قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية المستقلة، إن صورًا انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، ونشرتها وسائل إعلام تركية، أظهرت “ترحيبًا تركيًا حارًا” بزعيمي فصيلين من “الجيش الوطني السوري”، يتهمان بارتكاب “جرائم خطيرة”.
وأضافت عبر تقرير، الثلاثاء 30 من تموز، أن الصور أظهرت ترحيب زعيم حزب “الحركة القومية” التركي، الشريك الرئيس في الائتلاف الداعم لحكومة الرئيس أردوغان، دولت بهشلي، بالقائدين، وفي أخرى ظهورهما مع زعيم “مافيا” تذكر بـ”تقاعس تركيا عن ردع الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المدعومة من قبلها”.
وسبق أن ظهر سيف أبو بكر ومحمد الجاسم، وهما قادة فصائل تنضوي تحت راية “الجيش الوطني” في صور إلى جانب بهشلي، كما جمعتهما صورة منفصلة مع زعيم “مافيا” تركية يدعى علاء الدين تشاكيجي، مدان بارتكاب جرائم في تركيا.
تشاكيجي، وفق تقارير إعلامية، كان زعيمًا شهيرًا لواحدة من أقوى تنظيمات “المافيا” التركية خلال تسعينيات القرن الماضي، وسبق أن أدين من القضاء التركي بارتكاب المئات من جرائم الاغتيالات السياسية وتجارة المخدرات وتأسيس تنظيم إجرامي وسجن لسنوات طويلة، حتى أطلق سراحه عام 2020 بمرسوم تشريعي خاص لقي انتقادات واسعة.
تقرير المنظمة ذكر أن سيف أبو بكر ومحمد الجاسم اتهمتهما الولايات المتحدة بارتكاب انتهاكات كبيرة والإشراف على انتهاكات ارتكبها فصيلاهما، “فرقة الحمزة” (الحمزات) و”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات).
وتشمل التهم الموجهة لهذه الفصائل “القتل خارج القانون، والاختطاف، والتعذيب، والابتزاز، والعنف الجنسي، ومصادرة ممتلكات”، وفق المنظمة، ويخضع الزعيمان السوريان لعقوبات أمريكية على خلفية هذه التهم.
المنظمة قالت إن تركيا لطالما عززت “بيئة الإفلات من العقاب” في المناطق التي تتمركز بها في الشمال السوري.
وأشارت إلى أن الصور التي جمعت الزعيمين العسكريين بشخصيات تركية، “تظهر أن تركيا لا تكتفي بعدم معالجة هذه الانتهاكات، بل أيضا تحتفي بالمسؤولين عنها وتشجعهم”.
واعتبرت أن ارتباط السياسي التركي دولت بهجلي علنًا بزعيمي الفصيلين يقوض الجهود الرامية إلى محاسبتهما، “ويشير إلى الموافقة الضمنية الرسمية أو التسامح الرسمي مع أفعالهما”.
ما قصة اللقاء
في 16 من تموز الحالي، التقى زعيم حزب “الحركة القومية” (MHP) التركي، دولت بهشلي، مع القياديَين في “الجيش الوطني” سيف بولاد (أبو بكر) ومحمد الجاسم (أبو عمشة)، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الحديث عن تقارب بين تركيا والنظام السوري.
ونشر قائد فرقة “السلطان سليمان شاه”، محمد الجاسم، صورتين مع سيف بولاد وبهشلي في مكتب الأخير الذي اعتاد اللقاء مع قياديين في “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا.
وقال “أبو عمشة”، إنه زار مع سيف بولاد بهشلي واصفًا إياه بالزعيم الروحي لكل التركمان، ونقلا له تحيات السوريين وخاصة التركمان.
وأضاف “أبو عمشة” في منشوره المكتوب باللغة التركية، أنه وقائد فرقة “الحمزة” (الحمزات) “أبو بكر” أعربا عن امتنانهما لدعم بهشلي للقضية السورية، وأن الأخير أكد على الأخوة التاريخية بين الشعبين التركي والسوري.
وجاء اللقاء حينها بعد حديث متسارع وتصريحات تركية كثيفة حول عودة العلاقات مع النظام السوري إلى طبيعتها، قوبلت بتجديد النظام السوري التأكيد على الانسحاب التركي من الأراضي السورية كشرط لعودة العلاقات بين دمشق وأنقرة.
تركيا في سوريا
نفذت تركيا بالتعاون مع “الجيش الوطني السوري” ثلاث عمليات عسكرية داخل سوريا، هي “درع الفرات” وشملت مناطق اعزاز وجرابلس والباب ومارع والراعي، وعملية “غصن الزيتون” وشملت عفرين ونواحيها، و”نبع السلام” وشملت مدينتي تل أبيض ورأس العين.
وتنضوي فرقتا “الحمزات” والعمشات” تحت مظلة “الجيش الوطني”، وتشكلان لوحدهما “القوة المشتركة”، وتتهمان بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين شمال غربي سوريا.
وفي 17 من آب 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على فرقة “السلطان سليمان شاه” وقائدها محمد الجاسم (أبو عمشة) وشقيقه وليد الجاسم، وفرقة “الحمزة” (الحمزات) وقائدها سيف بولاد (أبو بكر).
وأدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للخزانة حينها، الشخصيات الثلاث والفصيلين، وشركة لبيع السيارات في قائمة العقوبات، لارتكابهم “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو تواطئهم فيها أو مشاركتهم بشكل مباشر أو غير مباشر، ضد المقيمين والفئات الضعيفة من السكان في منطقة عفرين شمالي حلب”.
ومع الحديث المتكرر لمنظمات حقوقية حول الانتهاكات المتكررة، لم تتدخل تركيا للحد منها في المناطق التي تعتبر ضمن أجزاء نفوذها شمالي سوريا.