“حزب الله” يوزع تهم العمالة
إبراهيم العلوش
في خطابه الأخير قبل أيام، تجاهل الأمين العام لـ”حزب الله” عمالته لإيران ونتائجها المأساوية على اللبنانيين وعلى السوريين، وشمل السوريين المعادين لاستبداد نظام الأسد بتهمة العمالة لإسرائيل وأمريكا، غاضبًا من إصرار السوريين على مطلب محاسبته ومحاسبة إيران على الجرائم التي ارتكبوها بحق البشر والحجر في سوريا.
الحملات الإعلامية الضاربة ضد “حزب الله” وإيران التي يشنها السوريون المهجّرون في أوروبا، وفي دول الخليج، وفي تركيا، صارت مثار غضب قادة الحزب والسلطة الإيرانية، إذ تنغّص عليهم ارتداء أثواب المقاومة وادعاء الدفاع عن المدنيين في غزة، متناسين جرائمهم التي لا تزال مستمرة في سوريا والتي غيّرت ديموغرافيا البلاد وقتلت المدنيين ودمرت المدن، تمهيدًا للمخطط الإيراني الطائفي الذي يديره قادة “الحرس الثوري الإيراني” في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
يتجاهل “حزب الله” أن له أكثر من 112 نقطة عسكرية في سوريا تنتشر في كل مناطقها، بدمشق والساحل وحمص وحلب ودير الزور ودرعا والسويداء، ويتجاهل أن قادته الكبار الأربعة الذين قتلوا مؤخرًا في لبنان كانوا يزينون سيرهم الذاتية ببطولاتهم ضد المدنيين السوريين في حمص وحلب وريف دمشق ودير الزور، وشاركوا بإدارة وإنجاز مخططات التهجير الجماعي بكل فخر لمصلحة دولة الملالي، التي تحلم بحكم المنطقة العربية عبر عملائها الذين يتبجح باسمهم حسن نصر الله، ويوزع التهم على شعب منكوب بهذا الوباء الذي لا يختلف عن وباء “داعش” إلا بطريقة الإخراج.
نتضامن كسوريين مع الشعب اللبناني ومع سكان الجنوب المختطف من قبل عملاء إيران، ونرفض كل أنواع التهم التي يكيلها المحور الإيراني ضد شعوب المنطقة، وهو يوشك أن يجرّ عليها حربًا شاملة تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على المنطقة.
وما البطولات التي يدّعيها حسن نصر الله إلا تكرار ممجوج لبطولات قادة الجيوش العربية قبيل نكسة حزيران 1967، حين كان القادة في دولة “البعث” يكررون الجمل البطولية والتحديات، ويستأسدون على الإمبريالية قبل أن يبدؤوا ماراثون الهزيمة الذي تسبب بضياع ثلاثة أرباع فلسطين والجولان، وكان أبرز العدّائين الفارين وزير الدفاع السوري حينها، حافظ الأسد، وقادة “البعث” أمثال صلاح جديد ونور الدين الأتاسي. وكان عبد الحكيم عامر قائد القوات المصرية في الجانب الناصري أكثر قدرة على الركض في ماراثون الهزيمة، إذ استطاع أن يقطع صحراء سيناء في خمسة أيام، ووصلت القوات التي كانت تطارده إلى طريق القاهرة وأوشكت أن تلحقه إلى قلبها.
صحافة إيران اليوم تنفخ بحسن نصر الله وتعتبره أشجع قادة محور المقاومة، حسب الصحفي الإيراني أمير طاهري، وترشحه للانتقام من أجل شرف دولة الملالي، التي لم تستطع حماية ضيوفها في بداية آب الحالي وهم يحضرون مراسم تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.
التضخيم الذي يضخه الإعلام الإيراني عن حسن نصر الله علامة واضحة تقدمه كخروف أضحية بدلًا من قادة “الحرس الثوري”، الذين اعتصموا بالصمت بعد العار الذي لحق بهم في قلب العاصمة طهران، نتيجة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية.
الانتقام الإيراني كما يبدو سيكون على يد “حزب الله”، وبالتالي فإن نتائج الحرب المدمرة ستقع على أبناء الجنوب اللبناني وعلى الدولة اللبنانية عامة، ولن تكون حرب تموز 2006 والدمار الذي خلفته في لبنان إلا صورة باهتة عن الدمار الذي سيجره “حزب الله” على اللبنانيين، حسب أقوال الصحف الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية، وستكون البنية التحتية اللبنانية ضحية تبجحات حسن نصر الله.
في محيط مدينة طرابلس، شمالي لبنان، يقوم “حزب الله” بإعداد ملاجئ ومخيمات لسكان الجنوب في حالة نشوب الحرب، ولن يكون من المفاجئ أن يستثمر نتائج تهجير السوريين ويقوم بترحيل جزء من سكان جنوبي لبنان إلى ريف دمشق الغربي والمدن المحاذية للبنان، مثل الزبداني وبلودان وبقين وصولًا إلى النبك ويبرود وعسال الورد، والقرى الحدودية بما فيها القصير، حيث لا تزال سيطرة “حزب الله” كبيرة في تلك المدن التي احتلها بمشاركة الميليشيات الإيرانية الأخرى.
لا نتمنى وقوع حرب الوكالة التي تعدّ لها إيران، ويضحي فيها “حزب الله” باللبنانيين دفاعًا عن شرف الملالي المهدور، ونتمنى على الساسة اللبنانيين والعرب وبالتعاون مع المجتمع الدولي تجنب الدمار الإسرائيلي الغاشم، فالحرب سيدفع ثمنها المدنيون من لبنانيين ومن سوريين لاجئين.
ولعل درس غزة شديد القسوة على الشعب الفلسطيني وعلى شعوب المنطقة، حيث انعدمت كل المقاييس الإنسانية، وتعطلت القوانين الدولية، وعجز العالم عن وقف معاناة المدنيين، كما عجز سابقًا عن وقف معاناة السوريين وهم يسقطون ضحايا العدوان الإيراني الذي يخدمه حسن نصر الله، ويعتبر كل من لا ينضم إليه هو عميل لإسرائيل وأمريكا، ويحرمه من نعمة العمالة لـ”الحرس الثوري الإيراني”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :