ريف حلب – ديان جنباز
بدأ موسم جمع الفستق الحلبي في ريف حلب الشمالي، مع بداية آب الحالي، وسط انخفاض في أسعار المحصول مقارنة بالأعوام الماضية، ما أثر سلبًا على المزارعين، وزاد من صعوبة مواكبة التكاليف المتزايدة.
ويقتصر تسويق الفستق الحلبي، المحصول الاستراتيجي أو كما يطلق عليه سكان المنطقة بـ”الذهب الأحمر”، على الأسواق المحلية بشكل أساسي، وتتم عمليات التصدير عبر المعابر الحدودية من خلال التجار فقط، الذين يتحكمون بتحديد أسعاره.
وبحسب مزارعين قابلتهم عنب بلدي، فإن الإنتاج تراجع هذا الموسم، في وقت بلغت فيه تكلفة الهكتار الواحد 1000 دولار أمريكي (15 مليون ليرة سورية).
التاجر يحدد السعر
لا تحدد “الحكومة السورية المؤقتة” سعر الفستق الحلبي، ويقتصر الأمر على التجار، ما يترك هامش ربح الفلاح مرهونًا بيدهم، إذ لا يستطيع المزارع تحمل تكلفة النقل والتسويق والتصدير.
ويتراوح سعر الكيلو الواحد من الفستق بين 1.5 ودولارين أمريكيين (الدولار يعادل 15000 ليرة سورية، ويعادل 33 ليرة تركية)، بينما وصل سعر الكيلو في عام 2023 إلى ثلاثة دولارات.
عبد الفتاح شيخو، مزارع بريف حلب الشمالي، قال لعنب بلدي، إن انخفاض أسعار الفستق الحلبي هذا العام يعود بشكل رئيس إلى احتكار التجار وتحكمهم بتحديد الأسعار، كما أن عمليات التسويق تجري بما يتماشى مع مصالحهم التجارية، على حساب المزارعين، ما أثر على ربحه ليصبح محدودًا.
وأوضح المزارع أن إنتاج هذا الموسم بلغ نصف ما كان عليه عام 2023، إذ إن الفستق الحلبي يُعرف بدورية الإنتاج التي تجعله وفيرًا في سنة وشحيحًا في السنة التالية.
وذكر المزارع أن أرضه التي تمتد على خمسة هكتارات أنتجت هذا العام سبعة أطنان فقط، بينما كانت الإنتاجية في العام السابق 14 طنًا.
تكاليف إضافية
حسين سقار مزارع من قرية كلجبرين بريف اعزاز شمالي حلب، قال لعنب بلدي، إن زراعة شجرة الفستق تتطلب عناية فائقة، حيث يمكن أن تتجاوز تكاليف الهكتار الواحد 1000 دولار أمريكي.
وأوضح أنه مدد شبكة مياه بلغت تكلفتها 500 دولار لكل هكتار من أرضه، على أمل تحقيق مدخول أكبر، وضمان موسم زراعي أفضل، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق سوى تغطية تكاليف العناية والفلاحة.
وأفاد المزارع بأن نجاح محصول الفستق الحلبي يعتمد على عدة عوامل رئيسة، منها زراعة الأشجار في التربة ذات اللون الأصفر، والري المنتظم، واستخدام المبيدات الحشرية المناسبة، والتقليم الدوري.
وذكر أن اختيار الأصناف المناسبة من الفستق يعد عنصرًا حاسمًا لتحقيق إنتاجية عالية، وأن نسب الإنتاج قد تختلف من منطقة إلى أخرى نتيجة تبدلات الظروف الجوية والبيئية، ما يؤثر على جودة وكمية المحصول.
وتتوفر في أرياف حلب عدة أصناف من الفستق الحلبي، تتميز بتسميات مختلفة تشمل “الباتوري”، و”الورديني”، و”ناب الجمل”، و”التركي”، بالإضافة إلى “العاشوري” الذي يعد الأكثر شيوعًا في المنطقة، ولكل من هذه الأصناف خصائص فريدة تؤثر على جودة المحصول ونسب الإنتاج وأسعاره.
محصول استراتيجي
توسعت زراعة الفستق الحلبي في أرياف حلب الشمالية والشرقية، خلال السنوات الماضية، وأصبحت بديلًا لدى عديد من المزارعين عن مواسمهم التقليدية كالقمح والشعير والبقوليات، على الرغم من ارتفاع تكاليف زراعتها، وتأخر سنوات إنتاجها التي تزيد على ثماني سنوات على أقل تقدير.
وبحسب تصريح لعنب بلدي من مدير زراعة حلب في “الحكومة المؤقتة”، حسن الحسن، في أيلول 2023، فإن شجرة الفستق الحلبي تحتل مكانة جيدة بين الزراعات التي تنتشر في محافظة حلب عامة وبمدينة جرابلس خاصة، التي تعتبر إحدى أهم المناطق التي تنتشر فيها هذه الزراعة.
وقدّر الحسن المساحة المزروعة بالفستق الحلبي في مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” بـ19 ألفًا و149 هكتارًا، وبلغ عدد الأشجار المثمرة مليونين و336 ألفًا و178 شجرة، كما قدّر إنتاج الموسم لعام 2023 بـ18 ألفًا و700 طن.
وذكر الحسن أن موسم الفستق ذو أهمية اقتصادية في المنطقة، كما أن ثماره ذات قيمة غذائية عالية، وأن عائده المالي للمزارعين جيد في مناطق الزراعة البعلية مقارنة بالمحاصيل الأخرى.