بسبب تحكم التجار بالأسعار والتصدير

“ضمّانون” يبيعون بالمفرّق في إدلب

camera iconمزارع يقوم بقطف ثمار البوملي من إحدى بساتين دركوش بريف إدلب- 17 من كانون الأول 2022(عنب بلدي/ محمد نعسان دبل)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

يعتمد مخلص على بيع محصول الفاكهة الذي ضمنه بأساليب جديدة، كتصنيف المنتج ووضعه في عبوات من تصميمه وتغليفه بطريقة لافتة، والبيع مباشرة للمواطن بهدف تحقيق أرباح إضافية، بدلًا من عرض المحصول على التجار الذين يشترون المحاصيل بثمن أقل.

يعمل مخلص الدرة (50 عامًا) بضمان الفاكهة منذ صغره، فهي المهنة التي ورثها عن أبيه، وكانوا يضمنون أراضي في غوطة دمشق بشكل متواصل طيلة العام، وما إن ينتهي موسم فاكهة حتى يبدأ موسم آخر.

منذ وصول مخلص إلى الشمال السوري بحملات التهجير القسري عام 2018، بدأ رحلة البحث عن موقع جغرافي مشابه لبيئة الغوطة الشرقية الزراعية، ووجد ضالته في منطقة حارم شمالي إدلب، التي تتميز بكثرة بساتين الفاكهة فيها.

كما تشتهر مدينة حارم بينابيع المياه المعدنية، وكثافة بساتين الفاكهة بأنواع متعددة أبرزها المشمش والخوخ والمانجو والجانرك والتين، كما تشتهر بزراعة الزيتون وزراعة الخضراوات المتنوعة.

حارم تشبه الغوطة

قال مخلص لعنب بلدي، إن منطقة حارم هي “غوطة مصغرة” نظرًا إلى فارق المساحة والأعراف الزراعية، لافتًا إلى أنه واجه صعوبة بالتعرف إلى المزارعين والتجار في بداية وصوله إلى الشمال السوري.

وذكر أن “الضمّانين” يعتمدون على المعارف والثقة فيما بينهم بضمان المواسم، خاصة في مسألة دفع مبلغ الضمان، حيث كان “الضمّانون” يعتمدون على علاقاتهم مع المزارعين في تحديد مقدار الدفعات ومواعيدها، أما اليوم فالأمر يحتاج إلى توفر مبالغ كبيرة مباشرة دون انتظار.

وبحسب مخلص، فإن كثرة المزارعين و”الضمّانين” في منطقة حارم أدت إلى تزاحمهم على ضمان المواسم المختلفة، مشيرًا إلى أنه يضمن حاليًا في حارم عشرة أطنان من الخوخ، وهو ما كان يضمن عشرة أضعافه في الغوطة.

بدوره، قال “الضمّان” أحمد الأحمد (45 عامًا)، وهو مهجر من ريف دمشق، إنه كان يضمن سابقًا مواسم الفاكهة بمختلف المناطق الزراعية في سوريا كدرعا والسويداء وغوطتي دمشق الشرقية والغربية والزبداني، أما اليوم فسعي جميع “الضمّانين” محصور في منطقة حارم ودركوش وأجزاء من سهل الغاب في الشمال السوري.

وأضاف أحمد أن “الضمنة” الواحدة سابقًا كانت تتجاوز ألف دونم من المحصول، أما اليوم فتبلغ مساحة حارم جميعها نحو 3000 دونم، وفيها أكثر من 3000 “ضمّان” من أبناء المنطقة والمهجرين، ما يؤدي إلى تزاحم وتنافس شديد.

البيع للزبون فورًا

يشرف على تصدير الإنتاج المحلي من الفاكهة في إدلب عدد قليل من التجار، الذين تجمعهم علاقات مع تجار آخرين في الدول المجاورة.

ويحتكر التجار عمليات التصدير، ويفرضون الأسعار التي يجدها عدد كبير من المزارعين أثمانًا بخسة لمحاصيلهم.

ويحاول بعض المزارعين و”الضمّانين” في الشمال السوري البحث عن وسائل أخرى لتسويق بضائعهم، وبيعها بشكل مباشر للمواطن بدل بيعها للتجار.

قال مخلص الدرة، إن “الضمّانين” كانت تجمعهم علاقات مع تجار في دول مجاورة، ويصدّرون لهم المحاصيل دون وسيط، لكن ظروف التهجير وتراجع الأعمال أدت إلى انقطاع هذه العلاقات.

وبعد البدء بضمان المحاصيل في الشمال، وجد هؤلاء أن التجار يفرضون أسعارًا بخسة على المزارعين والمحاصيل، وفق مخلص.

وحتى لا يبقى مخلص “تحت رحمة التجار”، صنع عبوات خاصة بسعات مختلفة من كيلوغرام وكيلوغرامين وخمسة، وصار يضع الفاكهة داخلها ويعرضها في محله الخاص لبيعها.

ويفضّل مخلص البيع في الأسواق المحلية ولو تحمل خسارة معينة على بيع المحاصيل للتجار، لافتًا إلى خطورة عمل “الضمّان” الذي قد يتعرض لخسائر مالية كبيرة، سواء بسبب الآفات الزراعية أو انخفاض الأسعار بشكل مفاجئ.

من جانبه، ذكر المزارع أحمد الأحمد أن المزارعين و”الضمّانين” في الشمال السوري يتعرضون بشكل دائم لخسائر بسبب احتكار التجار، لافتًا إلى عدم وجود اتحاد أو جهة تمثل الفلاحين والمزارعين وتحميهم.

جولات إحصائية

يشتكي مزارعو الفاكهة في إدلب من قلة الدعم وغياب أسواق التصريف، ودخول المنتجات التركية إلى الأسواق ما يعرضهم لخسائر مالية.

في موسم 2023، شهد موسم قطاف التين ظروفًا مضطربة، منها دخول التين التركي إلى الأسواق، وسوء تصريف المنتج المحلي، وإصابته بأمراض الحلزون، ما أدى إلى تراجع أسعاره وكساد المحصول.

وفي حزيران الماضي، تعرضت بساتين  العنب في إدلب شمالي غربي سوريا لأضرار بالغة أطاحت بـ95% من الموسم الزراعي، وتراجع إنتاجها بنسبة 50%، إثر تقلبات الطقس.

المدير العام للزراعة في حكومة “الإنقاذ” بإدلب، المهندس تمام الحمود، قال لعنب بلدي، إن وزارة الزراعة تجري جولات إحصائية للمحاصيل الزراعية مقسمة على مدار السنة، لافتًا إلى عدم الانتهاء من إحصاء الأشجار المثمرة لهذا العام.

ويمكن تقدير مساحة الأشجار المثمرة (عدا الزيتون) بحوالي 12250 هكتارًا، وتصل مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون إلى حوالي 80 ألف هكتار، وفق الحمود.

أما عن صادرات الفواكه من مناطق إدلب إلى الدول المجاورة، فأوضح الحمود أن الإحصائيات لم تنتهِ للموسم الحالي بسبب عدم نهاية الموسم، وفي عام 2023، بلغت صادرات الفاكهة 15380 طنًا، مشيرًا إلى أن الصدارة كانت لفاكهة الخوخ التي بلغت صادراتها 5434 طنًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة