في صيف كل عام تبدأ التحضيرات في مدينة إسطنبول التركية لانطلاق معرض إسطنبول للكتاب العربي، الذي تتخلله العديد من الفعاليات والمحاضرات سواء للمثقفين العرب المقيمين في تركيا أو مختلف دول العالم.
الدورة التاسعة من المعرض انطلقت في 10 من آب الحالي وتنتهي في 18 منه، بتنظيم من اتحاد الناشرين الأتراك والجمعية الدولية للناشرين العرب وجمعية الناشرين الأتراك.
وبحسب الموقع الرسمي للمعرض، يعتبر أكبر معرض دولي للكتاب العربي خارج الدول العربية، وهو “غير ربحي يسعى لإحياء اللغة العربية في تركيا”، وتوثيق الصلات بين العرب والأتراك.
فعاليات متنوعة
لا تقتصر تحضيرات معرض الكتاب على التواصل وتنظيم مشاركة دور النشر، فالمعرض يترافق مع فعاليات ثقافية متنوعة، وتحاول إدارته في كل عام إضافة شيء جديد، بحسب نائب المنسق العام للمعرض، سامر السعدي.
وقال السعدي لعنب بلدي، إن المعرض ترافق مع فعاليات مختلفة، فالأنشطة الخاصة بالأطفال وطلاب الجامعات العرب (رواق الطلبة) تجاوزت 100 فعالية.
يضاف إليها أكثر من 100 محاضرة وأمسية وندوة في قاعات المحاضرات، ومعرض فني وزاوية اللغة.
وفي اليوم الرابع للمعرض افتتحت فعالية “تبادل الحقوق” للمختصين والناشرين والمهتمين بالكتاب فقط وتستمر لخمسة أيام.
الفعالية تناقش حقوق بيع الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى ومن التركية إلى اللغات الأخرى.
ويشارك في معرض إسطنبول خلال الدورة الحالية أكثر من 300 دار نشر من 30 دولة مختلفة، ويضم ما يزيد عن 150 ألف عنوان، بحسب نائب المنسق العام، سامر السعدي.
نور المغربي، من “دار الفكر الجديد” التي تنشط في السعودية والإمارات، قالت لعنب بلدي، إن معرض إسطنبول من الناحية الإدارية والتنظيمية في تصاعد مستمر.
ما مدى تنوع الكتب
لا يكتفي زيد خليل بزيارة واحدة للمعرض كي يحصل على العناوين أو الكتب التي يريدها، فالأولى تكون للاطلاع على الكتب والمكتبات وتحديد العناوين.
ثم يبحث عن هذه الكتب على الإنترنت للاطلاع عليها، ثم يتوجه مرة أخرى للمعرض ليشتري الكتب التي حددها.
قال زيد لعنب بلدي، إن هناك تنوعًا في المعرض، والكتب التي أرادها وجدها.
وتتوافق تمارة عبود بعد جولتها في المعرض مع رأي زيد بوجود تنوع أفضل في الكتب هذا العام، ووجود دور مختلفة من عدة بلدان، ففي الدورات السابقة كانت هناك “أنواع طاغية على أخرى”، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
وردًا على سؤال عنب بلدي حول انتقادات وجهت للمعرض سابقًا بوجود كم كبير من كتب التراث الإسلامي على حساب الكتب الأخرى، أوضح سامر السعدي أن ما يميز معرض إسطنبول أنه منفتح على كل شيء وليس فيه تحفظات على أي كتاب، سوى الكتاب “المقرصن أو المزور”.
وأضاف السعدي، “نحن نعمل وفق حرية الطباعة والنشر في تركيا، لذلك فالمساحة المتوافرة في هذا المعرض لا توجد في كثير من المعارض، وهو مفتوح للجميع وفيه كتب ثقافية من مختلف التيارات”.
وبالنسبة لوجود دور نشر أكثر لكتب التراث الإسلامي، فهذا الأمر يخضع للعرض والطلب، والمشارك في المعرض من الناشرين يعرض بضاعته ويريد أن يبيع بالنهاية، أما كإدارة معرض فـ”لا تقيد شيئًا أو نسهل لشيء على حساب آخر”، وفق السعدي.
الشاعرة والكاتبة السورية لميس الرحبي، قالت لعنب بلدي إن المعرض هو كرنفال للحرف العربي ويستحق منا الاهتمام والتقدير.
تميل لميس الرحبي، وهي “عضو الجمعية العربية للكتاب العرب”، لدواوين الشعر التي تنقلت من دار نشر لأخرى وهي تتتبعها.
كتب الأطفال متوافرة وهي مهمة جدًا خاصة أننا نعيش في تركيا، بحسب الكاتبة لميس، والكتب الدينية في المعرض “قيمة” وأخذت مجالات واسعة.
أسعار مناسبة
تنتشر في “فيس بوك” مجموعات لبيع الكتب العربية الجديدة والمستعملة في تركيا وخاصة في ولاية إسطنبول.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، تجري انتقادات متكررة لارتفاع أسعار الكتاب العربي المطبوع في تركيا مقارنة بالكتاب التركي، سواء جرى شراؤه من الإنترنت أو من المكتبات وحتى في معرض الكتاب.
الأسعار تختلف من كتاب لآخر ومن مكتبة لأخرى، بحسب زيد خليل، الذي وجد أن هناك كتبًا أسعارها مناسبة، بينما وجد أخرى مرتفعة الثمن بعض الشيء بالنسبة له، والأمر يعود للكتاب الذي يريده الشخص.
بينما ترى تمارة عبود، أن الأسعار مناسبة مقارنة بالغلاء في تركيا، فالكتب التي اشترتها يتراوح سعرها بين 100 و350 ليرة تركية (بين 3 إلى 10.4 دولارات).
هارون الزير، مدير دار رؤية للنشر والتوزيع، المتخصصة بأدب وكتب الأطفال في إسطنبول، يرى أن الغلاء في الأسعار طبيعي بعد جائحة “كورونا” بسبب غلاء المواد الخام وهو ما أثر على أسعار الكتب.
وأوضح هارون، لعنب بلدي، أن كتب الأطفال تحتاج تكاليف مختلفة، منها كلفة الرسامين، فمعظمهم يوجدون خارج تركيا والتعامل معهم يكون بالدولار.
وتعتبر نور المغربي، من “دار الفكر الجديد”، أن أسعار كتب الدار مناسبة، ويحاولون أن تكون منتجاتهم في متناول الجميع، بالحرص على ثبات الأسعار دون التقليل من قيمة الكتاب، والعروض المستمرة التي يعلنون عنها في كل معرض.
عملية إصدار الكتاب تخضع لعدة مراحل يمر بها الكتاب حتى يصل إلى القارئ، من تأليف وتحقيق وتنضيد وشحن وغيرها، فكل هذه النفقات تحمل على الكتاب.
وما يطبع من الكتاب العربي بالنسبة للجالية العربية في تركيا ربما لا يتجاوز 1500 نسخة للكتاب الواحد، بينما الكتاب التركي يطبع بأعداد أكبر وربما لديه دعم من مؤسسات وجهات رسمية، بحسب سامر السعدي.
وأشار السعدي إلى أمور تتعلق بذوق القارئ العربي الذي يبحث عن الجودة والشكل ونوعية الورق والتجليد وبالتالي الكتاب تزداد كلفته.
حضور أقل
شهدت النسخة التاسعة من معرض إسطنبول للكتاب العربي تراجع في الإقبال مقارنة بالسنوات السابقة، بحسب ما تحدث به أصحاب مكتبات وزائرون، لعنب بلدي.
للتراجع عدة أسباب، منها حركة مغادرة العرب لإسطنبول، والتضخم الذي أثر على جميع الأسعار، وعلى القدرة الشرائية للمقيمين في تركيا.