يروي كتاب “بانتظار نفخة البعث.. قصة الموت والرعب في سجن تدمر” قصة شاب سوري يدعى ريبال، أُدخل سجن “تدمر” وهو في سن الـ19، وخرج منه بعد 12 عامًا، لارتكابه خطأ خلال فترة تجنيده الإلزامية، وإلصاق تهمة به كادت أن تودي به إلى الموت.
يسرد الكتاب الذي يضم 67 صفحة عذابات وأهوال سجن “تدمر”، مع المرور بمقتطفات من حياة ريبال تسلط الضوء على فترة تجنيده التي لا تعتبر مدرسة تخرج أجيالًا من الضباط والقادة، بل حظيرة يتم فيها كسر أنوف المجندين، وتسخيرهم للعمل كدواب دون أي اعتبار لآدميتهم.
تعد قصة الكتاب للصحفي والشاعر الفلسطيني علي أبو مريحيل شهادة جديدة على الأهوال التي عايشها المساجين في “تدمر”، وفوضى القانون، وعدم احترام كرامة الإنسان، مع التلذذ بعذابات أرواح قابعة خلف القضبان.
وقعت حادثة ريبال عام 1988، حين كان يتلقى أوامر ضابط السرية الأولى لتعديل مسار المدرعة في أثناء رجوعه إلى الخلف، لكنه دهس صندوقًا يضم صاروخين حراريين مضادين للطائرات، وتوقف بعد أن تعالت صيحات الضباط.
جاءت الأوامر بإخلاء السرية باستثناء ريبال، الذي طُلب منه أن يدخل المدرعة ويسحبها من فوق الصواريخ، التي كان من الممكن أن تنفجر عند أي حركة للمدرعة.
وسط لحظات من الخوف والارتباك، سحب الشاب المدرعة ونجا من موت محقق، واغرورقت عيناه لا لأنه نجا من موت محقق، بل لأنه شعر أن لا قيمة له عند القيادة التي كان من الممكن أن تستعيض عن روحه وحياته برافعة قريبة.
بعد ذلك، صدر أمر باعتقاله وترحيله الفوري إلى مركز عسكري في القابون، وخضع لمحاكمة عسكرية في فرع عسكري آخر وتعرض للتعذيب، ليعلم أن المطلوب منه الاعتراف، لكنه رفض، وتم تحويله إلى فرع “فلسطين”، ليتفاجأ أن تهمته تؤدي إلى حبل المشنقة وهي “العمالة لإسرائيل”.
اعترف ريبال أمام القاضي بالتهمة المنسوبة إليه، بعد تعرضه لأمطار الكوابل الرباعية والحشر في الدولاب والصعق بالكهرباء، وحكم عليه القاضي بالسجن المؤبد.
نقل الكاتب حوادث عاشها السجين ريبال في “تدمر”، من استقبال بالسياط وحفلات تعذيب وأهوال وإهانات وإهمال طبي، واستمناء قسري (استخدام المني من أحد المساجين في تخفيف التهاب جرح في ساق سجين آخر، دون تقديم أدوية طبية لازمة له).
لم يكن ريبال ناشطًا سياسيًا أو سجين رأي، بل مجرد مجند خدمة إلزامية ارتكب خطأ خلال قيادته مدرعة، فلُفقت له تهمة خطيرة هي “العمالة لإسرائيل”، أدت إلى سجنه في أسوأ سجون سوريا، ثم مُنع من السفر بعد إطلاق سراحه بناء على عفو رئاسي عام 2000.
بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، استطاع ريبال أن يذهب إلى لبنان ليستقر في منطقة بئر حسن ببيروت، حيث عمل فيها لإعالة زوجته (تزوجها قبل فترة التجنيد) وأولاده، ثم اضطر للسفر إلى تركيا، ثم استقل قوارب الموت إلى اليونان وتنقل إلى عدة عواصم أوروبية ثم استقر في السويد.
صدر الكتاب عام 2018، للكاتب علي أبو مريحيل المولود عام 1981 في مخيم “البداوي” للاجئين الفلسطينيين بمدينة طرابلس شمالي لبنان، وله كتب وإصدارات شعرية.