بهار ديرك – الحسكة
أصدر فرع حزب البعث في محافظة الحسكة مؤخرًا، حزمة من القرارات بحق العاملين في القطاع الحكومي، محاولًا الضغط عليهم، للانخراط بتشكيل مسلح جديد تحت مسمى “الدفاع الذاتي”، في ظل نقص سيولة فروع المصارف في المدينة، وعجز النظام السوري عن تغطية الرواتب الشهرية.
وفصل الحزب قرابة 130 موظفًا، السبت 26 آذار، من مؤسسات النظام في المحافظة، بينما فضل معظم العاملين ممن استطلعت عنب بلدي آراءهم، ترك الخدمة بدل الزج بهم في المعارك، رافضين الخضوع لدورات عسكرية بإدارة النظام “الساقط ضمنًا”.
هوزان نواف، مدرس في مدينة القامشلي، أوضح لعنب بلدي أنه حصل على تسريبات من مديرية التربية تفيد بوجود اسمه في قائمة المطلوبين، مشيرًا “من المستحيل أن أخدم لصالح نظام قاتل، فالراتب الزهيد الذي يمنحه لا يغطي أدنى متطلبات الحياة، كما أنه من المعيب أن نتحدث عن الدوام الحكومي في ظل المضايقات التي نتعرض لها يوميًا”.
أما زياد شيخ محمد، وهو عامل إنتاج في مديرية النفط في مدينة الرميلان، ويبلغ من العمر 40 عامًا، فقال إنه مطلوب للخدمة، معتبرًا أن ترك العمل أفضل من خدمة النظام والانتساب لمعسكراته، ثم الزح بالموظفين في المعارك ضد المعارضة، “خصوصًا بعد اهتراء جيشه وهروب معظم عناصره”.
وأوضح شيخ محمد لعنب بلدي، أن محاسب مديرية النفط، أخبر الموظفين الأسبوع الماضي، أن راتب 564 عاملًا في المديرية ممنوع من الصرف بقرار من محافظ الحسكة.
القرار لزج العاملين في المعسكرات
مصدر مسؤول من داخل فرع الحزب في الحسكة (رفض كشف اسمه لضرورات أمنية) أوضح لعنب بلدي أن القيادة القطرية، أصدرت قرارًا موقعًا من الأمين القطري المساعد للحزب، هلال هلال، تبلغ بموجبه كافة الدوائر بشكل دوري، بضرورة إرسال قائمة بأسماء العاملين فيها.
ويهدف القرار وفق المصدر، إلى الزج بالعاملين في معسكر طرطب الخاص بقوات “الدفاع الذاتي”، جنوب الحسكة، ويشرف عليها أمين فرع الحزب ومحافظ الحسكة، أحمد الزعال.
ويعمم القرار كل شهر على دائرة، ويخطر المحاسب فيها، بمنع صرف رواتب العاملين، قبل البت بأمر المطلوبين منهم، والموجودة أسماؤهم ضمن قوائم “الدفاع الذاتي”.
المديريات تؤكد القرار ومنع صرف الرواتب
رئيسة قسم أرشيف العاملين في مديرية التربية بالحسكة، دجلة العلي، أفادت عنب بلدي أن 1296 مدرسًا من ملاك المديرية، أبلغوا بضرورة الخضوع للمعسكرات التدريبية، مؤكدةً منع صرف رواتبهم حاليًا، “باعتبارهم بحكم المفصولين إذا لم يلتحقوا بالمعسكرات خلال 20 يومًا، ولم يبادر أحد منهم إلى الآن”.
أما زهرة ياسين، وهي موظفة في الإشراف الصحي بريف الحسكة، فأوضحت لعنب بلدي أن القرار وصل إلى المديرية في 15 آذار الجاري، وطلب أسماء كافة العاملين الذكور وأرقام دفاتر خدمة العلم الخاصة بهم، لافتةً إلى أن المديرية أرسلت الأسماء ضمن كتاب رسمي إلى فرع حزب البعث لفرزها وتحديد المطلوبين.
وتحدث المسؤول عن قسم الإحصاء في مديرية صحة الحسكة، عمران أوسي، لعنب بلدي، عن ترك مئات العاملين والكوادر الطبية الخدمة، قبل صدور القرار، مشيرًا إلى أن تعميمه حاليًا “يرجح أن يفصل قرابة 600 عامل وجميعهم أعمارهم ضمن السن المطلوب للخدمة”.
بينما أفاد المهندس الميكانيكي في مديرية نفط الرميلان، جوان رشك، أن العامل في المديرية لا يحصل حاليًا على حوافز وطبيعة حقول أو أي ميزات كانت متاحة قبل الثورة، لافتًا لعنب بلدي، إلى أن المديرية “تعيش حالة تخبط، فالأمور ساءت بشكل أكبر مع صدور قرار النظام الأخير”.
وبلغ عدد العاملين المستنفذين من الخدمة في محافظة الحسكة، 1012 عاملًا، وفق عبد النور الآغا، وهو موظف سابق في قسم شؤون العاملين في مجلس محافظة الحسكة، ورجح ارتفاع العدد في ظل قرارات الحزب بحق العاملين.
صندوق المصرف التجاري في القامشلي فارغ
عزيزة مراد، موظفة في المصرف التجاري في مدينة القامشلي، أوضحت أن صندوقه فارغ في الوقت الحالي، ولا مال مخصص لأمر صرف رواتب الموظفين في دوائر الدولة، مؤكدةً أن قطاع التربية لم يتسلم رواتبه للشهر الثاني على التوالي، إذ لم يحصل أي مدرس على راتبه الشهري.
وعزت الطوابير اليومية التي تنتظر أمام المصرف، “لأن النظام بعد أن ضاق به الحال، يحاول تبرير عجزه من خلال تعميم قرارت، يجبر من خلالها العامل على الاختيار بين الخدمة أو الفصل من العمل”.
ورغم أن دور حزب البعث في مؤسسات الدولة، اضمحل شيئًا فشيئًا خلال الثورة السورية، إلا أنه ومع إطالة عمرها يحاول استعادة نشاطه، من خلال التضييق على العاملين للانضواء تحت رايته، الأمر الذي قابله معظم موظفي محافظة الحسكة بالرفض، باستثناء بعض أنصار الحزب القدامى.