دير الزور – عبادة الشيخ
منذ بدء التصعيد العسكري بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومجموعات عشائرية تُتهم بتلقي الدعم من النظام وإيران، في ريف دير الزور الشرقي، يتعرض مزارعو المنطقة لتقييد وصولهم إلى أراضيهم، ما تسبب لهم بخسائر فادحة.
وفي المناطق التي تركزت فيها المواجهات العسكرية على ضفتي نهر الفرات الغربية حيث تتمركز قوات النظام، والشرقية حيث “قسد”، تنتشر الأراضي الزراعية، ويعاني أصحابها من منع طرفي القتال لهم من ممارسة عملهم، حتى بعد هدوء المواجهات.
خسائر كبيرة وتوقف السقاية
مجد الفراش، وهو مزارع في بلدة بقرص شرقي دير الزور غرب نهر الفرات، مُنع من الوصول إلى أرضه المحاذية لنهر الفرات والمزروعة بالقطن، رغم اقتراب موعد موسم القطاف.
وقال مجد لعنب بلدي، إن محصوله بحاجة إلى الري والعناية، ويتوقع خسائر كبيرة، بعد مرور أكثر من أسبوع على منعه من زيارة محصوله.
وأضاف أنه لم يتوقع أن يُمنع من زيارة أرضه لمدة طويلة، إذ كانت آخر سقاية أجراها في 5 من آب الحالي، أي قبل يومين من اندلاع المواجهات، وقد مرت 11 يومًا دون ري للمحصول الذي يحتاج إلى الكثير من الماء بالحالة الطبيعية.
المزارع محمد الكسم (55 عامًا)، قال من جانبه لعنب بلدي، إن الأهالي هم الخاسر الأكبر، خصوصًا بعد أن توقفت أغلبية الأعمال إثر حظر تجول مفروض في المنطقة على خلفية التصعيد.
محمد قال إن لديه أرضًا مزروعة بالقطن مساحتها 35 دونمًا، وتحتاج إلى الري منذ أيام، لكنه لم يستطع الوصول إليها، مشيرًا إلى أن محصوله لهذا العام مهدد بالتلف، خصوصًا أنه لم يروه منذ أكثر من 15 يومًا، علمًا أن المحصول بحاجة للسقاية خلال مدة زمنية أقصاها عشرة أيام.
وتعتمد مناطق شرقي دير الزور على الزراعة، وتتركز المساحات المزروعة بالقرب من نهر الفرات بسبب وفرة المياه فيها.
المزارعون الذين تواصلت معهم عنب بلدي، اعتبروا أن منع الوصول للأراضي الزراعية تسبب لهم بخسائر كبيرة، وأضر بمصالحهم، خصوصًا أن الحياة شبه متوقفة في مناطق شرق الفرات من ريف دير الزور، بسبب نزوح عدد كبير من السكان.
وتضررت عدة محاصيل صيفية بسبب القصف المتبادل ومنع المزارعين من الوصول إليها، أبرزها محاصيل البندورة والخيار والباذنجان التي تحتاج إلى السقاية بشكل دوري وإلى يد عاملة تتفقدها يوميًا.
ويعتقد مزارعون من مناطق شرق الفرات أن لا آمال بإنقاذ محاصيلهم لهذا العام.
قنص المزارعين واستهدافهم
عماد الفواز، مزارع من بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي شرق نهر الفرات، قال لعنب بلدي، إن النقاط العسكرية التابعة لـ”قسد” بالقرب من نهر الفرات منعته هو وأصحاب الأراضي القريبة من النهر من سقاية أراضيهم والوصول إليها منذ بدء التصعيد في دير الزور، وفي حال مخالفة القرار فالمزارع معرض لإطلاق النار بتهمة التسلل عبر النهر.
وذكر المزارع الفواز أنه لن يتمكن من ري أرضه في الوقت الحالي، علمًا أن الزراعة تعتبر مصدر الدخل الأساسي له ولعائلته.
ولا يستطيع المزارعون الوصول إلى أراضيهم القريبة من نهر الفرات لوجود قناصين على الجهتين يستهدفون أي شخص يقترب من النهر.
آثار أخرى للمواجهات
في الآونة الأخيرة، تصاعدت وتيرة القصف والاشتباكات المتبادلة بين ميليشيات تابعة لقوات النظام، و”قسد”، ما خلّف ضحايا مدنيين، إلى جانب خسائر مادية وأضرار في البنى التحتية عانى منها سكان المنطقة.
وأدى التصعيد العسكري إلى حالات نزوح جماعي لسكان خاصة في بلدات الصبحة وأبو حمام وذيبان والبصيرة والدحلة، بعد قصف للنظام على هذه المناطق خلّف 11 ضحية من المدنيين في بلدة الدحلة.
وعلّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) على اشتباكات دير الزور شرقي سوريا، التي أثرت على وصول المساعدات والخدمات الأساسية للمدنيين في محافظتي دير الزور والحسكة.
وذكر تقرير لـ”OCHA“، في 14 من آب الحالي، أن دير الزور شهدت اشتباكات عنيفة وعمليات قنص، ما أدى إلى مقتل 25 مدنيًا على الأقل وإصابة آخرين ونزوح أعداد كبيرة.
وعاق إغلاق معبر الفرات والاشتباكات “بشدة” وصول المدنيين إلى الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، وقيّد الوصول إلى الرعاية الصحية والمياه والغذاء بشكل كبير، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتفاقم الظروف المعيشية القاسية.
ورغم التطورات الإيجابية مؤخرًا، لا تزال هناك تحديات كبيرة، والعاملون في مجال الإغاثة يواجهون قيودًا على الحركة، وبالتالي عرقلة تسليم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب لأكثر من 100 ألف شخص يعانون بالفعل من ظروف الصيف القاسية، وفق التقرير.
ودعا “OCHA” الأطراف إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية والعمليات الإنسانية، وفقًا للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ومستدام ودون عوائق لجميع المحتاجين.