أصوات اشتباكات بأسلحة خفيفة ومتوسطة تتخللها قذائف “هاون” ومدفعية تسقط هنا وهناك، أدخلت الخوف إلى قلوب عائلة حسن في بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي.
الاشتباكات بدأت بعد إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تصديها لهجوم شنته قوات النظام والميليشيات الرديفة على الضفة الشرقية لنهر الفرات بدير الزور مساء الثلاثاء 6 من آب.
قذيفة “هاون” سقطت على منزل حسن أدت إلى إصابة أحد أبنائه، دفعته للخروج من منزله على وجه السرعة.
نقل حسن ابنه المصاب إلى مستشفى “جديد بكارة”، وأوصل باقي أفراد عائلته إلى قرية الحجنة بريف دير الزور الشمالي، “بحثًا عن مكان أكثر أمنًا”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
على الضفة الغربية من الفرات الخاضعة لسيطرة قوات النظام، لم تكن الحال أفضل بالنسبة لمحمد في قرية بقرص، إذ قال لعنب بلدي، إنه أخلى منزله إلى جانب مدنيين آخرين، عقب إدخال الميليشيات الإيرانية راجمات صواريخ بين منازل المدنيين لاستخدامها في مناطق سيطرة “قسد”.
وذكر محمد أنه توجه إلى مدينة دير الزور، مشيرًا إلى أن الحشد العسكري بالقرب من ضفة الفرات بدأ قبل أسبوع من اشتباكات اليوم، الأربعاء 7 من آب.
وبحسب مراسل عنب بلدي في دير الزور، فإن القصف المدفعي المتبادل بين “قسد” وقوات النظام أدى إلى نزوح أهالٍ من قرية الطيبة الواقعة تحت سيطرة النظام، وأيضًا من بلدة ذيبان الواقعة تحت سيطرة “قسد”.
ولم ينزح جميع أهالي القرى والبلدات الأربع المذكورة، وتركزت حركة النزوح في المنازل القريبة من نقاط “قسد”.
الاشتباكات مستمرة
بدأت الاشتباكات مساء الثلاثاء وما زالت مستمرة حتى لحظة تحرير التقرير، وذلك بعد هجوم شنته قوات النظام مدعومة بـ”الدفاع الوطني” و”قوات العشائر العربية” على مواقع لـ”قسد” بريف دير الزور الشرقي.
إبراهيم الهفل أحد شيوخ العشائر العربية توعد في بيان له اليوم، “قسد” بمزيد من الهجمات، وأنه لن يترك السلاح حتى “تحرير الأرض من ميليشيات قنديل الإرهابية (في إشارة إلى قسد)”، حسب تعبيره.
الهفل أحد شيوخ عشيرة “العكيدات”، وهو قائد “قوات العشائر العربية”، ويتهم من قبل “قسد” بالتبعية للنظام السوري.
سيطر المهاجمون على نقاط في بلدات ذيبان وأبو حمام غرانيج وشعيطات والكشكية، بعد اشتباكات مع عناصر “قسد” وانسحابهم منها.
كما جرت اشتباكات في بلدات الصبحة والبصيرة وأبو حردوب.
استقدمت “قسد” تعزيزات عسكرية من مناطق سيطرتها في ريف دير الزور الشمالي والحسكة والقامشلي والشدادي، وعززت وجودها في ريف دير الزور الشرقي، وفرضت حظر تجول.
وبعد ساعات من الاشتباكات والقصف المتبادل قالت “قسد”، إنها أفشلت الهجوم وإن مجموعاتها العسكرية انتقلت إلى مرحلة تمشيط قرى ذيبان واللطوة وأبو حمام وملاحقة “فلول النظام”.
واتهمت “قسد” رئيس “جهاز المخابرات العامة” التابع للنظام، حسام لوقا، بالوقوف خلف الهجوم.
ونشرت وكالة “هاوار” المقربة من “قسد” تعميمًا لـ”الدفاع الوطني” في الحسكة، ورد فيه أن قوات النظام و”الدفاع الوطني” و”قوات العشائر” هم من نفذوا الهجوم.
واطلعت عنب بلدي على مقطع مصور لم تتأكد من صحته، لمشاركة هاشم السطام الملقب بـ”أبو بسام”، قائد إحدى الميليشيات الممولة إيرانيًا في دير الزور تسمى “حركة أبناء الجزيرة والفرات” في المعارك على جبهة ذيبان.
وبحسب “قسد”، أدى القصف إلى مقتل مدنيين اثنين وإصابة خمسة آخرين في ذيبان واللطوة.
اشتباكات وقصف سابق
منذ أيلول 2023، يتكرر القصف المتبادل بين قوات النظام السوري والقوات الرديفة (الدفاع الوطني وقوات العشائر) وميليشيات موالية لإيران تتمركز غرب نهر الفرات من جهة، و”قسد” التي تسيطر على الضفة الشرقية.
في آب 2023، شهد ريف دير الزور الشرقي والشمالي معارك مسلحة بين مقاتلين من “مجلس دير الزور العسكري” مدعومًا بمقاتلين من العشائر العربية و”قسد”، التي ينضوي “المجلس” تحت مرتباتها.
واشتبك الطرفان بمناطق جغرافية متفرقة، لكن المواجهات تركزت بشكل أساسي في ريف دير الزور الشرقي، ذات التماس المباشر مع مناطق سيطرة النظام السوري.
المواجهات جاءت حينها عقب اعتقال قائد “مجلس دير الزور”، أحمد الخبيل (أبو خولة)، بعد خلاف بين الجانبين دام أكثر من شهرين، بينما بقي قادة الصف الأول في “المجلس” محاصرين بمدينة الحسكة.
وبعد أيام على المواجهات غاب اسم “المجلس” بالكامل عن المواجهات المسلحة، وبقي طرفاها “قسد” ومقاتلين من أبناء عشائر المنطقة يقودهم إبراهيم الهفل.
ولا يزال الأهالي هم الطرف الأضعف والمتضرر الأكبر في هذه الاشتباكات.