طريف الأخرس يتهرب ضريبيًا.. عين النظام على أموال داعميه
قالت لجنة خاصة بالتهرب الضريبي في وزارة المالية بحكومة النظام السوري، نهاية تموز الماضي، إن طريف الأخرس رجل الأعمال السوري وعم أسماء الأسد زوجة رئيس النظام، يتهرب من ضرائب بقيمة 409 مليارات ليرة، وذلك خلال عام واحد فقط.
موقع “هاشتاغ” المحلي نقل عن مصادر خاصة قولها، إن لجنة من مديرية الاستعلام والتهرب الضريبي التابعة لوزارة المالية نفذت زيارة تفتيشية لمحافظة حمص، تركزت على مصنعي “الشرق الأوسط للسكر” و”الشرق الأوسط للزيوت” المملوكين لطريف الأخرس بمدينة “حسياء” الصناعية.
وفق المصادر، اكتشفت اللجنة خلال الزيارة التفتيشية وجود فروقات كبيرة في حسابات المبيعات المحلية المخفية وغير المصرح عنها، إذ بلغت قيمة هذه الفروقات في شركة السكر نحو 188 مليار ليرة سورية، وفي شركة الزيوت حوالي 221 مليار ليرة سورية، ليصل إجمالي التهرب الضريبي خلال عام واحد فقط إلى 409 مليارات ليرة سورية.
وفي ظل تغييرات ملحوظة طرأت مؤخرًا على الواجهة الاقتصادية للنظام السوري، تثار التساؤلات حول ما إذا كانت ملاحقة النظام لطريف الأخرس تعد تضييقًا على عمله كما حدث سابقًا مع رجال أعمال آخرين أبرزهم رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام وغيره.
وفي 2019، اتخذت مديرية الجمارك بحق الأخرس سلسلة قرارات قيّدت منحه تسهيلات مالية أو السماح له بتحريك أي من حساباته لما قيل إنه “إلزام للإيداع في صندوق دعم الليرة”، وانتهت بحجز الجمارك احتياطيًا على أمواله وأموال أبنائه المنقولة وغير المنقولة بحجة وجود مخالفات في بنود جمركية، ورفعت الحجز بعدها وذلك لزوال الأسباب الداعية لذلك.
يُعرّف الحجز الاحتياطي بأنه: “وضع مال المدين تحت يد القضاء، لمنعه من القيام بأي عمل قانوني أو مادي من شأنه أن يؤدي إلى استبعاده أو استبعاد ثماره من دائرة الضمان العام للدائن الحاجز”.
لا يُعتبر الحجز الاحتياطي إجراءً تنفيذيًا بل وقائيًا، لأنه لا يمكن التنفيذ على المال المحجوز إلا بعد حصول الدائن على سند تنفيذي بحق المدين، ويتناول الحجز الاحتياطي أموال المدين المنقولة وغير المنقولة. |
من طريف الأخرس
طريف الأخرس ثاني أكبر مستورد ومصدّر في سوريا، وصاحب شركة “عاليا” للتطوير العقاري وأسس مجموعة الأخرس، وهي شركة رئيسة للسلع والتجارة والمعالجة والخدمات اللوجستية تعمل في جميع أنحاء سوريا.
الأخرس من مواليد مدينة حمص عام 1951، وبحسب ما ذكره موقع “مع العدالة” عن حياته، أسس مجموعته عام 1973، حيث كانت في تلك الفترة شركة هندسية صغيرة، ثم تحولت إلى مجموعة كبيرة تمتلك مصانع “الشرق الأوسط” للسكر، ومصنع “سولينا” للزيوت، ومصنع “الشرق الأوسط” للأعلاف، و”شركة ترانس بيتون” لمستلزمات البناء، ومصنع “سامبا” لـ”الآيس كريم”.
ويعتبر من أبرز رجال الأعمال في سوريا، ويملك خطوط استيراد السكر وزيت دوار الشمس، ومحطة لتكرير وتصنيع السكر الأبيض والكحول والمولاس (دبس السكر) والخميرة، برأسمال قدره خمسة مليارات ليرة سورية.
كما يملك مع أبنائه معملًا لعصر وتكرير زيت الزيتون وإنتاج الزيوت النباتية الخام والمستوردة، لإنتاج السمن النباتي المهدرج، برأسمال قدره مليار ليرة سورية، إضافة إلى شركات أخرى.
استفاد طريف من العلاقات المتداخلة ما بين آل الأسد وآل الأخرس، خصوصًا بعد العلاقة التي ربطت ما بين بشار الأسد وأسماء الأخرس في بريطانيا في تسعينيات القرن الماضي، ولاحقًا زواجهما في عام 2000، ودخل حينها في توريد سلع للجيش كالزيوت والسكر وغيرهما من المواد الأساسية، مستفيدًا من الفساد المستشري في تلك المؤسسة، ما زاد في غناه والمشاريع التي أطلقها، وعلى رأسها معمل السكر الذي يعمل بطاقة إنتاجية بواقع 700 ألف طن سنويًا.
