اجتمع اليوم، الخميس 22 من آب، رئيس إدارة المخابرات العامة في سوريا، اللواء حسام لوقا، مع ممثلين من أهالي مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، وهي المرة الثالثة خلال الشهرين الماضيين.
وتزامن الاجتماع مع حشود عسكرية لقوات النظام السورية، أغلبيتها من المخابرات الجوية، تجمعت بشكل رئيس بالقرب من حاجز “ملوك” سابقًا عند المدخل الجنوبي لمدينة تلبيسة، بحسب مراسل عنب بلدي في المنطقة.
ولا تزال “التسويات” الأمنية للسكان مستمرة، منذ 19 من تموز الماضي، وتعمل بمعدل 100 تسوية باليوم، أي أن الأشخاص الذين أجروا التسويات وصلوا لأكثر من 3000 شخص.
“التسوية” تمنح مدة شهر لمن فرّ من خدمة الجيش سواء كان نظاميًا أو احتياطًا للعودة لقطعته العسكرية، ومدة ستة أشهر للمتخلفين عن الخدمتين الاحتياطية والنظامية للالتحاق بالجيش.
كما تمنح “التسوية” الحالية، وهي الثالثة إلى الآن في المدينة، إعطاء مدة ستة أشهر لمن بحقهم مشاكل قضائية وجنائية، لمراجعة القضاء وتسوية أمورهم دون تعرضهم للتوقيف.
ورغم أن ما جاءت به “التسوية” خفف عددًا من المشكلات في المدينة خاصة من حيث انتشار السلاح، يراها السكان مجحفة في ظل أوضاع اقتصادية سيئة تمر بها المنطقة، فقد طالبوا بإنهاء الاستدعاء للخدمتين العسكرية والاحتياط، وكذلك طالبوا بتسريح الفارين أو زيادة مرتباتهم بحيث تتناسب مع متطلبات المعيشة.
ومن المطالب الأخرى تحسين الأوضاع الاقتصادية والسماح لأهالي تلبيسة بالتنقل ضمن المدن والمحافظات بحثًا عن قوت يومهم، بحسب المراسل، دون أن يتعرضوا لمضايقات أمنية بغض النظر عن أوضاعهم، وكان على رأس المطالب الإفراج وكشف مصير المعتقلين.
السبب الرئيس للحشود العسكرية ولاجتماع اليوم، حسب حديث لوقا، أن المدينة ورغم التسويات التي تجري لا تزال تحوي الكثير ممن بحقهم جرم حيازة أسلحة، ولم يسلموا سلاحًا ليتم بعدها استكمال “تسوياتهم”.
كما جرت خلال فترة “التسوية” خمس عمليات خطف وجريمتا قتل وشروعان بالقتل، ولا يزال هناك عدد من السيارات المنهوبة، إضافة لسبع عمليات نهب وسلب.
مهلة أسبوع.. عوائل تعلّق
وتتفاوت ردود فعل الأهالي بين من يرفض التهديدات والحملة القائمة معتبرين أنها ستجر على المدينة مآسي أكبر، ومن يؤيدها للتخلص مما يصفونه بالشذوذ المجتمعي، ومن يقف على الحياد ويعتبر العصابات الموجودة امتدادًا للقوات الأمنية وتنفذ تعليماتها.
بدوره، أصدر مجلس عوائل تلبيسة بيانًا حصلت عنب بلدي على نسخة منه، جاء فيه أن الحكومة غير راغبة بالحل الأمني في تلبيسة، لكن لوقا أمهل المدينة فرصة نهائية مدتها أسبوع، قبل الشروع بملاحقة المطلوبين.
وجاء في البيان أنه بعد حضور اللجنة الأمنية والعسكرية إلى تلبيسة للمرة الرابعة خلال شهر واحد، أكد لوقا أن “الدولة غير راغبة بالعمل الأمني، لكن استمرار بعض الأشخاص برفض (التسوية) وعدم تسليم سلاحهم، واستمرار عمليات الخطف والسلب وتجارة المخدرات، وامتلاك بعض الأشخاص ممن قاموا بـ(التسوية) سيارات مسلوبة وعدم إعادتها إلى أصحابها، أمر يستوجب من الدولة التدخل لحماية مواطنيها”.
وفق بيان المجلس، أعطى لوقا أهالي المدينة فرصة نهائية مدتها أسبوع واحد تنتهي الخميس المقبل، 29 من آب، “لحث الأشخاص الخارجين عن القانون العودة إلى الصواب، وعدم التمادي في الباطل والجريمة”.
وأكد لوقا أنه في حال عدم الالتزام ستكون هناك حملة أمنية على هؤلاء الأشخاص دون التعرض لأحد من أبناء المدينة، وقال إنه ينبغي على عوائل المدينة ردع هؤلاء الأشخاص حتى لا يكون هناك عمل أمني، وفق البيان.
وذكر لوقا أن “الذين يقومون بأعمال الجريمة هم الذين سيكونون سببًا في دخول وحدات الأمن إلى تلبيسة، والأمر متروك لكل شريف من أبناء المدينة”.
ودعت صفحات تواصل محلية ومجلس العوائل، هؤلاء الأشخاص لتسليم سلاحهم وإخراج المخطوفين، ورد السيارات المسلوبة لتجنيب المدينة “فتنة كبيرة قد تكون سببًا في أذية الكثير من الناس”، وعدم إطلاق النار في الأفراح وغيرها وعدم حمل السلاح لأي سبب كان.
التسوية الثالثة
تعتبر هذه “التسوية” الثالثة للمدينة منذ اتفاق “التسوية” الذي جرى منتصف عام 2018، برعاية روسية، والذي أنكره النظام ولم يلتزم بأي من شروطه.
وفي 14 من حزيران 2023، أجرى وفد أمني ممثل عن النظام في المنطقة، جولة مفاوضات مع وجهاء من مدينة تلبيسة، لمناقشة الوضع الأمني المتوتر في المدينة، ومتابعة المفاوضات التي بدأت قبل نحو شهر، وانتهت بالاتفاق على إجراء “تسوية” للمطلوبين من أبناء المدينة، مقابل الكشف عن مصير المعتقلين من جانب النظام السوري.
ولا تزال المنطقة تصنف من مناطق خفض التصعيد، الموقع في 4 من أيار 2017، المعروف باتفاق “أستانة” برعاية (روسيا-إيران-تركيا) والقاضي بإقامة أربع مناطق أمنة في سوريا، إلا أن النظام يمنع جميع مظاهر العمل السياسي المعارض في المدينة.
ورغم عدم وجود حملات أمنية واعتقالات داخل المدينة، سجلت الكثير من حالات الاعتقال التعسفي خارج المدينة جميعهم تعرضوا للتعذيب وبعضهم فقد حياته في المعتقلات.