بعد الأثر المحدود لسندات الخزينة

عبر “الصكوك الإسلامية”.. حكومة النظام تتجه لاستجرار المال

camera iconمبنى وزارة المالية السورية (موقع وزارة المالية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

تعمل وزارة المالية في حكومة النظام السوري على إنجاز مشروع صك تشريعي ناظم لإصدار الصكوك الإسلامية سيتيح لها إصدار نوع جديد من الأوراق المالية الحكومية، هي الصكوك الإسلامية السيادية، إلى جانب سندات الخزينة التي تقوم بإصدارها بشكل مجدول منذ أكثر من أربع سنوات.

يستهدف إصدار هذه الأوراق مشروعات استثمارية عامة تحقق دخلًا للخزينة ولحملة الصكوك، كما يتيح المشروع للمؤسسات الخاصة إصدار صكوك إسلامية لتمويل مشروعاتها الإنتاجية المدرّة للدخل، وفق تصريح لمدير الإيرادات العامة في وزارة المالية بحكومة النظام السوري، أنس علي.

الصكوك الإسلامية هي وثائق رسمية وشهادات مالية تساوي قيمة حصة شائعة في ملكية ما، قائمة فعلًا أو سيتم تملكها أو إنشاؤها، تقدم حقوقًا لحامل الصك وترتب عليه التزامات في الحدود الناشئة عن حصته في الملكية، وذلك بعد تسديد قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها في ما أُصدرت من أجله، وتصدر هذه الصكوك وفق عقود شرعية وتقبل التداول والاسترداد وفقًا للضوابط الشرعية.

عين على إعادة الإعمار

نهاية عام 2018، قال الرئيس التنفيذي لبنك “سوريا الدولي الإسلامي”، بشار الست، في تصريح عقب اختتام دورة “الصكوك الإسلامية” في دمشق، إن الصكوك سيكون لها دور كبير في المرحلة المقبلة من إعادة الإعمار، “لما لها من ميزات كبيرة في دعم سيولة المصارف الإسلامية، وتنشيط عملها خاصة في مجال المساهمة بتمويل المشاريع التنموية”.

ويوجد في مناطق سيطرة النظام السوري أربعة مصارف إسلامية هي بنك “الشام”، وبنك “سوريا الدولي الإسلامي”، وبنك “البركة- سوريا”، والأخير المؤسس في عام 2021 باسم “البنك الوطني الإسلامي”.

البنك الإسلامي هو مصطلح يُطلق على البنك الذي يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملات التمويل والخدمات المصرفية والاستثمار، ويخضع كمؤسسة مالية لإشراف البنك المركزي في الدولة، كما يتوافق مع مبادئ الشريعة في جميع المعاملات والمنتجات التي يوفرها لعملائه سواء كانت ودائع استثمار، أو صكوك استثمار، أو حسابات توفير.

بدورها، قالت مديرة الدراسات والتوعية والعلاقات الخارجية في هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، نيفين سعيد، في تصريح صحفي في 11 من آب الحالي، إنه يمكن تطبيق صيغ التمويل الإسلامي لتمويل مجموعة واسعة من المشاريع من بينها الطرق، وتوليد الكهرباء، والمطارات، والمواني البحرية، والمستشفيات، وغيرها.

وأوضحت سعيد، بالتزامن مع إنهاء “هيئة الأوراق” مشروعها حول استصدار قانون الصكوك الإسلامية، ورفعه إلى مجلس الوزراء لدراسته، أن “الهيئة” تعمل على جمع واستخدام المدخرات في برامج التنمية الاقتصادية عمومًا، والتنمية المستدامة على وجه الخصوص، وتوفر قنوات جديدة، فضلًا عن الحصول على عائد مجزٍ لحملة الصكوك بعيدًا عن معدلات الفائدة التقليدية، وفق قولها.

الأكاديمي والباحث الاقتصادي سنان حتاحت، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الصكوك الإسلامية عبارة عن آلية تتبعها الدولة لتستجر رأس مال من الشعب يجري استثماره في مشاريع إنتاجية أو بنى تحتية مقابل نسبة ثابتة من الربح سنويًا وذلك خلال مدة استحقاق الأرباح.

يُعمل بهذه الآلية في العديد من الدول، لكن إذا كانت الصكوك بالليرة السورية فإن التجار أو المستثمرين بغض النظر عن الملاءة المالية لديهم لن يتشجعوا على الانخراط في هذا الأمر، حتى لو وضعت الحكومة نسبة أرباح عالية جدًا، وفق ما يرى حتاحت.

من جهته الدكتور في العلوم المالية والمصرفية فراس شعبو، أشار في حديث لعنب بلدي إلى أن الصكوك الإسلامية أداة تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية، رديفة للسندات الحكومية، إنما الأخيرة “محرمة” في الإسلام.

وأوضح شعبو أن أثر الاعتماد على الصكوك الإسلامية في تمويل المشاريع قد يكون محدودًا جدًا في الوضع السوري، إذ لم تصنع سندات الخزينة فرقًا كبيرًا أيضًا رغم اعتمادها لسنوات، معتبرًا أن الاعتماد على الصكوك حاليًا هو محاولة من الحكومة لتنويع الأدوات.

سندات الخزينة لا تلبي الطموح

خلال العام الحالي، تعمل وزارة المالية على إصدار سندات خزينة بقيمة إجمالية تبلغ ألف مليار ليرة سورية، وذلك عبر ستة مزادات بهدف تمويل المشاريع الاستثمارية للقطاع العام، عبر التمويل المتوفر لدى المصارف العاملة في سوريا أو لدى الأفراد عن طريق فتح حسابات لدى هذه المصارف.

وبدأت حكومة النظام بطرح سندات الخزينة والأذون للاكتتاب لأول مرة في عام 2010، وأجرت حينها سبعة إصدارات، قالت حينها، إنها بغرض تمويل مشروعات للبنية التحتية، واعتبر القرار آنذاك خروجًا عن المنهج السابق بالاستناد إلى البنك المركزي في الاقتراض الداخلي، ثم عادت لتنفيذها في 2020، وهي مستمرة حتى العام الحالي.

تلجأ الدول إلى آلية طرح سندات الخزينة عادة لغايات استثمارية، لتحقيق منفعة ما، إذ تحتاج الأموال إلى بدء استثمارها فتقترضها “اقتراضًا داخليًا”، وتقوم بسداد تلك القروض من عوائد هذه الاستثمارات، إلا أن من “أسوأ” القروض تلك التي تقترضها الدولة لتستهلكها في دفع الرواتب مثلًا أو تمويل عجز الموازنة في غايات استهلاكية “بحتة”، والتي لا تسهم أبدًا في إنقاذ الاقتصاد كما تُروّج حكومة النظام.

في كانون الأول 2023، نشرت عنب بلدي تقريرًا وصف فيه خبراء اقتصاديون حل سندات الخزينة لتمويل العجز في سوريا بـ”الخاسر” في ظل الوضع الحالي للاقتصاد السوري، ما دفع النظام نحو إصدار الصكوك الإسلامية.

تعرف سندات الخزينة بأنها قروض تصدرها الدولة ومؤسساتها للاكتتاب العام، وتحصّل الحكومة قيمتها من الأفراد أو الهيئات.

وتمتاز هذه السندات بأنها طويلة الأجل (قد تصل إلى 30 عامًا)، يحق لمشتريها الحصول على عائد سنوي على شكل فائدة ثابتة.

السندات هي عبارة دين تأخذه الدول من المستثمرين وتعطيهم أرباحًا وفق رقم فائدة ثابت، بينما تعد الصكوك حصة في ملكية وآلية تمويل لمشروع معين يحصل المستثمر هنا على أرباحه كجزء من الأرباح التي سيحققها هذا المشروع.

قد تجذب الصكوك الإسلامية الوسط الاقتصادي السوري أكثر من سندات الخزينة، كون الأرباح دون أصل ربوي، لكن ذلك يعتمد بشكل أساسي على نسبة الأرباح السنوية التي ستحددها الحكومة، وفق ما يرى الباحث سنان حتاحت.

فيما يرى الباحث فراس شعبو، أن نتائج إتاحة الصكوك لا يمكن التعويل عليها لأسباب تتعلق بالبيئة غير الجاهزة للاستثمار أساسًا، والوضع الاقتصادي المتردي على مختلف الصعد، معتبرًا أنه في هذه الحالة قد يلزم النظام بعض البنوك في شراء الصكوك لتحصيل المزيد من الأموال.

بحسب دراسة صادرة عن “هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية” حول الصكوك الإسلامية وأهميتها، تسهم الصكوك على مستوى الاقتصاد الكلي بتحقيق التنمية الاقتصادية، وحل مشكلة المديونية ومعالجة الموازنة العامة، كما تؤدي إلى تحقيق التوزيع العادل للثروة، إذ يعتمد الاستثمار الإسلامي على مبدأ الربح والخسارة، كما أن الصكوك قائمة على المشاركة، وبالتالي تتضمن عدالة توزيع الأرباح.

ووفق الدراسة، توفر عملية إصدار الصكوك الإسلامية فرصًا استثمارية متنوعة للأفراد والمؤسسات والحكومات بصورة تمكنهم من إدارة سيولتهم بصورة مريحة، وبالتالي تساعد في القضاء على مشكلة البطالة وتشغيل الأموال المعطلة.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة