رسائل سياسية بأدوات عسكرية

ميليشيات موالية لإيران “تجس نبض” القواعد الأمريكية في سوريا والعراق

متخصص اتصالات في القوات الجوية الأمريكية يفكك هوائي اتصال الراديو بعد نشر مجموعة اتصالات Fly Away في مكان غير معلوم داخل منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية- 20 من تموز 2024 (سينتكوم)

camera iconمتخصص اتصالات في القوات الجوية الأمريكية يفكك هوائي اتصال الراديو بعد نشر مجموعة اتصالات Fly Away في مكان غير معلوم داخل منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية- 20 من تموز 2024 (سينتكوم)

tag icon ع ع ع

خلال الأيام القليلة الماضية، عادت الميليشيات المدعومة من إيران لاستهداف القواعد الأمريكية في العراق وشمال شرقي سوريا، بعد انقطاع استمر لنحو خمسة أشهر، دون أي أضرار تذكر.

وقالت مصادر أمريكية وعراقية، إن عدة صواريخ أطلقت على قاعدة “عين الأسد” الجوية التي تستضيف قوات تقودها الولايات المتحدة في العراق، في حين تعرضت قاعدة “حقل كونيكو” شمالي دير الزور في سوريا لاستهداف مباشر.

وأضافت المصادر لوكالة “رويترز“، الجمعة 26 من تموز، أن قصف قاعدة “عين الأسد” جاء في ساعة متأخرة من مساء الخميس دون الإبلاغ عن أضرار أو إصابات.

وتزامنًا مع القصف نفسه، أفاد مرسل عنب بلدي في دير الزور أن هجومًا صاروخيًا تعرضت له قاعدة التحالف الدولي في “حقل كونيكو” للغاز، سمعت عقبه أصوات صافرات الإنذار داخل القاعدة.

تبع ذلك بيوم واحد استهداف مشابه طال حقل “كونيكو” مجددًا، تزامنًا مع مع غارة جوية أمريكية على حي الجورة في محيط مدينة دير الزور شرقي سوريا، وفق ما نقلته قناة “الميادين” (مقرها بيروت).

“المرصد السوري لحقوق الإنسان” نشر من جانبه، الأحد 28 من تموز، تسجيلًا مصورًا لراجمة صواريخ محلية الصنع متضررة، قال إن التحالف الدولي دمرها في بادية بقرص شرقي دير الزور، عقب استهدافها قاعدة عسكرية تتبع له في ريف دير الزور.

عودة بعد انقطاع

منذ نهاية العام الماضي، شهدت سوريا والعراق حالة من التصعيد، تجلت بقصف متكرر كانت تتبناه مجموعات مدعومة من إيران تطلق على نفسها اسم “المقاومة الإسلامية في العراق”.

ومع مرور أشهر على استمرار الاستهدافات، انفجر الوضع إثر مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن، على الشريط الحدود المحاذي لسوريا، في نقطة عسكرية تعرف باسم “البرج 22″، كما أصيب أيضًا أكثر من 40 جنديًا أمريكيًا آخر بهجوم نفذته طائرة مسيرة باتجاه واحد، وتبنته فصائل مدعومة من إيران في العراق.

وعلى إثر ذلك، استهدفت أمريكا عبر سلسلة من الضربات 85 موقعًا في سوريا والعراق، في 28 من كانون الثاني الماضي، ردًا على مقتل جنود لها بقصف اتُهمت إيران بالضلوع فيه.

وعقب ضربات واشنطن توقفت الهجمات على القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق، لكنها عادت للظهور مجددًا في نيسان الماضي، إذ سجل قصف مشابه لمرة واحدة مطلع الشهر نفسه، ثم انقطعت مجددًا حتى تموز الحالي.

وتكرر حديث مسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن أن القواعد الأمريكية في سوريا والعراق لم تتعرض لأي استهداف منذ مطلع شباط الماضي، عقب ضربات واسعة النطاق وجهتها الولايات المتحدة لميليشيات موالية لإيران في المنطقة.

ومن التعليقات الرسمية التي صدرت عن الولايات المتحدة في هذا السياق، حديث السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون”، بات رايدر، إذ قال إن القواعد لم تشهد أي هجمات منذ شباط، وأرجع ذلك إلى سببين، الأول أن هذه الاستهدافات خطرة، والثاني لكون القوات الأمريكية موجودة في المنطقة للتركيز على مهمة هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

رايدر أضاف أنه في حال عادت الهجمات أو التهديدات، ستتخذ بلاده التدابير المناسبة لحماية قواتها، كما فعلت سابقًا.

وفي 20 من شباط الماضي، قالت نائبة السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون”، سابرينا سينغ، خلال مؤتمر صحفي، إن أحدث هجوم تعرضت له القواعد الأمريكية سواء في سوريا أو العراق كان في 4 من الشهر نفسه.

ولم يطرأ أي تحديث على المعلومات التي تحدث عنها “البنتاجون” منذ ذلك الحين.

ولم تعلن الولايات المتحدة عن تعرض قواعدها للاستهداف سواء في سوريا أو العراق، حتى لحظة تحرير هذا التقرير.

صواريخ تحمل رسائل

لم تكن صواريخ الميليشيات المدعومة من إيران فتاكة، إذ لم يسجل أن أحدثت ضررًا واسع النطاق، باستثناء ما حصل في “البرج 22” بين سوريا والأردن، لكن أكثر من 200 استهداف للقواعد الأمريكية، تبنتها هذه المجموعات، حملت رسائل قرأتها الولايات المتحدة.

وفي 28 من كانون الثاني الماضي، قبيل توقف الهجمات على القواعد الأمريكية، أصدرت “المقاومة الإسلامية في العراق” (وهي المسؤولة عن الهجمات ضد القواعد الأمريكية) بيانًا، قالت فيه إنها منحت فرصة لـ”قوات الاحتلال” للانسحاب، في إشارة إلى الجيش الأمريكي.

و”المقاومة الإسلامية في العراق” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا، وهي المسؤولة عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية منذ منتصف تشرين الأول 2023 وحتى شباط الماضي.

يعتقد المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، أن الصواريخ التي أطلقتها الميليشيات الموالية لإيران مبنية على عمليات جس نبض للردود المحتملة.

وأضاف لعنب بلدي أن “المقاومة الإسلامية في العراق” لم تتبنَّ هذه  الاستهدافات حتى اليوم، في إشاره ضمنيه إلى أن استهدافاتها عبارة عن رسائل سياسيه بأدوات عسكريه تهدف لجس النبض، وتقدير الموقف، بهدف بناء استراتيجياتها المستقبلية بما يتناسب مع المرحله المقبلة.

وأوضح أن المقصود بجس النبض، هو معرفة مدى وقدره الجانب الآخر على الرد وإذا لم يحصل هذا الرد، ستعمل على توجيه ضربات بنطاق أوسع.

وفي 27 من تشرين الثاني 2023، قال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، العميد بات رايدر، إن وكلاء إيران يستغلون “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي مسجل نشره “البنتاجون”، أن وكلاء إيران يحاولون الاستفادة من الحرب في غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة.

وفي حالة العراق وسوريا، تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، بحسب رايدر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.

هل استفادت أمريكا من فترة الهدوء

قبل القصف الجوي واسع النطاق الذي أطلقته الولايات المتحدة في العراق وسوريا، ردًا على مقتل جنودها، كان موقف الولايات المتحدة كالمتفرج على ميليشيات صغيرة مدعومة من طهران تتناوب على إطلاق صواريخ نحو الجنود الأمريكيين في البلدين المتجاورين.

وفي الكثير من هذه الاستهدافات اكتفت الولايات المتحدة بالإعلان عن استهداف قواتها دون الرد، في حين عمدت للرد على بعضها.

اليوم ومع مرور أكثر من خمسة أشهر على الهدوء، لا يعرف شكل رد الفعل من واشنطن، كونها لم تعلن حتى اليوم عن عودة الاستهدافات لقواعدها.

ويعتقد المحلل السياسي مصطفى النعيمي، أن الولايات المتحده استثمرت عامل التهدئه القائم بينها وبين الفصائل المواليه لمحور إيران العامله في العراق، بهدف تحديد المواقع التي تنشط فيها هذه الفصائل ومعرفه قدراتها وبناء الاستراتيجيات المناسبه لمواجهتها، وتحييد القواعد الأمريكيه عن المواجهة قدر الإمكان بما يخدم بقاء قوات التحالف في العراق.

وأضاف النعيمي أن عدم تبني الهجمات من قبل “المقاومة الإسلامية في العراق” يعتبر رساله واضحه على أن الأخيرة تريد الالتزام بتحييد القواعد الأمريكية عن التوتر الحاصل في المنطقة، لكن في الوقت نفسه ترصد الولايات المتحده هذه التحركات، ويمكنها التحديد بدقة من الجهه التي استهدفت قواعدها.

إيران تتنصل

تنصلت طهران بشكل متكرر من مسؤوليتها عن الاستهدافات الموجهة نحو القواعد الأمريكية في وسوريا والعراق، مشيرة إلى أن “مجموعات المقاومة” أو وكلاء إيران كما تسميهم واشنطن، يتمتعون بقرار مستقل.

وسبق أن تحدث سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إرافاني، في تشرين الثاني 2023، عن أن بلاده لم تشارك قط في أي عمل أو هجوم ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.

وجاءت التصريحات التي أدلى بها مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، ردًا على رسالة كتبتها الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن، تتهم فيها إيران بالعمل ضد قواتها في سوريا والعراق، بحسب ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.

وسبق ذلك نفي وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن تكون طهران مسؤولة عن هذه الهجمات المستمرة منذ نحو شهرين.

وبينما تكرر طهران نفي الاتهامات، يردد مسؤولون أمريكيون أن إيران هي المسؤولة عن هذه الاستهدافات، إذ سبق ونقلت وكالة “رويترز” في 20 من الشهر نفسه، عن مسؤولين أمريكيين أن حالة تأهب أمريكي قصوى قائمة تحسبًا لنشاط “الجماعات المدعومة من إيران”.

في اليوم نفسه، قال مسؤولون أمريكيون، إن طائرات دون طيار وصواريخ استهدفت قاعدتين عسكريتين تستقبلان قوات أمريكية في العراق.

في 9 من تشرين الأول 2023، هدد السياسي العراقي هادي العامري، زعيم منظمة “بدر” السياسية والعسكرية المقربة من إيران، الأمريكيين بقوله، “إذا تدخلوا (في التصعيد بفلسطين) فسوف نتدخل، وسنعتبر كل الأهداف الأمريكية مشروعة”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة