اللاذقية.. مسنون يواجهون حرارة الصيف بـ”كرتونة”

  • 2024/08/05
  • 3:16 م
تستعين أم فادي بكرتونة للحصول على نسمة هواء في اللاذقية - 31 من تموز 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

تستعين أم فادي بكرتونة للحصول على نسمة هواء في اللاذقية - 31 من تموز 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

تحت نافذة مطلة على مَنور صغير يفصل بين بنايتها وأخرى ملتصقة بها، تجلس السبعينية “أم فادي”، بانتظار نسمة هواء قادمة بينما تمسح عرقها بيد، وبالأخرى تمسك “كرتونة” تهوي بها فوق وجهها قليلًا، ثم تتركها بعد أن تتعب يدها.

السيدة التي تستخدم بطارية لتوليد الكهرباء انتهى عمرها منذ أكثر من عامين، لدرجة أن طاقتها بالكاد تكفي لإنارة ضوء (ليد) صغير خافت أقل من ساعة، تعجز عن التفكير بشراء مروحة على البطارية، وقد تجاوز أقل ثمن لها 450 ألف ليرة، وتحتاج إلى بطارية بسعر مشابه.

“أم فادي” كحال معظم كبار السن لم تدخل المدرسة، ولم تمارس طيلة حياتها أي عمل باستثناء الأعمال المنزلية، تعيش حاليًا في اللاذقية على راتب زوجها المتوفى، وهو لا يتجاوز الـ150 ألف ليرة سورية (عشرة دولارات)، لا تكفيها حتى ثمن أدوية الضغط والسكري، بينما تعيش على الطعام الذي يشتريه لها أبناؤها المتزوجون الذين يقيمون بالقرب منها.

يصبح الوضع أفضل بقليل مع بداية المساء، حيث تصعد السبعينية بصعوبة إلى السطح، الذي تفصلها عنه ثلاثة طوابق، وتجلس على كرسي تضعه هناك لتحظى ببعض النسمات، لكن لكل شيء ضريبة، فالكرسي غير مريح وهي تود لو أنها تتمدد وتريح جسدها المنهك، لكن لا خيار آخر بالنسبة لها، تبقى هناك حتى موعد نومها الذي تحدده رطوبة الجو.

في منزلها، لا تمتلك السيدة الكثير من الملابس القطنية المريحة، وتضطر لحشر جسدها بتنورة قماشية طويلة، و”بلوزة” قطن طويلة، مرة أخرى يقف المال عائقًا أمام شراء ملابس مريحة.

وكما قالت، فإنّ أبناءها بالكاد يطعمون عائلاتهم، وملابسهم كلها قديمة، ولا تستطيع الطلب إليهم شراء ملابس جديدة لها، بينما راتب زوجها لا يكفي كلّه ثمن رداء فضفاض واسع قطني، فاق ثمنه الـ300 ألف ليرة.

تمضي أيام “أم فادي” بحثًا عن نسمة هواء صيفًا، وبعض الدفء شتاء، شأنها شأن معظم السكان في سوريا.

مشهد “أم فادي” هذا اختصر حال كبار السن في اللاذقية، وسط جو تجاوزت نسبة الرطوبة فيه الـ85%، وبغياب شبه كامل للكهرباء التي لا تأتي لأكثر من ساعة ضمن أربع فترات يوميًا، وأحيانًا لا تأتي أكثر من نصف ساعة عند الظهيرة في أوج الحر.

تستعين “أم فادي” بكرتونة للحصول على نسمة هواء في اللاذقية – 31 من تموز 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

وتزيد وطأة حرارة الجو على المسنين في وقت يعجز فيه معظم الأهالي عن اللجوء إلى الطاقة الشمسية المرتفعة التكاليف، حتى بالنسبة للقرض الذي أعلن عن تقديمه دون فوائد لتركيب الطاقة الشمسية بسقف 40 مليون ليرة سورية، لا يمكن الحصول عليه نتيجة ارتفاع أقساطه الشهرية.

ومع قدوم الصيف، تزداد معاناة الناس في سوريا عمومًا وفي مناطق سيطرة النظام خاصة، وسط واقع اقتصادي ومعيشي متردٍ وضعف في الرواتب، إذ يبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 279 ألف ليرة (الدولار الواحد 14800 ليرة).

وتشهد سوريا ارتفاعًا متزايدًا في أعداد كبار السن، وقُدّرت نسبتهم بنحو 7.2% من عدد السكان لعام 2015، وهو ما يعادل 1.7 مليون شخص، وفق تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا).

وتوقعت “إسكوا” وصول النسبة إلى 13% عام 2050، أي ما يعادل 5.7 مليون نسمة.

وتتوزع دور رعاية المسنين في مناطق سيطرة النظام السوري، ويبلغ عددها 20 دار رعاية خاصة مرخصة، وتوجد اثنتان حكوميتان هما دار “الكرامة” بدمشق ودار “مبرة الأوقاف” في حلب، وتدار بالتعاون مع المجتمع الأهلي، وتعتمد بشكل أساسي على التبرعات.

وارتفعت تكاليف إقامة كبار السن في هذه الدور إلى نحو 18 مليون ليرة في السنة لكل مقيم، دون أن تشمل الأدوية وتكاليف العمليات الجراحية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع