إسماعيل هنية.. سجل سياسي حافل بعد رحلة من السجن والنفي
نعت حركة “المقاومة الإسلامية” (حماس) اليوم، الأربعاء 31 من تموز، رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، بعدما استهدفته إسرائيل بمقر إقامته حلال زيارته إلى إيران.
ردود الفعل الواسعة على حادثة الاغتيال ارتبطت إلى حد بعيد بالدور البارز لهنية في القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية عمومًا، وخلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة حاليًا، إذ توّلى دفة العملية السياسية التي رافقت العمل العسكري على الأرض، في سبيل التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار دائم في غزة، وتبادل للأسرى والرهائن.
ولد إسماعيل هنية عام 1962، في مخيم الشاطئ في غزة، وفتح عينيه على القضية الفلسطينية قبل أن يطوي الزمن التفاعل الإقليمي والدولي مع حالة الحرب المستمرة والاعتراف المأمول بدولة فلسطينية مستقلة، فدرس في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتخرج في الجامعة الإسلامية بالقطاع، بعد دراسته الجامعية التي تخصصت في الأدب العربي، ثم عمل معيدًا قبل تعيينه عميدًا للجامعة في وقت لاحق.
في عام 1989، سجن هنية لثلاث سنوات بتهمة الانتماء لـ”حماس”، وهي ثالث مرة تسجنه فيها إسرائيل بعد فترات سجن سابقة لمشاركته في احتجاجات طلابية مناهضة لها، ثم جرى نفيه لمدة عام إلى لبنان بعد خروجه من السجن، برفقة أسماء تصدرت المشهد السياسي لدى “حماس” لاحقًا، مثل عبد العزيز الرنتيسي ومحمود الزهار، ومئات الناشطين أيضًا.
إسماعيل هنية (أبو العبد) ذو سجل سياسي حافل، ومشوار طويل في العمل السياسي واجه خلاله السجن والنفي، قبل أن يتولى رئاسة مكتب مؤسس الحركة، أحمد ياسين، أواخر تسعينيات القرن الماضي.
تولى إسماعيل هنية في 2006 رئاسة الحكومة الفلسطينية بعد انتخابات تشريعية اكتسحتها “حماس”، قبل إقالته في 2007، ليعاصر في تلك الفترة العديد من الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، دون أن تمتد أي منها زمنيًا إلى المستوى الذي بلغته الحرب الحالية المتواصلة منذ تسعة أشهر.
وخلال الحرب الحالية، هددت إسرائيل باغتيال هنية وقادة الحركة التي شنت ذراعها العسكرية (كتائب القسام) هجومًا على مستوطنات غلاف غزة في 7 من تشرين الأول 2023، ليضاف هذا التهديد إلى محاولات اغتيال سابقة منذ عام 2003. اثنتان منها في 2006.
وتدرج الولايات المتحدة إسماعيل هنية على قوائم الإرهاب لديها منذ 2018، بينما واظبت دول أخرى على اعتبار “حماس” حركة نضال وتحرر وطني في الوقت الذي حاولت إسرائيل أن تنتزع من العالم إدانة للحركة.
وفي نيسان الماضي، أغارت إسرائيل على سيارة في مخيم الشاطئ في غزة، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص من عائلة إسماعيل هنية، هم ثلاثة من أبنائه وثلاثة من أحفاده، وعقب الاستهداف، قال هنية إن كل سكان غزة دفعوا ثمنًا باهظًا من دماء أبنائهم وهو واحد منهم، مضيفًا أن ما يقرب من 60 من أفراد عائلته تعرضوا للقتل، وذلك في حديثه لقناة “الجزيرة” القطرية.
تحية للثورة السورية
في شباط 2012، حيّا إسماعيل هنية الشعب السوري ووصفه بـ”البطل” الذي يسعى نحو “الحرية والديمقراطية” في بلده، وكانت أول مرة يتطرق فيها مسؤول على هذا المستوى في “حماس” إلى الثورة السورية بشكل مباشر.
وقال هنية خلال كلمة ألقاها في جامع “الأزهر” في العاصمة المصرية، القاهرة، “إذ أحييكم وأحيي كل شعوب الربيع العربي بل الشتاء الإسلامي، فأنا أحيي شعب سوريا البطل الذي يسعى نحو الحرية والديمقراطية والإصلاح”.
في حزيران 2018، نفى هنية ما نسب له من كلام حول “دعم الثورة السورية”، وقال إن “حماس” لم تكن يومًا على عداء مع النظام السوري، وذكر أن العلاقة بين “حماس” ودمشق لم تنقطع، وقال لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن “حماس” تعتبر سوريا دولة شقيقة وقف شعبها ونظامها دومًا الى جانب الحق الفلسطيني، إنما أرادت أن تنأى بنفسها عن الإشكالات الداخلية، التي تجري في سوريا.
وبعد شهر من حديث هنية عن أن العلاقات مع سوريا لم تنقطع، قال القيادي في حركة “حماس” موسى أبو مرزوق، خلال زيارته إلى موسكو، إن “علاقات الحركة مقطوعة مع سوريا والوضع لم يتغير أو يتطور”.
اعتبر هنية، في تموز 2019، أن خروج الحركة من سوريا قبل سنوات كان مدروسًا، وللحفاظ على سوريا وأمنها، وقال خلال لقاء صحفي في مدينة اسطنبول، إن “حركة (حماس) خرجت من سوريا على قاعدتها المعروفة، أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول”.
وأضاف أن قرار خروج “حماس” من سوريا كان “مؤسساتيًا وجرت دراسته بشكل كامل”، وفق تحركات مع الجهات السورية منذ بداية الأزمة “للحفاظ على سوريا وأمنها”، بحسب الموقع الرسمي لـ”حماس”.
تقارب مع النظام
ترتبط “حماس” بعلاقات تاريخية مع جماعة “الإخوان المسلمين” التي عارض فرعها السوري سيطرة عائلة الأسد على الحكم في سوريا، وبعد انطلاق الثورة في سوريا، عام 2011، أيد قادة من “حماس” علنًا الاحتجاجات التي شهدتها سوريا، وقطعت الحركة العلاقات مع حكومة النظام وأغلقت مكاتبها في دمشق، وغادرت الأراضي السورية.
وفي 2021، اتجهت للتقارب مجددًا مع النظام، بوساطة من “حزب الله” اللبناني، ثم أجرى وفد من الفصائل الفلسطينية، دون مشاركة إسماعيل هنية، زيارة إلى دمشق للقاء الأسد، في 19 من تشرين الأول 2022، واتفق الطرفان على عودة العلاقات مجددًا و”طي صفحة الماضي”.
ووصف رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في آب 2023، موقف “حماس” بأنه “مزيج من الغدر والنفاق”، لأنها كانت تدّعي المقاومة، موضحًا أن العلاقات بينهما “ضمن المبدأ العام”.
ولا يعتبر هنية القيادي الفلسطيني الوحيد في “حماس” الذي اغتالته إسرائيل خلال الأشهر الماضية، إذ استهدفت غارة إسرائيلية في 2 من كانون الثاني الماضي، نائب رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :