قال مسؤولون أمريكيون إن خمسة على الأقل من العسكريين الأمريكيين أصيبوا في هجوم على قاعدة عسكرية في العراق تتمركز فيها القوات الأمريكية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين أمنيين عراقيين (لم تسمّهما)، الاثنين 6 من آب، قولهما ن صاروخين من نوع “كاتيوشا” أطلقا على قاعدة “عين الأسد” الجوية في غرب العراق.
وقال مصدر أمني عراقي للوكالة إن الصواريخ سقطت داخل القاعدة، لكن لم يتضح ما إذا كان الهجوم مرتبطًا بتهديدات إيران بالرد على مقتل زعيم حركة “حماس” إسماعيل هنية، وفق “رويترز”.
مسؤولون أمريكيون تحدثوا أيضًا إلى “رويترز” شريطة عدم الكشف عن أسمائهم، قالوا إن أحد الأمريكيين المصابين أصيب بجروح خطيرة، وأضافوا أن عدد الضحايا استند إلى تقارير أولية قد تتغير.
وأضاف أحد المسؤولين أن “موظفي القاعدة يقومون بإجراء تقييم للأضرار بعد الهجوم”.
وعلى غير العادة، لم تعلن معرّفات “المقاومة الإسلامية في العراق” مسؤوليتها عن الاستهدافات التي بدأت في تموز، بل ظهر معرّف جديد على “تيلجرام” اسمه “الثوريون” (يتابعه 207 أشخاص) تبنى الاستهدافات، وأحدثها أمس الاثنين، ولم تتمكن عنب بلدي من التحقق من صحة هذا التبني.
وحمل البيان توقيع “المقاومة الإسلامية في العراق (الثوريون)”، مشيرًا إلى أن الهجمات ستكون بـ”إمكانيات متطورة ومتواصلة حتى خروج آخر جندي أمريكي من أرض عراقنا الحبيب”.
الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق عادت منذ تموز الماضي بعد انقطاع دام خمسة أشهر، لكنها لم تشكل نمطًا منتظمًا كما كانت عليه بين تشرين الثاني 2023 وشباط الماضي.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في تشرين الأول 2023، بدأت فصائل “المقاومة الإسلامية في العراق” بقصف قواعد عسكرية أمريكية بسوريا والعراق.
وفي نيسان الماضي، أي بعد شهر من توقف الاستهدافات قالت “المقاومة” وهي تحالف من فصائل مسلحة موالية لإيران، إنها استهدفت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق 155 مرة خلال 200 يوم.
وأضافت خلال رسم توضيحي نشرته عبر حسابها الرسمي في “تيلجرام” أنها قصفت في سوريا وحدها 65 هدفًا، في حين فاقت هجماتها في العراق هذا الرقم، إذ قالت إنها قصفت مواقع في العراق 90 مرة، لكنها لم تحدد طبيعة هذه المواقع.
انقسام داخل “المقاومة”
الاستهداف الأحدث لقاعدة “عين الأسد” الجوية، أعقبه تحليل موجز نشره مركز “واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى”، أعده الباحثات المتخصصات في شؤون إيران، والأمن في العراق، مايكل نايتس، وكريسبين سميث، اعتبر أن الشكل الحالي للهجمات “يعكس انقسامًا في المقاومة”.
وجاء في التحليل “لم تصل هذه الهجمات إلى العدد الكافي لتشكيل نمط حقيقي، ولكنها ربما تعكس انقسامًا عميقًا داخل المقاومة حول ما إذا كان ينبغي تجديد الهجمات ضد الولايات المتحدة وما إذا كان ينبغي ضرب مواقع التحالف أثناء الرد على إسرائيل”.
وكانت الضربات الأولى في تموز 2024 على قاعدتي “عين الأسد” في العراق، و”حقل كونيكو” في سوريا مؤخرًا، تشبه نمط الاستهداف الذي جرى بعد عودة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من الولايات المتحدة في نيسان 2024، عندما شنت الميليشيات هجومًا واحدًا على قاعدة “عين الأسد” وآخر في سوريا، لتذكير السوداني والعالم بأن “المقاومة” التي تدعمها إيران لم توافق على الوجود الأمريكي المستمر.
وتخوض الحكومة العراقية ورئيس الوزراء العراقي، محادثات مع الحكومة الأمريكية لبحث إنهاء مهمة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة” في العراق، بضغط من تيار تدعمه إيران في بغداد، ردًا على هجمات أمريكية متفرقة طالت ميليشيات موالية لإيران بالمنطقة.
التحليل أشار إلى احتمالية وجود عناصر بين “المقاومة في العراق” وخاصة داخل “كتائب حزب الله”، يشعرون بالإحباط لعدم قدرتهم على إلحاق ضرر ملموس بإسرائيل وعدم قدرتهم على مهاجمة القواعد الأمريكية منذ الانتقام الأمريكي الشديد والإحراج الذي تعرضت له الحكومة السودانية من موجة الضربات في شباط الماضي.
