لماذا نقرأ 

  • 2024/08/04
  • 2:45 م
الصحفي السوري علي عيد

الصحفي السوري علي عيد

علي عيد

لكل أسبابه ودوافعه للقراءة، أيًا كان نوعها، قراءة الكتب بمختلف أنواعها، الصحف والمجلات، المدونات، فنحن الصحفيين مثلًا، ننقسم إلى قراء بهدف خدمة وظيفتنا اليومية، وقراء شغوفين بالأدب أو العلوم أو التاريخ والسياسة، لكن كل قراءة مفيدة، حتى عندما تتعدد الدوافع.

بعض الناس يلتهمون كل ما يتوفر أمامهم من الكتب، بطريقة عشوائية، ولهذا محاذير، فالقراءة تترك أثرها في الإنسان، فإن أسرفت في قراءة كتب الجريمة قد يعود ذلك بآثار سلبية في سلوكك ووضعك النفسي والصحي.

ينصح علماء الصحة البشر بالقراءة لأسباب كثيرة، منها أنها تحافظ على الذاكرة من التلف، وتساعد في تطور السلوك الاجتماعي عبر التعاطف مع الحالات التي تقرأ عنها، كما تقلل القراءة من التوتر، وتساعد على تنظيم الوقت.

قد تخلصك القراءة من الملل، وتغطي جانبًا مهمًّا في حياتك، خصوصًا إن كنت في ظروف اجتماعية تبعدك عن المحيط، كالسفر إلى بلاد لا أصدقاء لك فيها، وقد تكون منجى لك في حالات العزلة القسرية مثل السجن، ولا أتمنى السجن لكل من يقرأ هذه الكلمات، وحتى عندما تصل كل امرأة أو رجل إلى سن يصبحون فيها وحيدين بلا شريك أو ولد أو أنيس.

وبالنسبة لمن يعملون في الصحافة أو الأدب او العلوم الاجتماعية، فإن القراءة تضيف إليهم أدوات جديدة في التعبير، سواء عبر المفردات، أو أساليب الكتابة أو التعبير اللفظي، أو تغذية الخيال، وكذلك التفكير النقدي، فكيف بنا نحن معشر الصحفيين والكلمة مادتنا وأداتنا الأهم.

ترتبط القراءة بتطور البشرية عمومًا، والدليل أن التطور العلمي والاقتصادي مرتبط طردًا بتحسن معدلات القراءة على مستوى العالم، فأكثر الشعوب تقدمًا هي تلك التي تنفق المال أو الوقت من أجل القراءة.

مجلة “CEOWORLD” الأمريكية، ذكرت في إحصائية حديثة تستند إلى 6.5 مليون مقابلة، أن ترتيب البلدان التي تقرأ في عام 2024 تشير إلى أن الولايات المتحدة والهند تحتلان أعلى مرتبتين بين مئة ودولتين شملها المسح، إذ يقرأ الأمريكيون ما متوسطه 17 كتابا سنويًا، ويقرأ الهنود 16 كتابا، وكلا البلدين ما زال يفضّل معظم قرائهما الكتب الورقية على الإلكترونية أو الصوتية.

وجاء شعب مصر في المرتبة الـ39 عالميًا، والأولى عربيًا، بمعدل 5.4 كتب سنويًا، تلاهم السوريون عربيًا، و78 عالميًا، بمعدل قراءة أقل من 3.6 كتب و80 ساعة قراءة في العام.

هذه المعدلات في بلدين مثل مصر وسوريا، تفند كذبة أن الطفل العربي لا يقرأ سوى 7 دقائق، وأن معدل ما يقرؤه الفرد العربي سنويًا لا يتجاوز ربع صفحة، حسب تقرير مزعوم ومنسوب لمنظمة “يونسكو” عام 2023.

معدل القراءة في مصر وسوريا ليس صحيًّا قياسًا بالمعدلات في الدول المتقدمة اقتصاديًا وتكنولوجيًا وثقافيًا، فهذا الترتيب المتقدم على المستوى العربي سببه تردي مستوى وحتى نوع القراءة لدى الشعوب العربية.

على العموم، لا توجد إحصائيات دقيقة ولا حتى تقريبية لمستوى الإنفاق على القراءة في العالم العربي، بينما تظهر الدول المتقدمة اهتمامًا في تحديد مستوى الإنفاق، وحجم سوق الطباعة والنشر، ونوع القراء وجنسهم وشرائحهم العمرية.

تطورت أساليب القراءة تبعًا لتطور أساليب النشر، فهناك اليوم الكتاب الإلكتروني، الذي تشير الأرقام على المستوى العالمي إلى أن مبيعاته بلغت عام 2020، حوالي 18.6 مليار دولار (بما في ذلك الكتب الصوتية والكتب الإلكترونية)، إذ زادت 4 مليارات دولار أو 27.40% مقارنة بعام 2019.

ومن المتوقع أن ينمو السوق إلى 27.8 مليار دولار في عام 2027، إذ يحقق الكتاب الإلكتروني نموًا متصاعدًا، ومثاله أوروبا، إذ أظهرت إحصائيات عام 2019، أن 23% من مجمل الكتب المباعة هي الكتب الإلكترونية.

بعض الكتب السياسية أو التاريخية باعت مئات ملايين النسخ، ما يدل على أهمية الكتاب في حياة البشر، وفي عام 2021، بيع 825.75 مليون كتاب مطبوع في العالم.

وعلى مر التاريخ، بيع من كتاب “أعمال ماو تسي تونغ” 820 مليون نسخة، ومن سلسلة “هاري بوتر” 500 مليون نسخة، أما الكتب السماوية مثل “القرآن” و”الإنجيل” فهي الأكثر مبيعًا أو انتشارًا، فهناك نحو 5 مليارات نسخة من “الكتاب المقدس” (الإنجيل) بيعت حتى 2021، بحسب “موسوعة غينيس”.

يقول الشاعر الفرنسي تشارلز بودلير (Charles Baudelaire)، “الكتاب عبارة عن حديقة، بستان، مخزن، حفلة، شركة بطبيعة الحال، مستشار، العديد من المستشارين”.

يقول علماء، إن أول كلمة نزلت على رسول الإسلام من عند الله، وكانت بصيغة الأمر، هي “اقرأ”، فلنقرأ إذا أردنا أن نتعلم ونتطور ونشارك في المستقبل.. وللحديث بقية.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي