علي عيد
عندما يقع حدث يتعلق بشخصية رجلًا كان أم امرأة، مثل تسلم قيادة، موت، جائزة، غالبًا ما يقترح الصحفيون في غرف الأخبار كتابة “بروفايل”، بعيدًا عن الأخبار الجافة (Pure news)، ولكن تحت تأثيرها وتأثير الشخصية بها.
ويعرف “البروفايل” الصحفي، أو “البورتريه” (le portrait) بالفرنسية، بأنه “تقرير عرض الشخصية”، وتُعرفه إذاعة “بي بي سي” البريطانية على أنه “تقرير يتضمن سيرة شخصية ما”، وأبرز المحطات والمعالم التي جعلت تلك الشخصية مؤثرة في الأحداث أو متأثرة بها.
يقول رئيس تحرير “لوموند” و”فرانس ويست” سابقًا، الصحفي الفرنسي المعروف إيف آغنس (Yves Agnès)، إن “البروفايل” هو “إحياء شخصية عبر الكلمات” أو الحديث عنها كما لو أننا نعيد رسم حدث ما.
لا يقتصر أمر “البروفايل” على الأشخاص، بل ينسحب على منظمة أو مؤسسة أو تنظيم، فقد نكتب عن مجموعة “فاجنر” الروسية، أو عن مؤسسها وزعيمها، يفجيني بريجوجين، الذي قضى في انفجار طائرة كان يستقلها مع قيادات في المجموعة.
في هذا المقال المتخصص، جمعت لكم من الخبرة والممارسة وقراءة ما كتبه متخصصون بعض المعايير الأساسية والعناصر الضرورية لكتابة تقرير “البروفايل” الصحفي المكتوب أو المرئي.
تتحدث أدبيات “الأجناس” أو “الأنماط” الصحفية عن نصائح ولغة خاصة لتقرير “البروفايل” أهمها:
- ابدأ بمقدمة قوية (Strong Lead)، وتأكد من أنك تجذب القارئ أو المشاهد أو المستمع فيها.
- فرادة وجمال الأسلوب.
- استخدم السرد، فشخصيتك هي قصتك فقم بتطويرها للجمهور.
- استخدام اللغة الرشيقة، والجمل القصيرة والجاذبة.
- ركز على ما هو جديد في قصتك، وما لم يتناوله الآخرون أو يعرفه الجمهور.
- الموضوعية في المحتوى والمعلومات.
- الدقة في الوصف.
- أنت تصف الشخص، فقدم للجمهور تفاصيله وبيئته الواقعية، كما لو أن الجمهور يعيش من خلال الوصف.
- استخدام الاقتباسات.
الاعتماد على شهادات من الشخص نفسه إذا كان على قيد الحياة، وعدم إهمال شهادات لأشخاص على معرفة أو متأثرين بالشخص أو المنظمة التي تكتب قصتها.
- التركيز على الزوايا الجاذبة التي لا تقدمها الأخبار.
- عنوان جاذب يحمل معلومة.
- الابتعاد عن التوصيفات الصعبة، أو تبسيطها إن كان ذكرها ضروريًا.
- كتابة عناوين فرعية في المادة المكتوبة، وعناوين فواصل في المرئي أو المسموع.
- عدم إهمال اللغة الذكية التي تلتقط صفات النكتة أو الحكمة، إن كانت الشخصية تتمتع بتلك الصفات.
يتحدث دارسون ومتخصصون عن عناصر أساسية يجب مراعاتها خلال تناول “البروفايل”، ويقسمها الإعلامي المغربي عبد الوهاب الرامي إلى ثلاثة ملامح، قمت بتوضيحها في المقال وهي:
- الملامح التعريفية، وهي المعلومات الأساسية، إذا كان “بروفايل” شخصيات (مثل الولادة ومكانها، المناصب وتدرجها، الشهادات)، وإذا كان “بروفايل” منظمة أو جهة (تاريخ الإنشاء، مكان النشاط، التركيبة والهرمية، المؤسسون والأعضاء).
- الملامح النفسية في “بروفايل” الشخصيات (سلوك وعادات الشخصية، ماذا تحب وماذا تكره، هل تعرضت لحدث غيّر في نفسيتها أو مسار حياتها).
- الملامح الفكرية في “بروفايل” الشخصيات (كيف تفكّر هذه الشخصية، متشددة، يسار أو يمين، عنيفة)، وفي “بروفايل” منظمة أو جهة (توجهات هذه المنظمة، لمن تخضع فكريًا، عمن تدافع أو من تناهض).
قبل وفي أثناء إنجاز “البروفايل”، يقدم الدارسون وذوو الخبرة بعض النصائح قمت بجمعها وترتيبها واختصار بعضها والإضافة إليها، ومنها:
- التساؤل لماذا هذا “البروفايل”.
- البحث عن كل ما يخص الشخصية أو المنظمة أو الجهة من معلومات.
- إعادة قراءة كل ما تم جمعه ووضع المحاور أو إعداد الأسئلة إن كان سيتم إجراء مقابلات.
- تحديد موعد مع الشخصية إن كانت على قيد الحياة. في “بروفايل” المنظمة أو الجهة، تحديد موعد مع المعنيين بالمنظمة أو المحيطين إذا كان ذلك ضروريًا وممكنًا.
- في المقابلات يجب خلق جو من الثقة، وطلب الإذن إذا لزم التصوير، وعدم إهمال التدوين بالورقة والقلم خلال المقابلة بخلاف التصوير والتسجيل.
أما عن سمات الصحفي الذي يكتب أو يعدّ “البروفايل”، فهي:
- التميز والبراعة في الوصف والصياغة.
- المعرفة الواسعة والاطلاع والمثابرة في البحث.
- دقة الملاحظة، وتشغيل الحواس.
- القدرة على إدارة دفة الحوارات وطرح الأسئلة المفتوحة والمغلقة.
آخر نصيحة أقدمها لزملائي الصحفيين، إذا لم يسبق وأن كتبت تقرير “بروفايل”، اذهب إلى ما كتبه الآخرون ولا مانع في أن تقلدهم من غير أن تنقل أفكارهم دون إشارة إلى ذلك، تعلم بعدها كيف تكسر القالب بخصوصيتك.. وللحديث بقية.