وتوسعت نشاطات الأخرس بعد دخوله مجال الاستثمار في مدينة “حسياء” الصناعية بحمص، حيث استثمر مليارات الليرات في مختلف القطاعات كالسكر والزيوت والمطاحن وتعليب اللحوم والموز والأسماك والخرسانة والحديد، كما أسس شركة النقل البري “عبر الشرق”، إضافة إلى تأسيس المركز التجاري “ترانس مول”، وعمل كذلك في مجال العقارات وأسس شركة “عاليات للتطوير العقاري” التي نفذت مشروع ضاحية حمص.
وأسس طريف الأخرس “شركة سورية القابضة”، كما أسس “شركة التأمين العربية” وترأس الاتحاد السوري لصناعة الحبوب، وجريدة “الخبر” الأسبوعية، وشركة “التاج” للاستثمارات الصناعية، وبنك “الأردن سوريا” بالشراكة مع أولاده مرهف وديانا ونورا، واستفاد في تلك الفترة من علاقته مع محافظ حمص الأسبق، إياد غزال، الصديق الشخصي لبشار الأسد.
وعند اندلاع الثورة السورية عام 2011، بادر إلى تأييد قوات النظام ودعمها في عمليات القمع عبر تزويدها بالمواد الغذائية بعقود بلغت مليارات الليرات، ومدّها كذلك بآليات النقل من شركته “عبر الشرق”، وتولى رعاية قسم من موالي النظام في مدينة حمص التي ينحدر منها، الأمر الذي دفع بالنظام لدعم أعماله ومشاريعه بمختلف الوسائل المتاحة.
لا تضييق.. جباية من المقربين
الباحث السوري في الاقتصاد السياسي إبراهيم ياسين، فسر، لعنب بلدي، تهرب طريف الأخرس من دفع الضرائب المترتبة عليه بأن جميع رجال الأعمال يرفضون دفع الضرائب ويتهربون بشتى الوسائل، وبما أن طريف قريب بشار الأسد فهو يتمتع بنوع من الحصانة التي تجعل المؤسسات تغض النظر عن مشاريعه، وفق رأيه.
ولا يرى ياسين أن ملاحقة الأخرس لدفع الضرائب تعد تضييقًا على مصالحه، رغم ارتباطه بمحور أسماء الاسد، إذ لا تزال مشاريعه مستمرة في العمل.
ويعتمد النظام السوري واقعيًا الجباية من جميع رجال الأعمال المقربين منه وأعمدة الاقتصاد الذين لم يكن أحد يتجرأ على ذكر أسمائهم كرامي مخلوف وغيره، وطريف الأخرس ليس استثناء، وفق ما يرى الباحث، مشيرًا إلى أن النظام عمليًا مفلس وبحاجة للمال من أي مصدر وما يفعله في سياق الضرائب أحد المصادر التي عادت عليه بمبالغ ليست قليلة في أوقات سابقة.
بمفهومه الاقتصادي يُعرّف التهرب الضريبي بأنه جميع صور الهروب من تحمل عبء الضريبة، أيًا كان نوعها، وعدم إقرار المكلف (سواء كان فردًا أو شركة) بواجباته الضريبية تجاه الدولة، وذلك بعدم دفعه للضرائب والرسوم المترتبة عليه، من خلال اتباع أساليب وأعمال تخالف القانون ونصوصه، ما يؤثر على حصيلة الخزينة العامة من الضريبة.
وتصنف الأسباب التي تدفع الأفراد أو الشركات لممارسة التهرب الضريبي إلى أسباب تشريعية وأسباب سياسية وإدارية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية. |
مصدر رفد للخزينة
مطلع عام 2021، أعلنت وزارة المالية في حكومة النظام عن تشكيل لجنة “لدراسة النظام الضريبي ومراجعة التشريعات الضريبية، واقتراح التعديلات التشريعية في السياسة الضريبية”.
وكان الهدف الأساسي من تشكيل هذه اللجنة، إعادة دراسة النظام الضريبي السوري بشكل كامل، والعمل على تحقيق العدالة الضريبية، ومكافحة التهرب الضريبي، وتحقيق الإيراد المناسب لعمليات الإنفاق.
وفي تقرير نشرته صحيفة “البعث” الحكومية، في كانون الثاني 2022، بعنوان “بعد عام على تشكيلها.. هل حققت لجنة تطوير نظامنا الضريبي وتشريعاته أهدافها“، قال خبراء ماليون (لم تذكر أسماءهم)، إن النظام الضريبي في سوريا يفتقد لمقومات النظام الضريبي العادل التي من أهمها العدالة، والملاءمة، والوضوح، والاقتصاد في نفقات الجباية.
وأكّد التقرير أن الضرائب والرسوم المفروضة سابقًا والتي تُفرض حاليًا، تشكّل عبئًا كبيرًا على كثير من أصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.
اقرأ أيضًا: سوريا.. الضرائب تتمدد والعدالة مفقودة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :