قبل أسبوع، ضرب زلزال تجاوزت شدته خمس درجات على مقياس ريختر، سوريا، وكان مركزه شرقي محافظة حماة، وبالتحديد بالقرب من قرية صغيرة اسمها تل الدرة، تتبع إداريًا لمنطقة سلمية، وتبعد عنها حوالي سبعة كيلومترات غربًا.
اليوم مع مرور أيام على الزلزال، لا يزال أبناء مدينة سلمية يمضون أوقاتهم في شوارع المدينة، بسبب حالة الخوف التي خيّمت على السكان لحظة وقوع الزلزال، وتجنبًا لتكرارها، وفق ما قاله بعضهم لعنب بلدي.
وتزامن الزلزال مع انقطاع للإنترنت المنزلي في المدينة، ما صعّب على اللاجئين من أبناء المدينة الوصول إلى معلومات عن عائلاتهم في داخل المدينة.
الخوف دفع السكان للشوارع
أصيب بالزلزال الأول، في 13 من آب الحالي، 17 شخصًا بجروح طفيفة إلى جانب حالات هلع عمّت المدن السورية القريبة من مركز الزلزال، ما دفع السكان للبحث عن سبل تجنبهم تكرار سيناريو الخوف الذي عاشوه.
الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) نقلت حينها عن مدير مستشفى “سلمية الوطني”، أسامة ملحم، أنه جرى إسعاف 12 شخصًا للمستشفى، أصيبوا بجروح وكدمات بأجسامهم نتيجة تدافعهم وسقوطهم على الأرض خلال خروجهم مسرعين من منازلهم.
كما أسعف خمسة أشخاص بعد تعرضهم لحالات هلع وانهيار عصبي جراء الهزة الأرضية، مشيرًا إلى أنه جرى تقديم الإسعافات والعلاج اللازم للمصابين.
هادي، شاب يبلغ من العمر 32 عامًا، من سكان مدينة سلمية، قال لعنب بلدي، إن لحظة الزلزال دفعت بغالبية أبناء المدينة إلى الشوارع، وهو منهم.
كان هادي يجول المدينة ليطمئن على أقاربه، خصوصًا أن الإنترنت كان مقطوعًا، والتيار الكهربائي أيضًا.
وكان إسماعيل أيضًا وهو من سكان سلمية، يحاول الوصول إلى منزل أخته الحامل في الحارة الشرقية من المدينة، بعد أن أخرج أسرته من المنزل، متأثرًا بالصدمة التي تبعت الثواني التي وقع فيها الزلزال بالمدينة.
اليوم ومع مرور أسبوع على الزلزال، لا يزال أبناء المدينة يمضون مساءهم في الشوارع، أو الحدائق العامة، في وقت تنشط فيه الفرق التطوعية، والشركات المتخصصة بتنظيم التعازي، ممن تملك خيامًا سمحت للمدنيين بالإقامة فيها مجانًا.
وعبر مجموعات مغلقة أنشأها أبناء المدينة بتطبيق “واتساب”، كان يتواصل شبان من أبناء المدينة مع آخرين ممن يقيمون في أوروبا، ليشكلوا صلة وصل بينهم وبين عائلاتهم، خصوصًا مع انقطاع الإنترنت المنزلي عن المدينة.
خيمة قرب المنزل
في أماكن تجمع مركزية، أقام المجلس الأعلى للطائفة الإسماعيلية خيامًا، ليقضي أبناء المدينة ممن تركوا منازلهم فترات الليل فيها، هربًا من مخاوفهم من الزلزال، والهزات الارتدادية التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
وفي حديقة “الزراعة” أقيمت بعض الخيام، كما عمل متطوعون على تثبيت جهاز عرض (بروجيكتور) لتسلية الأطفار خلال فترة الليل، وفق ما قاله هادي وإسماعيل لعنب بلدي، لكن برامج الأطفال مثل “توم وجيري” صارت تجمع الصغار والكبار في الحديقة نفسها.
وانتشرت الخيام في عشرات الأماكن داخل المدينة، خصوصًا في الأماكن الخالية من البناء، كالحدائق، والساحات العامة، وفي الحارة القبلية، وبمحيط المستشفى التخصصي، وغيرها.
ونشطت فرق تطوعية لتقديم دورات توعوية حول آلية التصرف في حال وقوع زلزال، كما عملت هذه الفرق، وهي محلية بمعظمها، على تقديم أنشطة ترفيهية للأطفال.
هادي قال لعنب بلدي، إن مؤسسة “الآغا خان” الإسماعيلية، جهزت الخيام بالمستلزمات، كالفرش وماء الشرب والإنارة وغيرها، إذ يخرج مع عائلته إلى الخيمة الواقعة على بعد أمتار من منزله ليقضي فيها فترة الليل.
ونشطت أيضًا فرق تطوعية أخرى في الشوارع خلال فترات الليل، متخصصة بالنجدة في حال وقوع هزة ارتدادية، أو زلزال جديد.
هزات متكررة
سجلت محطات الرصد في المركز الوطني للزلازل خلال الـ24 ساعة الماضية ست هزات جديدة، متفاوتة الشدة وبمراكز مختلفة، وجميعها كانت تصنف ضمن الهزات الخفيفة.
وفي 16 من آب الحالي، أعلن “المركز الوطني للزلازل” في سوريا (مقره دمشق) عن وقوع هزة أرضية على بعد أربعة كيلومترات غربي سلمية، بمحافظة حماة وسط سوريا، للمرة الثانية في أقل من أسبوع.
وقال المركز الأورومتوسطي لرصد الزلازل إن الهزة بقوة 5.2 درجة وقع على بعد 22 كيلومترًا شرقي حماة.
وبحسب “المركز الوطني للزلازل“، بلغت شدة الهزة 4.9 درجة على مقياس ريختر، وعلى بعد 28 كيومترًا شرقي حماة.
وسائل إعلام لبنانية قالت إن الهزة الأرضية شعر بها سكان بيروت وجبيل وكسروان.
وفي 13 من الشهر نفسه، ذكرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، أن هزة أرضية بشدة 5.5 درجة على مقياس ريختر ضربت شرقي مدينة حماة بحوالي 28 كيلومترًا، تحديدًا مدينة السلمية.
ونقلت الوكالة عن “المركز الوطني للزلازل”، أنه بلغ عمق الهزة 3.9 كيلومتر.
وشعر بالزلزال سكان عدة محافظات سورية، وصولًا إلى شمال غربي سوريا، كما تسبب بحالة ذعر دفعت بعض الأهالي إلى النزول للشوارع خوفًا من هزات ارتدادية محتملة.
في السياق ذاته، قال رئيس الجمعية السورية للعلوم الأساسية والطبيعة، نضال جوني، إن المنطقة تتجه الآن إلى الاستقرار، وانخفاض النشاط الزلزالي، وذلك حسب تسجيلات المركز الوطني للزلازل، إذ لا توجد مؤشرات تدل على إمكانية حدوث زلزال مدمر.