيرانيه استثمرت عامل التهدئه خلال الفترة الماضية، وذلك من خلال عمليات إعاده تموضع وانتشار للمليشيات المنتشره في العراق وسوريا، إضافة إلى إجراء عمليات تمويه لنقل المقاتلين وأيضًا الأسلحه.

وأضاف أن المنطقة مقبلة على مزيد من التصعيد بين واشنطن وهذه الميليشيات خاصه أن بعض العمليات التي كانت تقودها هذه الميليشيات كانت تنطلق من قواعد تتبع لـ”الحشد الشعبي” التي كان من المفترض أنها مشاركة بتهدئة مع الولايات المتحدة.

وفي حين رجح المحلل السياسي أن تتعرض مواقع الميليشيات الإيرانية للاستهداف عبر سلاح الجو الإسرائيلي بإيعاز أمريكي، توقع أن تعود الضربات الأمريكية لاستهداف مقار ميليشيات الموالية لإيران في العراق.

في 28 من كانون الثاني الماضي، قبيل توقف الهجمات على القواعد الأمريكية، أصدرت “المقاومة الإسلامية في العراق” بيانًا، قالت فيه إنها منحت فرصة لـ”قوات الاحتلال” للانسحاب، في إشارة إلى الجيش الأمريكي.

و”المقاومة الإسلامية في العراق” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا، وهي المسؤولة عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية منذ منتصف تشرين الأول 2023.

ومع عودة الاستهدافات، لم تعلن “المقاومة الإسلامية” مسؤوليتها عن هذه الهجمات، لكن تحليل موجز نشره مركز “واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى”، أعده الباحثات المتخصصات في شؤون إيران والأمن في العراق، مايكل نايتس وكريسبين سميث، اعتبر أن الشكل الحالي للهجمات “يعكس انقسامًا في المقاومة”.

وجاء في التحليل إن هذه الهجمات “لم تصل إلى العدد الكافي لتشكيل نمط حقيقي، ولكنها ربما تعكس انقسامًا عميقًا داخل المقاومة حول ما إذا كان ينبغي تجديد الهجمات ضد الولايات المتحدة وما إذا كان ينبغي ضرب مواقع التحالف في أثناء الرد على إسرائيل”.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة