أحياء إدلب القديمة.. المياه لا تكفي والصهاريج لا تدخل
يشتكي حاتم من ضعف وصول المياه إلى منزله، وامتناع أصحاب الصهاريج الدخول إلى حيه لشدة ضيقه وصعوبة الخروج منه، ما يمنع توفر المياه في منزله لعدة أيام، وتتحول الإقامة فيه إلى أمر شبه مستحيل.
بالكاد يستطيع حاتم تعبئة نصف خزانه الذي يتسع لسبعة براميل (1400 ليتر) من المياه، وهي كمية لا تكفيه سوى خمسة أيام مع التقنين الشديد، وبعد فراغ الخزان يضطر للبقاء في منزل أخيه لحين عودة المياه إلى الحي القديم في إدلب حيث يقطن.
قال حاتم سليمان، وهو مهجر من الغوطة ويقيم في أحياء إدلب القديمة، إنه في كل مرة يحاول إدخال صهريج مياه لتعبئة الخزان، يرفض أصحاب الصهاريج لأن شوارع الحي ضيقة.
وذكر لعنب بلدي أن المياه تصل إلى الحي مرة كل ثمانية أيام، وغالبًا ما تكون ضعيفة جدًا لا تصل إلى بعض المنازل، خاصة إذا أشعل الجيران مضخات المياه.
وتعاني السيدة رويدة الحسن (54 عامًا) من نفس المشكلة، فهي تقيم في أحياء إدلب القديمة، وقالت إن وصول المياه الحي مرة كل ثمانية أيام لا يكفي.
أرهقت أزمة المياه القاطنين في أحياء إدلب القديمة، الذين عجزوا عن إيجاد حلول لمشكلتهم، ما دفعهم لتقديم شكاوى لمؤسسة المياه في المدينة، وإلى المنظمات الداعمة لمشاريع ضخ المياه، والمطالبة بضخ المياه إلى هذه الأحياء يومين في الأسبوع على الأقل، لكن جميع المساعي باءت بالفشل.
وتضاف مشكلة تهالك التمديدات وقدمها إلى مشكلة نقص المياه، ما خلق حالة استياء عامة بين القاطنين في الأحياء القديمة.
صهاريج لا تدخل
تتميز أحياء إدلب القديمة الواقعة في النصف الشمالي من المدينة بضيق شوارعها وكثرة أزقتها وازدحامها بالمواطنين، وتعتبر من المناطق الحيوية لقربها من أسواق المدينة، ما يجعل حركة مرور السيارات في هذه الأحياء صعبة للغاية.
حركة المرور الصعبة ترغم سائقي السيارات على اختيار طرق أخرى للوصول إلى مقاصدهم، خاصة سيارات الشحن وصهاريج المياه خوفًا من صعوبة الخروج منها.
محمد قويدر سائق صهريج مياه في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن أحياء إدلب القديمة ضيقة، ووقوف صهريج المياه في أحد شوارعها يؤدي لإغلاق الطريق بشكل تام طيلة فترة وقوفه.
كما لا توجد مساحات للاستدارة، وخلال تعبئة المياه قد يتقابل الصهريج مع سيارة أخرى عابرة في الحي، ما يؤدي لعدم إمكانية خروجهما.
وأضاف السائق أن بعض الأحياء مغلقة في نهايتها، وحين الخروج يجبر على الرجوع لمسافة طويلة، لافتًا إلى أن الرجوع للوراء بصهريج أمر صعب للغاية، ويترتب عليه مخاطر.
كما يخشى السائقون من الاصطدام بجدران أحد الأبنية، خاصة أن هذه الجدران متداخلة وليست مستقيمة، مشيرًا إلى رفضه المطلق الدخول في هذه الأحياء مهما كانت الأرباح.
تمديدات مياه قديمة وتالفة
المشكلة الأخرى التي تسبب ضعف وصول المياه هي البنية التحتية المتهالكة للشبكات، وإغلاق العديد من المواسير الفرعية لقدمها وكثرة تجمع الكلس فيها.
يزن الأحمد (38 عامًا) يعمل في التمديدات الصحية في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن عمر شبكات المياه في الأحياء القديمة عشرات السنين، موضحًا أن التمديدات الفرعية للمنازل مغلقة بنسب تتراوح من 50% إلى 80%.
وذكر يزن أن طبيعة المياه في المنطقة كلسية تؤدي لإغلاق شبكات المياه بمرور الزمن، ما يؤدي إلى ضعف وصولها إلى المنازل، وبعضها مغلقة بشكل كامل، لافتًا إلى ضرورة تغيير الخطوط الفرعية للضخ.
“ضعف المياه سببه الهدر”
عملت المؤسسة العامة لمياه الشرب بالتعاون مع منظمات إنسانية ممولة لمشاريع ضخ المياه في المدينة على تقسيم مدينة إدلب إلى ثمانية قطاعات لتزويدها بمياه الشرب، حيث يتم الضخ يوميًا لأحد هذه القطاعات، ويعتبر قطاع السوق أكبرها.
رئيس قسم الدراسات والإشراف في مؤسسة المياه، المهندس جمال ديبان، قال لعنب بلدي إن مياه الشرب تغذي نسبة تصل إلى 98% من الأهالي.
وذكر أن أسباب ضعف وصول المياه لبعض الأحياء هو الاستهلاك المفرط من قبل المحال التجارية من غسيل للتجهيزات والمعدات والأرصفة وصالات المشتركين، ما يؤدي لهدر كبير، لافتًا إلى عدم اهتمام المستفيدين بترشيد استخدام المياه رغم التوصيات المتكررة.
وأضاف المهندس أن المؤسسة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية عملت على زيادة ساعات ضخ المياه، وتشغيل مشاريع داخلية كمناهل لتحسين ضخ المياه منها محطة مياه شارع “ثلاثين” ومحطة مياه “الغزل”.
ورغم متابعة المخالفات المتعلقة بضبط الهدر من قبل المؤسسة، فإن الحل يكمن في توعية المواطنين بترشيد استهلاك المياه، مطالبًا المواطنين بترشيد الاستهلاك وصيانة الأعطال الداخلية في منازلهم.
وتعتبر أحياء إدلب القديمة من الأحياء الفقيرة، ويقطنها العديد من المهجرين لانخفاض قيمة بدل الأجور فيها مقارنة ببقية الأحياء.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :