خرجت عدة محطات لمياه الشرب عن الخدمة إثر القصف المتبادل الذي شهده ريف دير الزور الشرقي بين “قوات العشائر” المدعومة من النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية له من جهة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من جهة أخرى.
وواجه السكان صعوبات بالوصول إلى مياه الشرب إثر تضرر محطات المياه، وفق ما قاله سكان من المنطقة لعنب بلدي، في وقت أجبرت فيه العمليات العسكرية المدنيين على النزوح من المناطق القريبة من المواجهات.
وأفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور أن محطات المياه تعطلت في قرى وبلدات ذيبان، وأبو حمام، وأبو حردوب، والبصيرة، الواقعة ضمن الجغرافيا التي تسيطر عليها “قسد”، إضافة إلى محطة المياه في قرية البوليل بمناطق سيطرة النظام السوري.
محطات خارج الخدمة
تسبّب القصف بحرمان أكثر من 200 ألف نسمة يقيمون شرقي دير الزور من مياه الشرب بعد تضرر محطتي “أبو حمام” و”أبو حردوب” بنسبة 40%، إذ تضررت مولدات التشغيل في المحطات بعد إصابتها بعيارات نارية إضافة إلى أضرار لحقت بخزانات المياه.
مصدر مسؤول في مديرية المياه لدى “الإدارة الذاتية”، تحفظ على ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، قال لعنب بلدي، إن محطة المياه في البصيرة كانت معطلة بسبب قطع الكهرباء لكنها تعرضت خلال الأيام الماضية لاستهداف بقذيفة “هاون” أدى إلى ثقوب في الخزانات.
وتعتبر محطة مياه “البصيرة” ثاني أكبر محطة بريف دير الزور الشرقي، وتغذي مدينة البصيرة وقرى ابريهة والعزيب والتوامية والكسار والطكيحي المحيطة بها بمياه الشرب.
المصدر قال أيضًا إن قناة ري الصبحة خرجت عن الخدمة بسبب إطلاق نار استهدف مولدات الكهرباء بالإضافة لمحطة ذيبان التي تضخ المياه لحقل “العمر النفطي” (حيث تتمركز قوات التحالف الدولي).
ومع بداية المواجهات في 6 من آب الحالي، سيطرت مجموعات تدعمها قوات النظام على محطة المياه بالقرب من حقل “العمر” لكنهم دفعوا للانسحاب منها بعد تحليق للطيران الأمريكي في المنطقة.
فهد الحمد من سكان بلدة أبو حمام شرقي دير الزور، قال لعنب بلدي، إنه منذ اليوم الأول للقصف، انقطعت المياه عن الحي الذي يقطنه، ما دفعه لشراء المياه من الصهاريج التي ارتفعت أسعارها فجأة.
وأضاف أن المياه غير معقمة، بالتالي يستخدمها السكان فقط في الغسل والتنظيف، بينما يميلون لشراء مياه من نوعية أخرى مخصصة للشرب يصل سعر البرميل الواحد منها إلى 25000 ليرة، ويصل سعر الخزان بسعة عشرة براميل من المياه غير المعقمة إلى 100000 ليرة.
ويصل سعر صرف الليرة السورية إلى 17450 ليرة مقابل كل دولار واحد، وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد حركة العملات الأجنبية.
البدائل مكلفة
أحمد من أبناء بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي، يرى أن “قسد” ساهمت بإخراج محطات المياه عن الخدمة، إذ تمركزت قواتها داخلها، ما جعلها ساحة معركة، وعرضة للاستهداف.
وأضاف أنه يجلس اليوم باحثًا عن وسيلة لتأمين المياه لعائلته، خصوصًا أنه عامل مياومة، ولا يملك رفاهية شراء المياه من الصهاريج الجوالة، وفق تعبيره.
ينحدر عمر الملا من بلدة البوليل بريف دير الزور حيث تتمركز قوات النظام، قال لعنب بلدي، إنه يشتري المياه بسعر مرتفع قد يصل إلى 20000 ليرة سورية مقابل كل برميل واحد من المياه.
وأرجع عمر أسباب ارتفاع الأسعار إلى تمركز قناصين من “قسد” في منطقة ترصد مناهل المياه في البلدة، ما دفع أصحاب الصهاريج للتزود بالمياه من بلدة موحسن أو الزباري، ما تسبب بارتفاع الأسعار نظرًا لزيادة المسافة.
ولا تعتبر أزمة المياه جديدة على سكان المنطقة، إذ عانى سكان شرقي دير الزور من نقص المياه وصعوبة تأمين البدائل على مدار الأشهر الماضية.
وسبق أن حولت “قسد” محطات مياه في ريف دير الزور الشرقي إلى نقاط عسكرية مطلع العام الحالي، وحصرت دخول الموظفين والعاملين فيها بساعات محددة، ما تسبب بنقص في المياه الواصلة إلى منازل المدنيين.
ومن بين المحطات التي رُصدت تحصينات عسكرية على أسطحها محطتا “الصبحة” و”أبريهة”، إضافة إلى محطة معالجة المياه في مدين البصيرة والشحيل، وبلدات ذيبان، والجرذي الشرقي، والسوسة، والبو بدران، والشعفة.
مطالب بتحييد المنشآت الخدمية
خلّف التصعيد العسكري بين مجموعات تدعمها قوات من النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) 17 قتيلًا مدنيًا، بحسب تقرير أصدرته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم، الثلاثاء 13 من آب، إضافة إلى حالة نزوح جماعي من مناطق المواجهات.
ومنذ أسبوع، تشهد القرى والبلدات الواقعة على امتداد ضفتي نهر الفرات في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور تصعيدًا عسكريًا بين الجانبين.
وقالت “الشبكة السورية” في تقريرها، إنها وثقت مقتل ما لا يقل عن 17 مدنيًا، بينهم ثمانية أطفال وست سيدات، وإصابة ما لا يقل عن 34 آخرين بجروح، إثر الهجمات العشوائية بالأسلحة الثقيلة، ورصاص الاشتباكات في مناطق سيطرة الطرفين.
وأكدت “الشبكة” أن الطرفين ارتكبا “بشكل لا يقبل التشكيك” خرقًا لأحكام عدة في القانون الدولي العرفي، وبشكل خاص عدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ما يؤدي إلى نشر الذعر بين المدنيين، ودفعهم نحو التشريد القسري.
وطالبت الأطراف بوقف التصعيد والهجمات العشوائية بشكل فوري، والالتزام بحماية البنية التحتية المدنية الأساسية، وخاصة محطات ضخ المياه، وضمان إعادة تشغيلها لوصول السكان للمياه النظيفة.