في 7 من آب الحالي، انفجرت سيارة مفخخة (مبرد بضائع) بمدينة اعزاز شمالي حلب، ما أدى إلى مقتل وإصابة 21 شخصًا.
وبعد نحو أسبوع من انفجار اعزاز، انفجرت عبوة ناسفة مزروعة بسيارة في عفرين غربي حلب، وهو ما أعاد إلى الأذهان سلسلة الانفجارات التي شهدتها مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، خاصة ريف حلب الخاضع لسيطرة “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا.
كما انفجر جسم مجهول بمدينة الباب شرقي حلب، في 14 من تموز الماضي، ما أدى إلى سقوط ضحايا.
الانفجارات تراجعت منذ بداية العام 2023، مقارنة بعددها خلال الأعوام الثلاثة السابقة.
مَن المستفيد
تفجيرا اعزاز وعفرين جاءا بعد نحو شهر ونصف من إعادة تنشيط تقارب أنقرة- دمشق، وما تبعها من محاولات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إظهار استعدادها للحوار مع مختلف الأطراف.
ورغم حديث “قسد” عن استعدادها للحوار مع المعارضة السورية، واتخاذها خطوات “إصلاح” داخلية رفضت تلبيتها على مدار ست سنوات، فإنها لم توقف هجماتها على نقاط “الجيش الوطني” بل كثفتها خلال تموز الماضي وآب الحالي.
الباحث في مركز “جسور للدراسات” بسام السليمان، رجح أن تكون هذه التفجيرات هي رسائل من “قسد” بأنها “قادرة على زعزعة الاستقرار في الشمال”
وقال الباحث لعنب بلدي، إنه لا يمكن استبعاد خلايا النظام أيضًا، فهو مستفيد من الضغط على أماكن انتشار القوات التركية لإقناع أنقرة بأن بقاءها سيكون مكلفًا لها، وبالتالي يريد أن تتجاوب مع مطالبه بتحديد جدول زمني للانسحاب.
وأدى تفجير اعزاز، في 7 من آب، إلى مقتل تسعة أشخاص، كانت جثث بعض الضحايا متفحمة، وأصيب 12 آخرون بينهم حالات حرجة، كما احترقت جراء التفجير سبع دراجات نارية وثلاث سيارات “بيك أب”.
“المجلس الإسلامي السوري” أدان في بيان له التفجير، وما تبعه من قصف صاروخي من “قسد” لمنطقة الانفجار.
وقال “الإسلامي السوري”، إن هذه الانتهاكات المزعزعة لأمن المناطق المحررة لا تصب إلا في مصلحة “المجرمين من النظام السوري المجرم وميليشيات (قسد) الإرهابية الانفصالية”.
أما تفجير عفرين، في 14 من آب، فلم يوقع ضحايا بين المدنيين.
وفي مدينة الباب شرقي حلب، قتل مدني وأصيب خمسة آخرون بينهم طفل (جميع إصاباتهم خطرة) جراء انفجار جسم مجهول في شاحنة مغلقة (برّاد) لنقل الخضراوات، في 14 من تموز الماضي، خلال إفراغ العمال أكياس البطاطا من السيارة.
وكان تفجير بسيارة مفخخة استهدف سوق مدينة اعزاز الرئيس، في 31 من آذار الماضي، في وقت ازدحام السكان لشراء حاجيات العيد، ما خلف ثلاثة قتلى مدنيين (طفلان وامرأة) وإصابة خمسة آخرين بينهم طفل.
وبحسب إحصائية حصلت عليها عنب بلدي من “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء)، استجابت فرق الدفاع خلال 2023 لانفجارين بسيارتين مفخختين وقعا في شمال غربي سوريا.
نتج عن الانفجارين مقتل خمسة أشخاص وإصابة سبعة آخرين بجروح، كما استجابت الفرق لثلاثة انفجارات لدراجات نارية مفخخة نتج عنهم مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين بجروح.
منطقة شمال غربي سوريا شهدت خلال العام 2022 انفجار 29 عبوة ناسفة و3 دراجات نارية مفخخة، و18 انفجارًا مجهولًا، و15 لغمًا أرضيًا.
وخلال 2021، استجاب “الدفاع المدني” لـ177 انفجارًا مجهولًا وانفجارًا لعبوات ناسفة وسيارات مفخخة، تسببت بمقتل 91 شخصًا من بينهم 15 طفلًا وسبع نساء، وأصابت 300 شخص بينهم 55 طفلًا.
أسباب أمنية
أشار الباحث بسام السليمان إلى أسباب تتعلق بوجود ثغرات أمنية في “الجيش الوطني” والأجهزة الأمنية تستغلها “قسد” أو حتى النظام، رغم تطور قدرات هذه الأجهزة خلال السنوات الماضية، وقدرتها على اكتشاف وإحباط كثير من عمليات التفجير.
كما أن هناك ثغرات اقتصادية واجتماعية، كانتشار الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية و الظلم الذي لا يزال يتعرض له المكون الكردي في بعض المناطق من عفرين وريفها، وكل ذلك يساعد “قسد” وحتى النظام في تجنيد خلايا تنفذ عمليات كهذه.
على صعيد آخر، كثفت “قسد” من هجماتها على مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، واشتبك الطرفان، منذ 15 من تموز الماضي، ثماني مرات على مختلف جبهات ريف حلب، بحسب ما رصدته عنب بلدي على معرفات التواصل في “تلجرام”.
كما أعلنت فصائل “الجيش الوطني” تصديها لتسع عمليات تسلل، وتعرض نقاطها لهجومين أحدهما بصاروخ موجه أدى إلى مقتل عنصرين وآخر براجمات صواريخ، خلال نفس الفترة.
وأصيب طفل وامرأة بجروح، في 2 من آب الحالي، خلال وجودهما على الجسر الواصل بين بلدة الشيوخ ومدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، إثر استهدافهما بطلقات نارية مصدرها الضفة اليسرى لنهر الفرات الخاضعة لسيطرة “قسد” وقوات النظام.
ولا تعلن “قسد” عن هذه الهجمات عادة، بينما تتحدث عن تعرض مناطقها لقصف مدفعي تركي أو استهداف قواتها عبر المسيرات التركية.
الهجمات والاشتباكات مع “الجيش الوطني” منذ منتصف تموز تجاهلتها “قسد” باستثناء هجوم شنته في 17 من تموز الماضي، في قرية خربة الشعير التابعة لناحية زركان بريف الحسكة، أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر من “الجيش الوطني” وإصابة اثنين آخرين.