افتتاح على قدر التوقعات.. باهر
عروة قنواتي
ليلة للذكرى تلك التي قضاها عشاق الرياضة في العالم وكل من كانت له رغبة بحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس 2024 بالأداء الباهر والجميل، بالتحضيرات والتجهيزات المميزة، وكما كانت الأمنيات والوعود قبل أربع سنوات بأن يكون الحفل أسطوريًا ومذهلًا، فقد كان. ولا أعتقد بأن استضافة مقبلة للأولمبياد ستستطيع تخطي هذا الحفل في الفترة القريبة، ولن يكون سهلًا قبول التحدي في الاستضافات المقبلة بأن تقارن فورًا مع حفل باريس الذي شهد ولأول مرة بتاريخ الأولمبياد عروضًا خارجية على ضفاف نهر “السين” وفي العديد من شوارع العاصمة باريس، وعلى أسطحة المباني وفي الساحات العامة بجانب “الإليزيه” و”اللوفر”، أي أن الافتتاح لم يكن داخل استاد كبير كما جرت العادة.
رغم كل التحديات الجوية والمناخية والأمنية، نجحت اللجنة المنظمة للأولمبياد في تقديم صورة باريس وفرنسا بالتاريخ الرياضي الأولمبي على مستوى الحدث وبما يتجاوز التوقعات والتحليلات، نعم لقد هطلت الأمطار، والتحديات الجوية والمناخية كانت حاضرة، لكن إصرار المنظمين والمنفذين والمهتمين كان أكبر، لتكون ليلة 26 من تموز من ليالي باريس الجميلة، صورة خالدة في الأولمبياد والتاريخ.
شخصيات مهمة فنيًا وسياسيًا ورياضيًا كانت على أهبة الاستعداد ومنذ عدة أيام لإطلاق شغفها في حفل الافتتاح، فكما ظهر الفنان العالمي مستر بين في أولمبياد لندن إلى جانب جيمس بوند، وكما أطلق الراحل محمد علي كلاي شرارة الشعلة الأولمبية في أتلانتا 1996، وكما حضر الراحل بيليه الجوهرة السوداء في أولمبياد ريودي جاميرو، كانت سيلين ديون التي صارعت وتصارع المرض في الليلة العظيمة، وكان النجم المشع زين الدين زيدان، وكان سيد “التنس” العالمي في السنوات الماضية رافائيل نادال مع النجمة سيرينا ويليامز وعشرات الرياضيين النجوم في رحلة حمل الشعلة الأولمبية بمشهد تتباهى فيه باريس أمام العالم لإشعال أكبر مرجل عرفته الألعاب الأولمبية في تاريخها حتى اليوم.
لا تستطيع كسب التحدي من خلال التجهيزات والاستعدادات والأنظمة والقوانين واللوائح فقط، عليك أن تكون بكامل إصرارك لتجاوز الموانع والصعوبات والمطبات التي قد تظهر بين لحظة وأخرى، بين ليلة وضحاها، ولربما كان أبناء باريس في الحقل التنظيمي يأملون بصورة أفضل وأكبر من خلال حفل الافتتاح، لكن ما قُدّم يصعب تخطيه ويتجاوز النقد والهدم والهجوم، في ليلة سحرت العالم وأفرحت جماهير الرياضة وكل من أحب الرياضة والإنسانية في يوم ما.
بداية العرب والمنتخبات العربية كانت مشجعة في كرة القدم التي تسبق منافساتها كما العادة حفل الافتتاح بعدة أيام، فقد فاز المغرب على الأرجنتين في مباراة سيظل صداها التحكيمي الجدلي غير المقنع لسنوات طويلة، كما انتصر العراق على أوكرانيا بأسلوب الكبار، واكتفى فراعنة مصر بالتعادل المخيب للآمال مع الدومينيكان. لا بد للعرب من خلال ظهورهم الأول أن يجتاحوا منصة التتويج بعد غياب، لربما لا تكون الذهبية، فالمنافسون عليها أكدوا حضورهم أيضًا، لكن للفضية والبرونزية طعمًا مميزًا أيضًا.
شكرًا باريس 2024، كانت ليلة السحر والعظمة، وكانت صورة للذكرى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :