هل يفاقم انسحاب أمريكا من العراق أزمات الشرق الأوسط

مدرعات من نوع برادلي تابعة للجيش الأمريكي في مكان مجهول شمال شرقي سوريا- 31 من كانون الأول 2022 (سينتكوم)

camera iconمدرعات من نوع "برادلي" تابعة للجيش الأمريكي في مكان مجهول شمال شرقي سوريا- 31 من كانون الأول 2022 (سينتكوم)

tag icon ع ع ع

يستمر الحوار العراقي- الأمريكي حول خطة للتنسيق الأمني بين الجانبين، لكن العراق مستمر بالحديث عن أن الحوار يتركز حول خطة لانسحاب قوات التحالف الدولي التي تقوده الولايات المتحدة من العراق.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، الخميس 22 من آب، إن المحادثات مع القيادة العراقية مستمرة، ويتحرك الجانبان نحو إبرام اتفاقية أمنية ثنائية، لم تقدم المزيد من التفاصيل حولها.

وكالة الأنباء العراقية (واع) نقلت، في حزيران الماضي، عن رئيس اللجنة العليا لإنهاء مهمة التحالف الدولي رئيس أركان الجيش العراقي، عبد الأمير يار الله، مواصلة العمل لتحديد سقف زمني لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق.

وقال إن هنالك جدية من التحالف بهذا الشأن، مشيرًا إلى أن اللجنة لن تذهب إلى واشنطن قبل تحديد موعد إنهاء مهمة التحالف الدولي.

وتعوذ جذور المطالب بانسحاب قوات التحالف من العراق إلى عام 2021، عندما أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، انتهاء المهمة القتالية في العراق، لكنه ترك 2500 جندي أمريكي هناك و900 جندي في سوريا لقيادة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

خطة لها عواقب

وفق مقال نشره جوش روجين وهو كاتب متخصص في السياسة الخارجية والأمن القومي، بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في 21 من آب الحالي، لا يعتبر توجه إدارة بايدن للانسحاب من سوريا قابلًا للاكتمال في الوقت القريب.

وأضاف أن خطوة من هذا النوع قد تمهد الطريق لتفاقم أزمة الشرق الأوسط التي سيتحمل خليفة بايدن مسؤوليتها.

وقال الكاتب الأمريكي، إن مسؤولين (لم يسمّهم) أبلغوه أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين والعراقيين يتحدثون علنًا أنهم يتفاوضون على اتفاق، ومن شأن هذا الاتفاق أن ينهي رسميًا عملية “العزم الصلب”، التي أطلقها التحالف الدولي في عام 2014.

ومن المتوقع أيضًا أن يدعو الرئيس الأمريكي إلى انسحاب جميع القوات الأمريكية من العراق في غضون عامين، وفق ما نقله الكاتب عن مصادر.

الإعلان عن الصفقة كان مقررًا خلال آب الحالي، لكنه تأخر بسبب “التطورات الأخيرة”، بحسب ما قالت وزارة الخارجية العراقية سابقًا.

وتشمل التطورات الهجمات التي شنتها الميليشيات التي ترعاها إيران على القوات الأمريكية في العراق، فضلًا عن تصاعد التوترات مع إيران بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لـ”حركة المقاومة الإسلامية” (حماس)، إسماعيل هنية، في طهران الشهر الماضي، وفق روجين.

وقال روجين، إن الإعلان عن انسحاب القوات الأمريكية، حتى مع وجود جدول زمني مدته عامان، من شأنه أن يشير إلى تخلي الولايات المتحدة عن المنطقة في وقت يتطلع فيه حلفاء واشنطن لزيادة الردع ضد إيران.

وأضاف أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق من شأنه أن يخلق فراغًا سيملؤه تنظيم “الدولة الإسلامية” ووكلاء إيران.

وعلى صعيد آخر، اعتبر جوش روجين أن احتواء إيران ليس من الناحية الفنية جزءًا من مهمة التحالف الدولي، ولكن القوات الأمريكية في العراق وسوريا تشكل أهمية بالغة لتحقيق هذا الهدف.

ورغم أن القيادة العراقية، برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تدعو علنًا إلى انسحاب القوات الأمريكية، فإن العديد من المسؤولين العراقيين يخشون سرًا أن تؤدي هذه الخطوة إلى تسليم العراق للسيطرة الإيرانية.

دفع إيراني

منذ مطلع العام الحالي، أبدت الولايات المتحدة الأمريكية علمها حول نية إيران، وميليشيات وكيلة لها في المنطقة، دفع قوات التحالف للانسحاب من سوريا والعراق، في وقت مبكر من بداية تصاعد استهدافات هذه المجموعات للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق.

وقال السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون“، العميد بات رايدر، خلال مؤتمر صحفي مسجل، في 27 من تشرين الثاني 2023، إن وكلاء إيران يستغلون “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.

وأضاف أن الجماعات الموالية لإيران تطمح منذ مدة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.

وتزامن الحديث الأمريكي عن نية إيران دفعها للانسحاب، مع هجمات متكررة على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، تجاوزت الـ170 هجومًا خلال نحو عام، تبنت معظمها فصائل تنضوي تحت “المقاومة الإسلامية في العراق”، وهي غرفة عمليات مدعومة إيرانيًا.

و”المقاومة الإسلامية” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا واليمن، وظهرت بشكل مفاجئ على الإنترنت مع بداية الهجمات على القواعد الأمريكية، لتعلن مسؤوليتها عبر تسجيلات مصورة أحيانًا، عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق.

حديث متكرر عن الانسحاب

منذ مطلع العام الحالي، قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بالانتشار العسكري في سوريا والعراق وقد تنسحب من المنطقة مستقبلًا، خصوصًا مع تنامي المطالب العراقية بانسحاب قوات التحالف الدولي.

ونقلت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في 25 من كانون الثاني الماضي، عن أربعة مصادر داخل وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين (لم تسمّهم) أن البيت الأبيض لم يعد مهتمًا بمواصلة المهمة التي يرى أنها “غير ضرورية” في سوريا، وجرت مناقشات داخلية نشطة لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم الانسحاب.

من جانبه، نقل موقع “المونيتور” الأمريكي عن مصادر مطلعة على مناقشات لتحديد آلية وتوقيت الانسحاب من سوريا (لم يسمّها) أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) طرحت خطة لحلفائها السوريين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، للدخول في الحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بالشراكة مع النظام السوري.

وأضاف أن هذه الخطة جاءت كجزء من مراجعة متجددة لسياسة الولايات المتحدة في سوريا التي تجري في وزارة الخارجية الأمريكية، والتي تم استغلالها من قبل تركيا، الحليف الرئيس لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وفي العراق، تصاعدت الأصوات المطالبة بالانسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية، على خلفية التوتر الحاصل بين ميليشيات إيرانية، والولايات المتحدة في المنطقة، في حين نقل موقع “CNN” عن مسؤولين أمريكيين أن العراق سيجري مناقشات مع مسؤولين أميركيين، بهدف وضع خطة لسحب قوات التحالف الدولي من المنطقة.

لكن “CNN” نقل عن مسؤول أمريكي وصفه بـ”الكبير” (لم يسمه) أن “إدارة بايدن لا تفكر في سحب القوات من سوريا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة