صعّدت قوات النظام وروسيا من الهجمات على مناطق شمال غربي سوريا خلال تموز الحالي، وذلك تزامنًا مع تزايد الحديث عن التقارب بين نظام الأسد وتركيا بوساطة وجهود روسية.
استخدم النظام وروسيا في القصف سلاح المدفعية والصواريخ بالإضافة إلى الغارات الجوية، وتكثيف استخدم الطائرات المسيرة “الانتحارية”.
“الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) حذر، في 11 من تموز، من “تكتيكات جديدة وخطيرة باستخدام الطائرات الحربية الروسية ذخائر شديدة الانفجار، واستخدام النظام طائرات مسيّرة انتحارية، في استهداف المدنيين والمناطق المأهولة”.
وذكر “الدفاع المدني” أن التصعيد يزيد من حالة عدم الاستقرار ويقوّض الحياة وأنشطة المدنيين التعليمية والزراعية في الكثير من المناطق شمال غربي سوريا، وينذر بكارثة وموجة نزوح جديدة.
ثلاثة أسباب للتصعيد
الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية نوار شعبان، قال لعنب بلدي، إن القصف عاد بقوة على شمال غربي سوريا مقارنة بالفترة السابقة، خاصة مع استخدام المسيرات الانتحارية في استهداف المناطق المدنية، لكن القصف الحالي لا يقارن بالقصف خلال وجود عمليات عسكرية كما هو الحال في 2019.
ويعود سبب التصعيد بحسب شعبان إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
الأول، أن القصف تخريبي لإيران الدور الأكبر فيه، إذ تحاول أن تصنع فجوات بشكل دائم، وخاصة مع “وجود نية واضحة برسم طريق لبدء التفاوض” (التركي- السوري).
لذلك تعمل إيران وميليشياتها والجهات التي لا يصب التقارب بين عدة دول والنظام في مصلحتها بشكل أساسي، على إشغال خطوط التماس، وبرز ذلك في استخدام المسيرات الانتحارية.
السبب الثاني، تكتيك روسي معروف، فمع كل استحقاق سياسي توجد فيه روسيا، تحاول عبر تصعيد القصف أن تضغط عسكريًا قبل أي جلسة تفاوض.
السبب الثالث، هشاشات أمنية وعسكرية، تعود إلى أن خطوط الجبهة طويلة، ومن الممكن أن يطلق النظام عملًا عسكريًا في أي مرحلة، بحسب الباحث نوار شعبان.
المسيّرات الانتحارية تستهدف المدنيين بإدلب.. محاولات لمواجهتها
تكثيف استطلاع قبل التصعيد
سبق التصعيد العسكري في إدلب تحليق مكثف لطيران الاستطلاع.
“المرصد 80” (أبو أمين) المختص برصد التحركات العسكرية في المنطقة قال في لعنب بلدي في وقت سابق، إن منطقة إدلب شهدت حركة نشطة كبيرة لطيران الاستطلاع، سواء التركي أو التابع لروسيا والنظام السوري.
وأوضح المرصد أن المسيّرات حلّقت في سماء منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي، وجبل الزاوية والمنطقة الشرقية لجبل الزاوية جنوبي إدلب وصولًا إلى معارة النعسان بريفها الشرقي، وتعمل روسيا على تحديث بياناتها وبنك الأهداف.
الهجمات على شمال غربي سوريا تنوعت بين قصف مدفعي مصدره قوات النظام استهدف قرى وبلدات ريفي إدلب وحلب، وآخر مصدره مناطق سيطرة قوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، استهدف ريف حلب.
كما استهدفت غارات جوية مدرسة ثانوية في 10 من تموز، كما تسببت الغارات بدمار بناء سكني ومسبح تعيش فيه عائلات مهجرة وثلاث خيام غير مأهولة في قرية الحمامة بريف جسر الشغور غربي إدلب.
أما بالنسبة للمسيرات الانتحارية، تتعرض المنطقة لهجمات بشكل شبه يومي بحسب بيانات “الدفاع المدني”.
وتستهدف سيارات المدنيين ومنازلهم والآلات الزراعية، مخلفة أضرارًا مادية كبيرة، خاصة حرمانهم من جني محاصيلهم الزراعية، خوفًا من استهدافهم بهذه الطائرات.
ويتفاوت عدد المسيرات المستخدمة في قصف المدنيين بين يوم وآخر، أعنفها خلال تموز الحالي كان في 21 تموز بـ21 مسيرة، وفي 15 من تموز بـ11 مسيرة، وفي 9 من تموز بـ9 مسيرات.
المنطقة تخضع لاتفاق وقع في موسكو بتاريخ 5 من آذار 2020، بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، ونص على وقف إطلاق النار كأحد أبرز البنود.
الاتفاق حافظ على توزع السيطرة العسكرية، لكنه لم يوقف قصف النظام وروسيا، والذي خلف ضحايا مدنيين.
ووثق “الدفاع المدني” خلال النصف الأول من العام الحالي 2024، تعرض شمال غربي سوريا لـ392 هجومًا من قبل قوات النظام وروسيا والقوات الموالية لهم، ما تسبب بمقتل 38 مدنيًا بينهم 13 طفلًا و 6 نساء، وإصابة 150 مدنيًا بينهم 57 طفلًا و 16 امرأة.