“ستمطر”.. نظرة إلى المعتقلين في سوريا

يروي فيلم “ستمطر” ما يجري داخل المعتقلات وظروف المعتقلين، ضمن مدة زمنية لا تتجاوز الـ35 دقيقة.

في الفيلم الذي عُرض على قناة مخرجه أمير ظاظا في “يوتيوب” مطلع العام الحالي، تهاجم قوات الأمن مظاهرة يشارك فيها الشقيقان نورس وورد، ليلقى القبض عليهما ويدخلان لمعتقلات النظام السوري.

مع دخول الشقيقين إلى المعتقل يتعرضان للضرب والتعذيب على يد أفراد الأمن، ويطلب من أحدهما التوقيع على اعترافات تتعلق بالإرهاب وهو ما يرفضه المعتقل.

يروي ظاظا ما يحصل داخل المعتقلات السورية، ليس على صعيد العنف الممارَس فقط، بل عن مشاعر المعتقلين وخوفهم وآمالهم، وطريقة مقاومتهم للزنزانة والوقت داخلها.

يرتبط الفيلم منذ البداية بالأمل، جلسة عائلية بين أم وولديها تمنعهما خلالها من المشاركة في المظاهرات، التي تشكل بدورها أملًا بالتغيير يرجوه الشابان، إلا أن هذا الأمل يصطدم بما هو أكبر من ممانعة الأم.

رفضهما لممانعة أمهما يدفعهما للمغادرة خلسة والمشاركة والهتاف في المظاهرة، في مشهد ضم تنوعًا للمشاركين، وهو ما أظهرته مئات التسجيلات المصورة للمظاهرات.

يظهر ظاظا موهبته الإخراجية عبر استغلاله للعناصر الفنية (الألوان، زوايا التصوير وأحجامها وعملية المونتاج) التي عكست بدورها التفاصيل العاطفية لا السياسية فقط، مبتعدًا في الوقت نفسه عن استغلال المناظر القاسية لإيصال الأفكار.

تعدّ الألوان أحد أهم العناصر التي يستغلها مدير التصوير لإيصال الدراما الخاصة بكل مشهد، ويشير اللونان الأصفر والبرتقالي إلى العنف والحركة والتوتر، وهما لونان سيطرا على معظم المشاهد.

من جهة ثانية، تبدو “الرؤية” واضحة خلال المونتاج، بمعنى أن كلًا من المخرج والقائم على عملية المونتاج (المونتير) يعرفان ما يريدان قوله من كل مشهد من المشاهد، وعليه كان توليف اللقطات على هذا الأساس.

أما النقطة الثالثة فما تضمنته اللقطات من تفاصيل لخدمة الحكاية ذاتها، وهذه النقطة في صميم عمل كل من المخرج ومدير التصوير.

في لقطة تلخص النظرة إلى المعتقل ومعاناته، التمّ السجناء بكادر أشبه بلوحة تشكيلية حول أحدهم وكأنهم اجتمعوا حول قديس، وبألوان باهتة تجسد المعاناة.

في الوقت نفسه، كانت الشمس خلفهم ليبدو الكادر وكأنه صورة لقديسين في إحدى اللوحات الفنية الدينية، وهو ما يمنح قضية المعتقلين السوريين بعدًا آخر مختلفًا عن المعتاد تكراره.

الفيلم من بطولة مصطفى كور وإيهاب يوسف مع حضور لعبد القادر المنلا ونوار بلبل، وكتب السيناريو أمير ظاظا وزينب دولجير.