وربما قلل هذا الفصيل من تقدير حساسية الولايات المتحدة تجاه الخطوط الحمراء الأمريكية، وسيجد نفسه محاصرًا في سلسلة من الهجمات المتبادلة، ويستعد الآن لضربات أمريكية جديدة.
“المقاومة الإسلامية في العراق” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا، وهي المسؤولة عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية منذ منتصف تشرين الأول 2023. |
حساب “الثوريون” يميل لـ”حزب الله”
في لحظة نشر “معهد واشنطن” للتحليل، كان حساب “الثوريون” متابعًا من قبل 75 شخص (وصل إلى 207 أشخاص لحظة إعداد هذا التقرير)، واعتبر التحليل أن عدم إعادة نشر هذا التبني، قد يعكس أن حساب “الثوريون” لا علاقة له بأي مشغلين حركيين فعليين.
ورجح معدو التحليل أن المسلحين الذين يديرون حساب “الثوريون” لا يحظون بدعم واسع النطاق في تنفيذ الهجمات الحالية من قبل مؤسسة “المقاومة” الذي يجسدها حساب “صابرين نيوز” على “تيلجرام”، ولا يميلون إلى جزء “حركة النجباء” من “المقاومة” الذي يروج له من قبل حسابات عديدة مثل “جهاد الإخوان”.
التحليل اعتبر أن المهاجمين هم جزء من “كتائب حزب الله” العراقي، وهو فصيل يسعى إلى دور أكبر في الصراع الإقليمي الحالي، وهو ما أكده القائد العملياتي لقوات “الحشد الشعبي” العراقي، وقائد كتائب “حزب الله” الخاضع للعقوبات الأمريكية عبد العزيز المحمداوي (المعروف أيضًا باسم أبو فدك) في خطابات عامة مؤخرًا.
ووفق التحليل، قد يرغب هذا المعسكر في جر العراق بشكل أعمق إلى صدام مع الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى انسحاب القوات الأمريكية، وإذا كانت هناك ضربة عبر “محور المقاومة” في إسرائيل خلال الأيام المقبلة، قد يسعى هذا المعسكر أيضًا إلى تعظيم المشاركة العراقية، ووضع بعض الضربات الإضافية على القواعد الأمريكية في التنف وأربيل (والتي يُنظر إليها على أنها تلعب دورًا في دفاع إسرائيل) وربما حتى قواعد أخرى مثل “عين الأسد” ومواقع التحالف شمال شرقي سوريا.
تعرف “كتائب جزب الله” نفسها عبر موقعها الرسمي، أنها تشكيل جهادي إسلامي مقاوم يؤمن بمبادئ الإسلام وينتهج خط الإسلام المحمدي الأصيل وآل البيت، يهدف لتحكيم الإسلام في كل زمان ومكان وفي مختلف المجالات بما فيها الثقافية والسياسية، ويرفض التكفير والإقصاء والتمييز على أساس الدين أو الطائفة أو القومية أو العرق.
وتؤيد الكتائب ولاية الفقيه، وترى أنها الطريق الأمثل لتحقيق حاكمية الإسلام، وأن الإنجاز “العظيم” في تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران مرحلة أساسية في التمهيد لدولة “العدل الإلهي”. |
ردع أمريكي
في 2 من شباط الماضي، بعد استهدافها 85 موقعًا في سوريا والعراق، قالت واشنطن إنها ضربت مراكز القيادة والسيطرة ومنشآت المخابرات ومرافق تخزين أسلحة تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران لمهاجمة القوات الأمريكية وقوات التحالف.
المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، قال عقب الاستهدافات نفسها إن بلاده ضربت أهدافًا من شأنها أن تؤثر على قدرة الميليشيات الموالية لإيران على شن ضربات مستقبلية ضد الأمريكيين، بحسب مؤتمر صحفي مسجل نشره “البيت الأبيض“.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أمريكيين أن الولايات المتحدة تقدر أن إيران هي التي صنعت الطائرة من دون طيار التي هاجمت القاعدة الأمريكية، وتسببت بمقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة ما لا يقل عن 40 آخرين.
وجاءت الهجمات الأمريكية ردًا على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وجرح أكثر من 40 آخرين في نقطة عسكرية تعرف باسم “البرج 22” على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن.
وفي 28 من كانون الثاني الماضي، قبيل توقف الهجمات على القواعد الأمريكية، أصدرت “المقاومة الإسلامية في العراق“بيانًا، قالت فيه إنها منحت فرصة لـ”قوات الاحتلال” للانسحاب، في إشارة إلى الجيش الأمريكية.
وفي تشرين الثاني 2023، قال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، العميد بات رايدر، إن وكلاء إيران يستغلون “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.
وأضاف في مؤتمر صحفي مسجل، أن وكلاء إيرانيين يحاولون الاستفادة من الحرب في غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة.
وفي حالة العراق وسوريا، تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، بحسب رايدر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.