مسلسل “YOU”.. الهوس والثقافة والجريمة والعاطفة

أحد مشاهد مسلسل "YOU" تجمع بين بادجلي وإليزابيث ليل (لقطة شاشة)

camera iconأحد مشاهد مسلسل "YOU" تجمع بين بادجلي وإليزابيث ليل (لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

يقدّم المسلسل الأمريكي “YOU” واحدة من ألمع قصص الاضطرابات النفسية عبر الدراما، التي يؤديها الممثل بن بادجلي، بمهارة عالية وتجسيد جذاب للشخصية.

تدور قصة المسلسل حول شاب مهووس يقع في غرام شابة ويحاول إيقاعها في شباكه العاطفية، مستفيدًا من خبراته العالية بالفكر والأدب والفلسفة، ودقة ملاحظته وقراءته الثاقبة للناس.

الخبرات المتراكمة لدى الشاب ولدتها الضرورة، لا الرغبة، فالطفولة القاسية التي عاشها ألقته في أحضان الكتب، ليعمل منذ الطفولة في نفس المكتبة التي قرأ كثيرًا من كتبها مع مرور السنوات.

نقطة الماضي في حياة الشاب لم تكن ناصعة، إذ انفصل عن زوجته بصورة قاسية، والحبيبة الجديدة، في وقت ما، ركزت كثيرًا من اهتمامها على التنقيب بماضي هذا الحبيب المثالي عن بعد، قبل أن تكتشف قصصًا حاول مستميتًا دفنها عن المحيط، لتنتهي قصتهما بصورة غاية في المأساوية، رغم حالة التناغم والانجذاب المتبادل.

مع تتابع الأحداث على مدار أربعة مواسم معروضة من المسلسل، يحاول الشاب مع كل انتقال عاطفي جديد الابتعاد عن الماضي وطي صفحته، قبل أن يجد نفسه متورطًا به، ما يعني خسائر أكثر، وضحايا لا تتوقف، فالشاب ارتكب عدة جرائم مع شخصيات غير عابرة في المسلسل من وجهة نظر المشاهد، حتى التقى بشابة يتوافق معها في الجانب المريض من شخصيته أكثر من السليم، ليتحول من مسبب للمشكلات والمأساة إلى عامل على تلافيها وساعٍ للملمة تأثيرها.

الحوارات في العمل قريبة من تركيبة الشخصيات بالمجمل، والحوارات الطريفة والفلسفية للبطل التي تجري في شكل حوار داخلي، غنية بالفلسفة والفكرة والمعنى، إذ يستشهد الشاب بالكتب التي قرأها، والأقوال المأثورة التي تضمنتها، ويبني عليها شيئًا من سلوكه.

صورة العمل جميلة، والحياة خارج عالم البطل القريب لا مشكلات كثيرة فيها، إلى جانب أسلوب إخراجي متلائم مع مستوى الحكاية وبنيتها الدرامية، وغنى جيد بالرسائل لا يبدأ بالإشارة إلى النزاعات التي يخوضها الناس في طريق التغيير، ولا يتوقف عند مخاطر محتملة للبحث عن الحقيقة، كما أن الطمع والتعطش للقوة والنجاة يحركان كثيرًا من أحداث المسلسل.

في وقت ما من العمل، يدخل “YOU” في حالة التكرار، قبل أن ينجو منها في النصف الثاني من الموسم الرابع، مقدمًا للجمهور حبكة مختلفة وانقلابًا على حالة المألوف التي سيتضح للمشاهد أنها كانت تأسيسية في النصف الأول من الموسم، لا عبثية.

العمل من إنتاج “نتفليكس”، وبدأ عرض أول مواسمه في 2018، قبل عرض الموسم الرابع في 2023، على دفعتين، إذ طرحت الشبكة خمس حلقات دفعة واحدة ثم خمس حلقات أخرى بعد نحو شهر، كوّنت في مجموعها الموسم الرابع، مع ترجيحات بعرض الموسم الخامس قبل نهاية العام الحالي، ليكون الموسم الختامي، فأعمال التصوير انتهت مؤخرًا لتتواصل عمليات المونتاج والمعالجة البصرية.

تناوب على إنجاز العمل في مواسمه الأربعة خمسة مخرجين وأربعة مؤلفين، ومجموعة كبيرة من الأبطال، منهم بن بادجلي، وأمبير شيلديرز، وإليزابيث ليل، وفيكتوريا بيدريتي، وتقييمه العامة 7.7 من أصل 10 عبر موقع “IMDb” لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة