تعثرت المفاوضات التي قادها اللوبي السوري- الأمريكي، بغية إعادة إنعاش قانون مناهضة التطبيع مع الأسد، بعد عرقلته مسبقًا من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وقال العضو السابق في “التحالف الأمريكي لأجل سوريا”، محمد غانم، مساء الاثنين 29 من تموز، إن المفاوضات مع السيناتور الديمقراطي بين كاردن، بشأن إقرار مشروع قانون مناهضة التطبيع مع الأسد، انهارت بالكامل، بسبب إصرار مكتب السيناتور، على إجراء تعديلات ضخمة جدًا على نص المشروع من شأنها نسف أهدافه الأساسية.
وأضاف غانم، عبر حسابه في منصة “إكس“، “انغمسنا مع حلفائنا في مجلس الشيوخ طيلة الشهرين الماضيين في مفاوضات شاقة مع مكتب السيناتور كاردن، الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، محاولين قصارى جهدنا الدفع بمشروع القانون خطوة للأمام، وقد برهنا خلال المفاوضات على مرونتنا واستعدادنا للقبول بإجراء تعديلات شريطة عدم تقويض الأهداف الأصليّة لمشروع القانون”.
إصرار مكتب السيناتور كاردن، بإيعاز من إدارة بايدن، بحسب غانم، على حذف مواد كثيرة منها ما هو مصمّم لحماية ممتلكات اللاجئين من الاستيلاء والاستحواذ، ولمكافحة سرقة المساعدات الإنسانية، وعلى تعديل البند المتعلّق بحظر التطبيع مع أيّ حكومة يرأسها الأسد، من جملة أشياء أخرى، أدّت لانهيار المفاوضات بالكامل.
وأكد غانم أن “خذلان” سيناتور أمريكي واحد “لن يُوقف الجهود للدفع بمشروع قانون مناهضة التطبيع مع الأسد، لا سيما وأنه يحظى بشعبية وتأييد كبيرين”، متطلعًا إلى العمل مع الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجيّة بعد تقاعد السيناتور كاردن نهاية هذا العام.
كانت منظمات سورية في أمريكا سعت خلال الأشهر الماضية، لإعادة إنعاش قانون مناهضة التطبيع مع بشار الأسد، بعد مضي حوالي شهرين ونصف على عرقلته من قبل الرئيس بايدن، رغم إقراره من قبل مجلس النواب بأغلبية ساحقة.
المساعي لإعادة إحياء القانون، تجلّت من خلال عقد “لجنة هلسنكي” المختصة بحقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي، في 10 من تموز، جلسة خاصة للحديث عن جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري، والتي كانت في إطار السعي نحو إدخال قانون مناهضة التطبيع حيز التنفيذ.
لوبي سوري ضاغط
يوجد في أمريكا “لوبي سوري” واسع، يضم منظمات مجتمع مدني ورجال أعمال وقادة رأي وسياسيين سوريين حاصلين على الجنسية الأمريكية، حيث يطرحون بشكل مستمر في الكونجرس قضايا تخص سوريا.
وأسهم “اللوبي السوري” في أمريكا بطرح الكثير من المشاريع، ومنها مشروع “قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” لعام 2023، الذي عمل عليه “التحالف الأمريكي لأجل سوريا”، وهو مظلة انضوت تحتها عشر منظمات أمريكية مختصة بالشأن السوري، حيث عقد التحالف 327 اجتماعًا وزيارة على مدار أشهر، سبقت الوصول إلى إقرار القانون في الكونجرس.
وقدّم “التحالف” مشروع القانون إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، وتم تمريره بأغلبية ساحقة، لكن الرئيس بايدن عرقله في نهاية نيسان الماضي.
وحول سبب عرقلة بايدن لمشروع القانون، قال محمد غانم، لعنب بلدي، إن ذلك “يعود لكون مشروع القانون يحمل مفاعيل حقيقية وليست رمزية، وإذا أُقر فسيغير السياسة الأمريكية الحالية، لكن إدارة بايدن لا تريد تغيير سياستها تجاه الأسد، لذا تدخلت وطلبت من السيناتور بين جاردين عرقلة مشروع القانون”.
وحذر غانم من أن إعطاء أمريكا الإذن للدول العربية بالتطبيع مع النظام، قد يشجع الدول الأوروبية للتقارب مع الأسد من أجل حل قضية اللاجئين، مشيرًا إلى أن البعض يعتقد أن الأمر يقتصر حاليًا على تركيا ولبنان، ولكن كان هناك حراك أوروبي خفي للتطبيع مع الأسد، ثم بدأ ذلك الحراك بالظهور للعلن بعد تعيين إيطاليا سفيرًا لها في سوريا.
وقررت إيطاليا تعيين سفير لها في سوريا، كأول تحرك بعد دعوة دول أوروبية إلى إعادة تقييم العلاقات مع سوريا والتواصل مع النظام.
ونقلت وكالة “رويترز” الجمعة 26 من تموز، عن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، بأن ستيفانو رافانيان الذي كان المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى سوريا، عُيّن سفيرًا، ومن المقرر أن يتولى منصبه في دمشق قريبًا.
ما مشروع قانون مناهضة التطبيع؟
مشروع قانون مناهضة التطبيع مع الأسد طُرح بداية بمجلس النواب في 11 من أيار 2023، حين صدّقت عليه لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بالإجماع، بعد يومي عمل من تاريخ طرحه، بسرعة وُصفت بـ“الخارقة للعرف التشريعي”.
وفي 14 من شباط الماضي، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع القانون، حيث صوّت حينها 389 عضوًا (الغالبية الساحقة) في مجلس النواب من الحزبين، “الديمقراطي” و”الجمهوري”، لمصلحة القانون، مقابل 32 آخرين عارضوا مشروع القانون.
ونص مشروع القانون على أن الولايات المتحدة لن تعترف أو تطبع العلاقات مع أي حكومة سورية تحت قيادة بشار الأسد، وستضع استراتيجية سنوية لمواجهة التطبيع مع النظام السوري، تستهدف الدول التي اتخذت خطوات للتطبيع معه.
مشروع القانون يشمل تعزيز العقوبات المنصوص عليها بموجب قانون “قيصر” لعام 2019، من خلال تمديد أحكامه، التي كان مقررًا أن تنتهي في 2024، قبل التمديد إلى 2032.
كما يتضمن توسيع العقوبات لتشمل الكيانات التي تحول المساعدات الإنسانية أو تصادر الممتلكات من السوريين لتحقيق الرفاهية أو تحقيق مكاسب شخصية، إلى جانب توسيع العقوبات لتشمل مجلس الشعب السوري وكبار مسؤولي حزب “البعث”.