شهد البحر الأبيض المتوسط موجة حر منذ مطلع آب الحالي، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في درجة حرارة سطح المياه، بالتزامن مع بعض التغيرات المناخية.
وكان أحدث هذه التغيرات حدوث “تنين بحري” (رياح مع عواصف مطرية) بمحافظة اللاذقية السورية في توقيت غير اعتيادي، ما أثار مخاوف من تأثيرات لاحقة.
وقال أستاذ علم المناخ في جامعة “تشرين” باللاذقية رياض قره فلاح، لموقع “أثر برس” المحلي، الاثنين 26 من آب، إن حدوث “تنين بحري” في شهر آب يعد ظاهرة غير مألوفة، إذ إن ذلك يجب أن يكون متزامنًا مع تأثير منخفض جوي شديد، لكن الطقس في اللاذقية هذا الأسبوع كان طبيعيًا.
وأضاف قره فلاح أن “التنين البحري” في سوريا يبدو أكثر انتشارًا في الشتاء مترافقًا مع العواصف الرعدية، أما حدوثه صيفًا، فهو مؤشر مقلق لمستوى احترار مياه المتوسط، وما قد يسببه من أعاصير على هذه الشاكلة في المستقبل.
وأوضح قره فلاح أن “التنين البحري” ظاهرة جوية نادرة تحدث عندما تتكوّن عاصفة رعدية قوية في البحر، وتؤدي إلى تشكل عمود من الهواء والماء يمتد من السحب إلى سطح البحر، مشابه لما يعرف بالشاهقة المائية أو الإعصار البحري المصغر، حيث يظهر “التنين البحري” على شكل عمود دوار يشبه الإعصار.
خبير المناخ أشار إلى أن هذه الظاهرة أكثر شيوعًا في المناطق الاستوائية أو في المناطق الساحلية الدافئة خلال فصل الصيف، لكنها تبقى ظاهرة نادرة نسبيًا، مؤكدًا أن التغيرات المناخية وارتفاع حرارة سطح البحر المتوسط تلعب دورًا في حدوث ذلك.
كان “تنين بحري” ضرب، الأحد 25 من آب، سوق السمك في منطقة الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية مخلفًا إصابات وأضرار مادية، نتيجة تطاير أجزاء من السقف المعدني للساحة.
وأفاد رئيس مركز التنبؤ المركزي في المديرية العامة للأرصاد الجوية، شادي جاويش، لـ”تلفزيون الخبر” المحلي، أن الشاهقة المائية أو ما يعرف بـ”التنين البحري” تعد ظاهرة مناخية موجودة، لكن زيادة تكرارها وحدتها هو المميز خلال السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة التغيّر المناخي العالمي الذي أثر على معظم الظواهر الجوية.
وأوضح جاويش أن سبب “التنين” الذي حصل في محافظة اللاذقية هو تأثير منخفض جوي في طبقات الجو العليا، متزامنًا مع ارتفاع درجة حرارة مياه سطح البحر.
وأضاف الراصد الجوي أن هناك ثلاثة عوامل رئيسة يجب توفرها لحدوث “التنين البحري” هي: منخفض جوي، ودرجة حرارة البحر، ورطوبة عالية نسبيًا.
من جهته، كشف رئيس الجمعية الفلكية السورية، محمد العصيري، لموقع ”أثر برس”، أن التوقعات المبدئية لفصل الشتاء هذا العام، تشير إلى وجود كميات جيدة من الهطل المطري، بسبب نسب التبخر العالية في مياه البحار والمحيطات، لكن من غير الممكن توقع إذا كان الشتاء المقبل سيكون باردًا جدًا أم لا.
وأضاف العصيري أن السبب في ذلك يعود لعاملين أساسيين، هما الاحتباس الحراري الذي لايزال مستمرًا، والتوهجات الشمسية التي لا تزال تأثيراتها على الطقس غير معروفة، ولا سيما أن الانفجارات الشمسية لا تزال نشطة.
وكانت تقارير للأمم المتحدة أشارت سابقًا إلى أن عام 2050 سيشكل نقطة البداية لما يمكن تسميته بالتغيرات الكبيرة والكارثية كنتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري، وأهم هذه التأثيرات هو انقراض الشعب المرجانية والتي تشكل مصادر تغذية مهمة للكائنات البحرية والأسماك وغيرها، واندثار بعض الجزر، وارتفاع نسب مياه البحار والمحيطات، وازدياد شدة وعنف الأعاصير، مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة.