يدخل زوجان في شجار عنيف يستدعي قدوم أسرتيهما، وخلال الشجار، يُقفل باب الشقة على الجميع دون سبيل للخروج حتى الصباح، وسط غضب كامن بين عشرة أشخاص تقريبًا، ليقدم الفيلم حكاية كوميدية في موقع تصوير واحد.
فيلم “وش بوش” المنتج في 2023، تدور أحداثه حول الزوجين شريف وداليا، أب وأم لطفل صغير، يدخلان في شجار أسري، يكبر نتيجة تفاصيل قديمة ومبيّتة لدى كل الأطراف، وفي مكان تصوير واحد هو منزل الأسرة الصغيرة.
منذ المشاهد الأولى، يظهر الجو المشحون بالغضب وتصيّد الأخطاء، وعمل كل من مخرجه وكاتبه وليد الحلفاوي، والمشاركين في كتابة السيناريو، شادي الرملي وحسين نيازي، على استخراج أفضل ما يمكن من مواقف كوميدية بين أطراف تختلف جذريًا في طريقة التفكير والنظرة إلى الحياة.
حمل الفيلم فكرة صغيرة، مفادها أنه مهما ساد التفاهم بين زوجين اثنين، فإن ثغرة بسيطة قد يدخل منها من يتدخل في شؤونهما، ما يؤدي إلى مشكلات لا تطاق ولا تنتهي، وليس كل من يتدخل يريد الإصلاح حقًا، هناك أغراض أخرى تتعلق بفرض رؤية الحياة على الآخرين، أو ملء فراغ عاطفي، وربما الانتقام، أو قد يكون مدفوعًا بعقد نفسية.
يدفع الفيلم المشاهد لإعادة التفكير فيما يريده من الآخر، وفهم أن السماح لأشخاص أن يحتلوا مساحة كبيرة في حياته على حساب الشريك قد يؤدي إلى الخراب وإنهاء علاقة جميلة ولطيفة ومثمرة، وأن التصلب في المواقف لمجرد “النكد” والكيد للآخر لن يؤدي إلى ما يحمد عقباه.
من الجيد أن تظهر في السينما العربية أفلام تحاول شرح العلاقات الزوجية بطريقة مبسطة بعيدة عن التحليلات النفسية والاجتماعية، تحاول الدخول لعمق المشكلة، وتحدد بالضبط مدى دور الآخرين في خراب البيوت، وتحويل منزل صغير ولطيف إلى جحيم مطلق بسبب التدخلات أو النميمة أو تدخل المرء فيما لا يعنيه، ثم المضي في حياتهم وكأن شيئًا لم يكن.
وعادة في الأفلام المصنفة ضمن أفلام الكوميديا الاجتماعية، أو الكوميديا الرومانسية، تنتهي القصة بعناق طويل ومشاعر غامرة من التسامح والحب، لكن رسالة الفيلم ليست كذلك، بل تتجه لشكل واقعي أكثر، المشكلة ليست في الحب بين شريف (محمد ممدوح) وزوجته داليا (أمينة خليل)، بل هي في التفاصيل والتدخلات والضغوط الخارجية من الأسرة والأصدقاء المقربين أيضًا، إذًا فالمشكلة اجتماعية لا عاطفية، وتأتي النهاية المفتوحة على هذا الأساس، على الأقل كمنطق درامي، بعد ليلة جمعت الزوجين مع عائلتيهما وأصدقائهما، وصل الأمر فيها حد التهديد بالقتل.
أصعب ما قد يواجه المخرج خلال صناعة فيلم في مكان واحد، وبعدد شخصيات كبير بين أبطال وضيوف، هو إدارة حركة الممثل والحوارات الطويلة التي قد يستعاض بها عن التفاصيل البصرية، وهو ما قد يدخل الفيلم وقصته في إطالة مملة لا داعي لها، إذ تحايل الحلفاوي على هذه النقطة عبر تقصير المشاهد نفسها، ومحاولة توزيعها على الأبطال ليكون زمنها مناسبًا لحضورها في الفيلم، ويضاف إلى ذلك أيضًا الحوارات المختارة ودورها في عملية بناء الفيلم من جهة، وفي أداء الممثلين من جهة ثانية.